في العام الماضي ومع تفشي جائحة كورونا العالمية، أصبح تحليل PCR (بي سي آر)، مألوفًا تقريبًا لدى الجميع. فما هذه التقنية؟ وما قصة اكتشافها؟ وما التحديات التي واجهتها في البداية؟
في ثمانينات القرن الماضي، طرأت في ذهن عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي كاري موليس فكرة فصل المادة الوراثية (الحمض النووي (DNA من الخلايا ثم نسخها ملايين المرات، حتى يسهل دراستها واستخدامها في شتى مجالات البحث العلمي وفي الكشف عن الأمراض. ويمكن فصل الحمض النووي من خلايا الإنسان، أو الحيوان، أو البكتيريا، والفيروسات، أو النباتات.
Source.
رغم رفض اثنتان من كبرى الدوريات العلمية العالمية نشر بحث كاري موليس عن هذه التقنية، إذ لم يقتنع محكميها بصحة الفكرة الجديدة، إلا أنها لاقت نجاحًا بعدها بالفعل، بل ومنحته شركة التكنولوجيا الحيوية التي كان يعمل بها مكافأة قيمتها عشرة آلاف دولار. ولكن بعدها بعام، باعت الشركة الاختراع نفسه إلى شركة أخرى بقيمة ثلاثين مليون دولار، ولم يحصل منها كاري على شيء! وبعدها بسنوات، في عام 1993، حصل كاري موليس على جائزة نوبل مناصفةً مع مايكل سميث عن اختراعه الذي عُرف باسم تفاعل البوليمرز المتسلسل Polymerase Chain Reaction (اختصارًا PCR).
كانت هناك عقبة شديدة في بادئ الأمر، وهو أنه حتى يتسنى تضاعف DNA بواسطة جهاز PCRلابد من استخدام إنزيم ليحدث التفاعل تمامًا كما يحدث طبيعيًّا عند تضاعف DNA في أجسام جميع الكائنات الحية. ولكن العقبة أن الإنزيمات مثل أي مادة بروتينية، يحدث لها عملية «تغير الطبيعة البروتينية» Denaturation عند تعرضها لدرجة حرارة مرتفعة فتتلف؛ ودرجة الحرارة في أثناء عمل الجهاز تصل تقريبًا إلى 80 درجة مئوية، وهي درجة لا تسمح بحياة الكائنات الحية ولا ببقاء المواد البروتينية أو الإنزيمات على طبيعتها.
وجد الحل في في متنزه يلوستون الوطني في مونتانا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث اُكتشفت بكتيريا تعيش في المياه الساخنة ولا تتأثر إنزيماتها وتم عزلها. واستُخدم إنزيم بوليمرز الـمُسْتَحِرّة المائية Taq polymerase، المفصول من بكتيريا الـمُسْتَحِرّة المائيةThermus aquaticus في تقنية PCR ولم يتأثر بدرجة الحرارة، وهكذا تغلب على تلك العقبة.
License details
Creator: Domenico Salvagnin
Copyright: Creative Commons Attribution 2.5
بالعودة إلى استخدام تقنية PCR في الكشف عن مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) وتشخيصه، فإنها تُعد أدق وسيلة؛ إذ يُكشف فيها عن المادة الوراثية لفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19 عن طريق أخذ مسحة من سائل الأنف أو الحنجرة. وإذا أُجري التحليل في مكان أخذ العينة نفسه، من الممكن أن تظهر خلال فترة وجيزة، ولكن إذا أُرسل إلى مختبر خارجي قد تظهر خلال عدة أيام. وتتميز اختبارات تفاعل البوليميرز المتسلسل بأنها دقيقة جدًا إذا أُجريت بشكل صحيح.
في 7 أغسطس 2019، توفي كاري موليس مخترع تقنية PCR ووضعت الدوريات العلمية التي رفضت منذ عقود نشر بحثه صورته على أغلفتها كشخص أهدى البشرية اختراعًا من أعظم الاختراعات المستخدمة وما زالت تستخدم في الكشف عن الأمراض ولأغراض علمية أخرى كالتعرف على أنواع البكتيريا، وإثبات الأبوة، وفى مجال الطب الشرعي.
المراجع
mayoclinic.org
nature.com
ncbi.nlm.nih.gov (1)
ncbi.nlm.nih.gov (