لا أعرف..
هل هي الأمنيات من تطارد الخيال .؟
أم هو الهُيامَ الذي يسوق الذاكرة ..
نحو خبايا الروح المتعلقة بالجادات العتيقة والليالي الخافتة .؟
كثيراً مايترائى لي ذلك الدَهم الممتلئ..
حين يطأطئ القمر ضيائه لمواكب الغمام
لتبدو السماء كمضمارٍ تتسابق فيه الخيول المجنحة والنسور المتوهجة ..
وكأنها تسوق بأجنحتها ريحاً دافئة نحو سحب باردة..
فيتساقط منها غبشاً دبقاً...
ينزل فوق أواني معلّقة على رؤوس الآس
وفوق أوراق الكالبتوس المحاذية لفناءات تملؤها حشائش برية رطبة
فرغم تناثر قطرات الغبش العجيب .
مازالت حبات الرمل المتطايرة وكأنها الدبابير تجول المكان
ومازال رونق أضواء المصابيح
التي توائَمَتْ وواقع ليلة بنفسجية
وكأنها يراعات مضيئة
مشيت بأستكانةٍ حتى وصلت لذروة المشهد..
ووجدت نفسي منزوياً في مربعٍ أخضر
ومن حولي تقف أسواراً تليدة..
إزاء بوابة مشرعة أشبه بخطِ شروعٍ
لرحلةٍ هائلة إلى عالمٍ آخر
كنت مقشعرّاً طول الوقت
فحفيف الأشجار ورذاذ المطر ..
جعلاني أن لاأتهيّب ذلك الفراغ الممتلئ عنفواناً
وجعلاني مشغوفاً أن أمشي مسرعاً
بين جادات عتيقة..
ومشاهد اعرف تفاصيلها جيداً
فكلّما تقدمتُ خطوة ..
يراودني الشعور بالندم ممزوجاً باللهفة
للعودة لنفس المكان الذي غادرته تواً
لأبدأ منه مجدداً
فعطرِ الأماكن بدا مختلفا عن بعضه البعض..
كما الأحاسيس وملامح الأشياء التي كانت تمتاز بالخصوصية والتفرّد
لم يكن يعتريني الملل أبداً..
لتكرار نفس المشاهد السابقة أمامي
بل كنت أمتاز بسعادة مفرطة..
وميل لايحاذيه آخر..
من البقاء في بوتقة ذكريات قصصٍ سالفة