جمجمة الموزاصور من نوع بلوريدينس سيربينتيس المكتشف بالمغرب
في دراسة علمية جديدة، توصل فريق دولي من الباحثين لاكتشاف نوع جديد من السحالي البحرية بمدينة خريبكة وسط شمال المغرب أطلق عليها "بلوريدينس سيربينتيس" (Pluridens Serpentis) ونشرت نتائج هذا الاكتشاف في المجلة العلمية "كريتاشيوس ريسورش" (Cretaceous Research).
يقول نور الدين جليل الباحث المشارك بالدراسة العلمية من مركز البحوث في علم الأحافير(باريس) ومتحف التاريخ الطبيعي بجامعة القاضي عياض بالمغرب -للجزيرة نت- عبر البريد الالكتروني "إنه اكتشاف جميل للغاية مثل اكتشاف أي حفريات جديدة يسمح لنا بوصف نوع جديد والمساهمة في معرفة أفضل للتنوع البيولوجي في الماضي".
ويضيف "هذا الاكتشاف يعد أكثر جمالًا لأنه يتعلق بإثراء التراث الوطني لأنوع جديدة من الزواحف البحرية المذهلة التي عاشت في العصر الوسيط عندما كانت الديناصورات الكبيرة لا تزال موجودة، ويذكرنا هذا الاكتشاف الجديد بأهمية التراث الأحفوري الوطني".
ثالث نوع يكتشف بالمنطقة
ضم فريق البحث الذي أجرى الدراسة كلا من نيكولاس لونجريتش من قسم الأحياء والكيمياء الحيوية بجامعة باث University of Bath بالمملكة المتحدة، ناتالي بارد من مركز البحوث في علم الأحافير بجامعة السوربون Sorbonne University بفرنسا، فاطمة خلدون أسامة، وخديري يازمي من المكتب الشريف للفوسفات بالمغرب، نور الدين جليل الباحث بمركز البحوث في علم الأحافير بفرنسا ومتحف التاريخ الطبيعي في جامعة القاضي عياض بالمغرب.
وجاء في البيان الصحفي الذي نشرته جامعة باث بالمملكة المتحدة "الموزاصور المغربي العملاق من نهاية العصر الطباشيري، يصل طوله إلى 8 أمتار، وهو ثالث نوع جديد يتم وصفه بالمنطقة في أقل من عام، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى ما لا يقل عن 13 نوعا".
ويعود جليل في حديثه للجزيرة نت بالقول "يؤكد هذا الاكتشاف الجديد للمجتمع العلمي أن الفوسفات المغربي هو المعيار لدراسة تنوع الحياة بهذا الوقت الحاسم في تاريخ الحياة على الأرض" ويُظهر التنوع الكبير للحيوانات كيف ازدهرت الموزاصورات.
الموزاصور نوع من السحالي البحرية العملاقة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأفاعي وتنانين كومودو الحالية (الجزيرة)
ويضيف أن الموزاصور نوع من "السحالي البحرية العملاقة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأفاعي وتنانين كومودو الحالية عبر الملايين من السنين الأخيرة من العصر الطباشيري، قبل القضاء عليها من جراء تأثير كويكب عملاق قضى على حوالي 75% من جميع الأنواع على الأرض".
ما لا يعرف الجمهور عن موقع الاكتشاف
بالنسبة لعامة الناس وأغلبية المغاربة، فإن الفوسفات المغربي يستحضر كأهمية اقتصادية فقط، لكن فوسفات المغرب يحتوي على ثراء آخر غير معروف لعامة الناس، وله أهمية كبيرة لأنه مرتبط بذاكرة الأرض حسب الباحث جليل.
ويضيف الباحث في علم الأحافير "قد يكون عامة الناس مهتمين بمعرفة أن فوسفات المغرب قد تشكل منذ حوالي 72 ميلون سنة، نهاية حقبة جيولوجية تسمى العصر الطباشيري وأن هذا التكوين الفوسفاتي استمر حوالي 24 إلى 26 مليون سنة".
ويقول الباحث أيضا "سيكون من الغريب معرفة أن نشأة الفوسفات هذه قد تشكلت في بيئة بحرية وأن جميع مناطق المغرب حيث يوجد الفوسفات اليوم مغطاة ببحر داخلي ضحل، مثل الصخور الرسوبية الأخرى، حيث يترسب الفوسفات في طبقات متتالية مثل صفحات الكتاب، وقد حافظت على ذاكرة الأرض إلى جانب الرواسب".
مميزات الكشف العلمي
وحسب البيان الصحفي لفريق البحث "الأنواع الجديدة المسماة بلوريدينس سيربينتيس، لديها فك طويل ونحيل مع أكثر من مئة سن حادة تشبه الأنياب للاستيلاء على فريسة صغيرة مثل الأسماك والحبار، بالمقارنة مع الأنواع ذات الصلة، فإن عيونها كانت صغيرة، مما يشير إلى ضعف الرؤية لديها".
ويوضح جليل -في حديث للجزيرة نت- أكثر "عادةً، عندما تكون الحيوانات ذات العيون الصغيرة أكثر اعتمادًا على الحواس الأخرى، وحقيقة أن بلوريدينس سيربينتيس بها الكثير من الأعصاب في أنفها قد تعني أنها كانت تستخدم التغييرات في ضغط الماء لاكتشاف الحيوانات في ظروف الإضاءة المنخفضة، إما في الليل أو الظلام الدامس تحت الماء".
بلوريدينس سيربينتيس لديها فك طويل ونحيل به أكثر من مئة سن حادة للقبض على الفرائس
وفي البيان الصحفي، يقول الدكتور نيك لونجريتش كبير المحاضرين في مركز ميلنر للتطور بجامعة باث، قائد فريق البحث "إذا لم تكن تستخدم العيون، فمن المحتمل جدًا أنها كانت تستخدم لسانها في الصيد مثل الأفاعي".
وحسب الدراسة العلمية فإن معظم الأنواع المرتبطة بها كانت صغيرة، بالكاد يبلغ طولها بضعة أمتار، حيث نمت البلوريدينس بشكل كبير، ووصل طولها إلى 8 أمتار، وكان لدى أكبر الأفراد حجمًا فك سميك بني.
ويمكن الافتراض أن الذكور كبيرة الحجم ستقاتل بفكيها، كما هو حال بعض الحيتان المنقارية التي يمتلك ذكورها فكًا ضخمًا تقاتل به، ويدعم هذه الفرضية وجود جروح ندوبية على بعض فكي بلوريدينس سيربينتيس.
ويواصل الباحث جليل حديثه للجزيرة نت "الفوسفات المغربي مصدر غير عادي للبيانات عن التنوع البيولوجي في الماضي، ففي أقل من عام تم وصف 3 أنواع من الموزاصور، ونوع واحد من الديناصورات، ونوع واحد من الكويلاكانث، (مما يوضح) ما يقرب من 26 مليون سنة من تاريخ الحياة على الأرض.
ويختم بالقول "مثل صفحات الكتاب، يمكن لكل أحفورة أن تجلب عناصر جديدة لكتابة هذه القصة بشكل جيد، ومعرفة أفضل لأنواع معروفة بالفعل، ووصف لنوع جديد، وتحليل أفضل للعلاقات التطورية بين الكائنات المنقرضة، ومعرفة أفضل عن بيئتها وأنظمتها البيئية وما إلى ذلك، إن أحواض الفوسفات الرسوبية في المغرب بعيدة كل البعد أن تسلم لنا كل أسرارها".