السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع اليوم هوه الجار وحقوقه
لقد أولى الإسلام مسألة الجار والجوار أهمية كبرى حيث أوجب له حقوقا وواجبات قد يعجب الإنسان من كثرتها وتحتاج منه إلى عناية حتى يتمرس عليها وما ذلك إلا حرصا من الشريعة على إحياء روح الترابط بين أفراد المجتمع الإسلامي الواحد وتأكيداً منه على توثيق عرى التواصل بين أفراده.
فقد ذكر إمامنا السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق، حقاً مستقلاً للجار وقد وردت الكثير من الروايات التي تحث على أداء حقوقه وقد ذكر الله الجار في كتابه العزيز حيث قال: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ﴾
وقد روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "(حرمة الجار على الإنسان كحرمة أمه)"
ولشدة ما كانت الوصية بالجار تتنزل على رسول الله‏ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "(مازال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه فمن قصر في حقه عداوة أو بخلا فهو آثم)"
وأعد الدين الإسلامي الجار بمن يقرب من منزل الإنسان بأربعين داراً من كل الجهات.
وقسم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الجيران لثلاثة أقسام بحسب حقوقهم.

فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "الجيران ثلاثة، فجار له ثلاث حقوق وجار له حقان وجار له حق واحد، فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم القريب، فله حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام، والجار الذي له حقان فهو الجار المسلم فله حق الإسلام وحق الجوار، والجار الذي له حق واحد، الكافر فله حق الجوار".
وهذا تنبيه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لنا في أن لا نتهاون حتى في مسألة الجار الكافر فإن التعامل مع الجار الكافر بأخلاق الإسلام مقرب له من الإسلام وقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وجاره اليهودي الذي كان يرمي القمامة يومياً قرب منزله فافتقده يوماً فزاره وكان اليهودي مريضا فأسلم اليهودي لما رأى من أخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحسن مجاورته له.

ونستنتج من خلال مراجعتنا لأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام أن للجارحقوقا كثيرة نذكر بعضا منها:

1- حفظه غائباً
ينبغي للمسلم أن يحفظ جاره خصوصا في غيابه فيحفظه من ألسن الناس ويدافع عنه أمام من يغتابه أو ينم عنه.
2- إكرامه حاضراً
فمن حق جارك حال وجوده بجوارك أن تعامله برحابة الصدر وبشر الوجه وأن لا تكون عليه ثقيلاً وتكرمه وترفع من مقامه وشأنه .
3- نصرته مظلوماً
إن نصرة المظلوم هي من صفات المؤمن الملتزم فمن حق جارك عليك أن تنصره في حالة الإعتداء عليه وظلمه منقبل الآخرين ولا سيما إذا كان من المؤمنين، فتغيثه مما ألم به من نائبات الدهر ومظالم أهل البطش والسطوة.

4- نصحه فيما يهمه
فإن النصيحة من المؤمن لأخيه تشعره بالإهتمام به وبالرعاية الخاصة له، ولكن النصيحة لا بد وأن تكون بشروطها الأخلاقية فلا ينبغي للمؤمن أن ينصح أخاه أمام الآخرين أو بلغة استعلائية.
5- مواساته
تعتبر المواساة من ركائز المجتمع الإسلامي التي توثق عرى العلاقات بين أفراده ولذا أكدت الروايات على أهمية المواساة ولا سيما بين الجيران فمن حق الجار أن تفرح لفرحه إذا زوج ولداً أو أقام وليمة أو رزق بطفل وكذا لا بد من أن تحزن لحزنه إذا فقد عزيزاً أو حبيباً، ومن حقه أن تزوره إذا مرض لتخفف عنه الهم والألم.
6- الصفح عنه
ومن حق الجار عليك أن تصفح عنه وتقيل عثرته إذا جائك معتذرا فإن رد العذر من لؤم النفس ويدل على تكبر فاعله وقد ورد في رسالة الحقوق، في حق الجار: " وتقيل عثراته وتغفر ذنبه
7- إقراضه إذا طلب
إن مسألة استحباب الإقراض من أهم المسائل التي تضمن التكافل بين المؤمنين فبالقرض يخف العب‏ء الإقتصادي عن الفقراء ولذا جعل استحباب أن يقرض الإنسان جاره إذا جائه مقترضاً.
8- عدم الإطلاع على سره
من مكارم الإخلاق أن يرعى الإنسان خصوصية أخيه وجاره المسلم فلا يرسل بصره يميناً وشمالاً بحثاً عن أموره الشخصيه والخاصة به ولا يختلس النظر والسمع إلى داره بل يكون مصداقاً لقول الشاعر:


أعمى إذا ما جارتي برزت حتى يواري جارتي الخدر

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ولا تستطل عليه بالبناء لتشرف عليه وتسد عليه الريح إلا بإذنه.
فإن في ذلك مضايقة له وحداً من حريته وانتهاكا لخصوصيته.
9- عدم الأذية
وحرمة أذية المؤمن فضلا عن الجار القريب من الكبائر بل من اكبر الكبائر ويكفي من ذمها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله
10- عدم البخل بالطعام
ومن حق الجار إذا طبخت أن ترسل وكانت رائحة الطعام تصله أن ترسل له من الطعام.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نهدي الجار الفاكهة إذا أتينا بها إلى المنزل وإن لم نستطع أن نهديه منها فلابد أن ندخلها سراً حتى لا يرانا ويكون غير قادر على شرائها ونحترس من أن يرى أولاده أولادنا يأكلون منها.

روي عنه‏ صلى الله عليه وآله وسلم:
"وإن اشتريت فاكهة فأهد له منها وإلا فأدخلها سرا، لا يخرج ولدك بشي‏ء يغيظون به ولده، هل تفقهون ما أقول لكم، لن يؤدي حق الجارإلا القليل ممن رحم الله
قد عرفنا حقوق الجار ونسأل الله أن يعيننا على أدائها وبقي علينا أن نعلم بآثار حسن الجوار في الدنيا والآخرة


1- زيادة العمر
فعن الإمام الصادق عليه السلام:
"حسن الجوار زيادة في الأعمار..

2- زيادة الرزق
فعن أمير المؤمنين عليه السلام:
"حسن الجوار يزيد في الرزق.

3- عمران الديار
وعمران الديار زيادة البركة فيها والتوفيق لساكنيها وحصول الخير لديهم.

فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "
حسن الجوار يعمر الديار ويزيد في الأعمار.