الحرة / خاص - واشنطن
منصب رئيس الجمهورية يعود تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب
لا يزال ملف انتخاب رئيس جديد للعراق ضبابي في ظل استمرار الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني) على ترشيح مرشح واحد يحظى بقبول الطرفين كما جرت العادة في جميع الدورات الانتخابية السابقة.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة رئاسة مجلس النواب.
يتنافس 25 مرشحا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، لكن المرجح أن تنحصر المنافسة فعليا بين وزير الخارجية السابق القيادي في الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري وبين الرئيس الحالي برهم صالح، الذي ينتمي للاتحاد الوطني الكردستاني.
خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت حدة الخلافات بين الحزبيين بعد أن أصر كل منهما على المضي قدما بتقديم مرشحه، لكن إعلان القضاء العراقي تعليق ترشيح زيباري نتيجة شبهات فساد، عقد الموقف أكثر.
ولحل هذه الإشكالية، تم الإعلان عن عقد اجتماع وصف بـ"المهم" بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في منتجع صلاح الدين بأربيل، الخميس.
حتى ساعة إعداد هذا التقرير لم ترشح أية معلومات من الاجتماع، لكن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد قاسم أبدى تفاؤله بإمكانية خروج المباحثات مع الاتحاد الوطني بنتائج طيبة.
وقال قاسم لموقع "الحرة "نأمل أن يكون هناك توافق وخطوات للتفاهم بما يسهم في وحدة الصف الكردي، مع وجود مرشح واحد متفق عليه من الجانبين".
وأضاف قاسم أن "رئاسة الجمهورية ليست محصورة بحزب معين، وإنما هي من استحقاق الكرد، والشخصية التي يتم ترشيحها يجب أن تكون مقبولة من جميع الأحزاب الكردية بالإضافة للقوى السنية والشيعية".
وكشف قاسم أن هناك عدة خيارات مطروحة لحل المشكلة ومنها "تقديم مرشح متوافق عليه من خارج الحزبين، أو تقديم مرشح احتياط عن زيباري أو أن يقدم كل حزب مرشحه".
وأشار قاسم إلى أن "الطرفين يهمهما جدا وحدة الصف الكردي، وبالتالي فإن الاتفاق على مرشح واحد بديل عن أحد المرشحين الحاليين (زيباري وصالح) هو السيناريو الأقرب".
ولم يرد متحدثون باسم الاتحاد الوطني الكردستاني على الاتصالات الهاتفية المتكررة لموقع "الحرة" للتعليق على اجتماع بارزاني-طالباني.
وكان أعضاء في الاتحاد الوطني أكدوا أن الذهاب إلى المعارضة أمر وارد، في حال لم يحصل التوافق مع غريمهم الديمقراطي الكردستاني.
وقالت النائبة عن الاتحاد، سوزان منصور، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية إن "مرشح الاتحاد الوطني الوحيد لغاية الآن هو برهم صالح، ولا يوجد لدينا آخر".
وأضافت، أنه "يجب ألا يؤثر هذا القرار على الاتحاد في ما يخص اختيار المناصب داخل إقليم كردستان".
ولفتت إلى أن "توجه الاتحاد الوطني، إلى المعارضة ليس إجباريا، ولكنه وارد جدا".
وتأجل انتخاب رئيس للجمهورية إلى إشعار آخر الإثنين بعد تعذر اكتمال النصاب خلال جلسة لمجلس النواب إثر سلسلة المقاطعة التي اعلنتها مسبقا الكتل السياسية وأبرزها الكتلة الصدرية.
وكان مجلس النواب العراقي دعي إلى الالتئام الاثنين لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن المواقف الصادرة عن كتل برلمانية ونواب أعلنت مقاطعة الجلسة أدت الى عدم اكتمال النصاب.
وبناء على دعوى مقدمة من أربعة نواب، قررت المحكمة الاتحادية العراقية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، الأحد "إيقاف إجراءات انتخاب زيباري مؤقتا لحين حسم دعوى" رفعت بحقه تتصل باتهامات بالفساد موجهة إليه.
ورأى رافعو الدعوى أن زيباري، أحد أبرز الوجوه السياسية الكردية في العراق خلال حقبة ما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لا يلبي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون "حسن السمعة والاستقامة"، بحسب نسخة عن نص الدعوى وقرار المحكمة اللذين نشرتهما وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وعدّد هؤلاء أسبابا مساندة، منها قرار البرلمان سحب الثقة من زيباري عام 2016 حين كان وزيرا للمالية، على خلفية "اتهامات تتعلق بفساد مالي وإداري".
كما تطرقت الدعوى الى قضيتين أخريين على الأقل يرتبط بهما الوزير السابق البالغ 68 عاما، لا سيما خلال فترة توليه وزارة الخارجية.
وتحدث المتقدّمون بالدعوى عن وجود "قضية أخرى" على خلفية قيام زيباري "باستغلال نفوذه وسلطته من خلال صرف مبالغ طائلة على عقار لا يعود الى الدولة".
وكانت كتلة الصدر تدعم زيباري. وأعلنت مقاطعتها الجلسة قبل صدور قرار المحكمة. ويقدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنه رأس الحربة ضد الفساد في العراق، ولا شك أن الشبهات حول زيباري من شأنها إحراجه. ودعا الصدر الى التوافق على مرشح رئاسي.
مساء الأحد، كشف "تحالف السيادة" الذي يضم 51 نائبا بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو حليف للتيار الصدري، مقاطعته الجلسة. كما أعلنت كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني التي ينتمي اليها زيباري والمؤلفة من 31 نائبا مقاطعتها "لمقتضيات المصلحة العامة وبهدف استكمال المشاورات".
وحددت المحكمة الاتحادية، الأربعاء، يوم الأحد المقبل موعدا للمرافعة بشان الدعوى المقامة ضد قبول ترشيح زيباري.
ويرى المحلل السياسي الكردي شيروان شمراني أن "قرار المحكمة الاتحادية المتعلق بإيقاف ترشيح زيباري دفع الجانبين إلى الجلوس معا للتوصل الى توافق".
يقول شمراني لموقع "الحرة" إن "حل الأزمة يكمن بتنازل الاتحاد عن ترشيح برهم صالح، لكن هذا الحل أيضا يحتاج لموافقة تحالف السيادة (سني) والتيار الصدري (شيعي)".
ويضيف أن "تراجع الحزب الديمقراطي عن زيباري أمر صعب، وبالتالي قد يحاول تعويض الاتحاد بمناصب أخرى مع الإبقاء على زيباري، ومنها منصب وزارة الخارجية ونائب رئيس الوزراء ومحافظ كركوك مقابل منحه رئاسة الجمهورية".
وينص الدستور العراقي على انتخاب رئيس الجمهورية في غضون 30 يوما من انتخاب رئيس البرلمان، الذي تم في التاسع من يناير.
وبحسب قرار المحكمة الاتحادية الأخير، تحتاج جلسة انتخاب الرئيس حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329 نائبا، وكذلك موافقة الثلثين لتمرير اسم المرشح.