يفضل الناس مجتمعًا مستقرًا – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
A SIMPLE(R) WAY TO EXPLAIN SOCIAL STABILITY
“Humans prefer a stable society”
(مجمع علوم التعقيد في ڤيينا – (CSH) Complexity Science Hub Vienna)
الطيور على أشكالها تقع.، وهذا ما يجعل المجتمعات مستقرة.
يفضل الناس علاقات مستقرة ويحبون تجنب التوترات الاجتماعية [وهي الاحساس بالضغط النفسي المتأتي من التفاعل الاجتماعي]. يستخدم علم الاجتماع حتى الآن مفهومين لوصف رغبة الناس للاستقرار الاجتماعي هذا، وهما نظرية التوازن (الاجتماعي) ونظرية الهوموفيليا (أي “الطيور على أشكالها تقع” 1).
يقترح باحثون من مجمع علوم التعقيد (2) في ڤيينا (Complexity Science Hub Vienna – اختصارًا CSH) في الوقت الراهن مقاربةً أبسط. لقد استطاع الباحثون اختزال ظهور المجتمعات المستقرة إلى أحد المفهومين وحدهما: مفهوم الهيموفيليا، أو رغبتنا للتفاعل مع أشخاص مشابهين لنا. بيَّن الباحثون لاحقًا أن التوازن الاجتماعي يجاري ذلك تلقائيًا وأُثبتوا هذه الحقيقة ببيانات من اللعبة الانترنتية (Massive Multiplayer Game Pardus). نشرت الدراسة في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) (انظر 3).
شكل الثالوث الاجتماعي المتوازن وغير المتوازن: تمثل الخطوط الحمراء علاقات ودية وتعاونية بين الأشخاص، بينما تمثل الخطوط الزرقاء روابط سلبية أو عدائية. عادة ما يتعامل البشر بشكل أفضل مع العلاقات المتوازنة ، أي عندما يتوافق الأشخاص الثلاثة في المثلث مع بعضهم البعض جيدًا (المثلث 1) ، أو عندما يلاحظ شخص واحد (i) على علاقة جيدة مع شخص ثانٍ (j) وعلى علاقة سيئة مع شخص ثالث (k) أن j و k يكرهان بعضهما بعضًا أيضًا (المثلث 2). ما يكره الناس هو عندما لا ينسجم صديقان مع بعضهما (المثلث 3). تظهر الأدلة التجريبية أن العلاقات الاجتماعية غير المتوازنة أكثر ندرة في المجتمعات من العلاقات المتوازنة.
كيف ينشأ التوازن الاجتماعي؟
“لتوضيح مدى الابداع الذي تنطوي عليه هذه الورقة ، علينا أن نتوسع في نظرية التوازن الاجتماعي أولاً” ، كما يقول ستيفان. وصفت نظرية التوازن الاجتماعي (SBT) ، التي طرحها عالم الاجتماع النمساوي فريتز هايدر (Fritz Heider) في عام 1946، العلاقات الشخصية بين ثلاثة أشخاص.
يفضل الناس المجتمع المستقر
وفقًا لهذه النظرية ، يأخذ الناس في الاعتبار معلومات ثلاثية الأطراف (ثالوث) قبل أن يكوِّنوا (أو يغيروا) علاقاتهم الاجتماعية: وفقًا لـ (SBT) ، ثلاثة أشخاص مرتبطون ببعضهم يشكلون أضلاع مثلث يمكن تسميته بالثالوث المتوازن أو الثالوث غير المتوازن، اعتمادًا على الإعجاب وعدم الإعجاب بين هؤلاء الأفراد الثلاثة. مثال على المثلث المتوازن ، عندما تكون آنا (Ana) معجبة ب بيرت (Bert) ، وبيرت معجب بكورينا (Corrina)، وكورينا معجبة ب آنا. ولو كانوا يكرهون بعضهم بعضًا، فإن المثلث سيكون غير متوازن. “ومع ذلك، نعتقد أن الأمر أكثر تعقيدًا بكثير بالنسبة للناس لأن يفكروا بالطريقة الثالوثية طوال الوقت” ، كما يشير توان (Tuan).
الهيموفيليا (يسار) والهيتروفيليا (يمين)
نحو مجتمع متوازن – عبر الهيموفيليا
بدلاً من ذلك ، حاول الباحثون معرفة ما يحدث عندما طبقوا مفهوم الهيموفيليا وحدها. “بالنسبة لنظريتنا، افترضنا أن الأشخاص يحاولون التخفيف من الضغوط الاجتماعية التي يتعرضون إليها؛ ولعمل ذلك، يفضلون التفاعل مع أشخاص معجبون بهم. قد يختارون شخصًا ما ليصبح صديقًا لأن لديه نفس الرأي أو الديانة أو التعليم، على سبيل المثال ، “يقول توان: استنادًا إلى التفاعلات الهيموفيلية بين شخصين، فقد أنتجت المحاكاة الحوسبية مجتمعًا منظمًا تنظيمًا ذاتيًا بشكل جذاب تقريبًا نحو مزيد من الاستقرار”. “بدأ المجتمع تمامًا كمجتمع يجاري نظرية التوازن الاجتماعي ، ولكن دون أن يضطر الأشخاص إلى التفكير بالطريقة الثالوثية”.
لاختبار هذه الفرضية، استخدم الباحثون بيانات من اللعبة الانترنتية (Massive Multiplayer Online Game Pardus) المجانية. في عالم باردوس (Pardus) المستقبلي، يتفاعل حوالي 100 ألف لاعب اقتصاديًا واجتماعيًا مكانيًا، ويكوِّنون صداقات، ويتعاونون أو يتنافسون ويتخذون أصدقاء ويقاتلون الأعداء. منذ أن انطلقت اللعبة على الإنترنت في عام 2004، قام الباحثون بتسجيل كل تفاعل من التفاعلات التي جرت بين اللاعبين؛ باشتراكهم في هذه اللعبة، يوافق هؤلاء المستخدمون على إمكانية استخدام البيانات للأغراض العلمية.
“لقد أثبتنا بالفعل في العديد من الدراسات أن اللاعبين يتصرفون على الإنترنت تمامًا كما يتصرفون في الحياة الواقعية” ، كما يقول ستيفان. “وهذا يجعل من بارادوس (Pardus) مصدرًا رائعًا من مصادر للبيانات لدراسة تكوين الجماعات والديناميات الاجتماعي”.
في خطوة أخرى، يخطط الباحثون لاختبار النتائج التي توصلوا إليها باستخدام بيانات من تجربة اجتماعية كبيرة على الإنترنت تمت متابعتها مع ميرتا غاليسيك، عضوة هيئة التدريس الخارجي في مجمع علوم التعقيد (CSH) من معهد سانتا في (Santa Fe Institute).
“في الفيزياء، نفضل المعادلات الفيزيائية البسيطة – نسميها المعادلات الجميلة” ، يقول ستيفان. “في هذه الورقة بينّا التفاعلات المعقدة بين الناس بطريقة بسيطة للغاية كما يبدو. الهيموفيليا كقوة دافعة للتوازن الاجتماعي والاستقرار. أود أن أقول ، هذا فهم جديد جميل بالفعل في علم الاجتماع”.
يرى باحثو مجمع علوم التعقيد (CSH) أن المجتمعات المستقرة تنشأ عندما يتبتى الناس قاعدة بسيطة: من الأفضل أن يتفاعلوا مع من يشبهونهم.
الدراسة “الإحصائيات الاجتماعية التجريبية الثلاثية الأطراف يمكن تفسيرها بتفاعلات الهيموفيليا” نشرت في مجلة (PNAS) (انظر 3).
مصادر من داخل وخارج النص:
1- “هُموفيليا (من اليونانية القديمة: φιλία ὁμοῦ: معا و صداقه أو بترجمة حرفيه، “الحب للمماثل”) هو مصطلح من مجال علم الاجتماع يصف ميل الشخص إلى تكوين علاقات مع الانسان المماثل له. هذا الموضوع تم بحثه مرارًا عديدة في مجال الشبكات وخاصة في مجال الشبكات الاجتماعية. أكثر من مائة دراسات أجريت لبحث الموضوع، وأثبتت هذه الدراسات أن التشابه بين الناس يساعد على خلق علاقة بينهم. وهذا التشابه يشمل الصفات المشتركة مثل العمر, والجنس والحالة الاجتماعية ودور الشخص في الشركة التي يعمل فيها” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/هموفيليا
2- “في الفيزياء: النظام المعقد أو الجملة المعقدة هي كل نظام فيزيائي يتصف بالتعقيد لكن صعوبة تعريف التعقيد يجعل وصف الأنظمة المعقدة ينطبق على الكثير من الأنظمة الفيزيائية مثل الأغراض أو الشبكات الطبيعية أو المجردة أو الاصطناعية. ودراسة هذه الأنظمة المعقدة يندرج ضمن ما تدعيه (علوم التعقيد complexity science) وهي تخصصات أكاديمية متداخلة. أمثلة الأنظمة المعقدة تشمل قمم النمل (ant-hill)، والنمل بحد ذاته، والبشر، والاقتصاد، والجهاز العصبي، والخلايا الحية ومجمل الكائنات الحية. يضاف لها مؤخرًا الطاقة الحديثة أو الاتصالات التحتية، وما يتشكل عن ثورة الاتصالات الحديثة مثل مجتمع الشبكة. تشرح الأنظمة المعقدة المشاكل الحالية في كل من النمذجة الرياضية والأسس الفلسفية. تمثل دراسة النظم المعقدة نهجًا جديدًا لعلم يتحرى كيفية العلاقات بين أجزاء تؤدي إلى السلوكيات الجماعية للنظام ككل وكيف يمكن لنظام أن يتفاعل ويشكل علاقات مع بيئته”.
(https://ar.wikipedia.org/wiki/نظام_معقد).
3- https://www.pnas.org/content/119/6/e2121103119
المصدر الرئيس:
https://www.csh.ac.at/a-simple-way-t...ial-stability/
الأستاذ عدنان أحمد الحاجي