تُبيِّنُ دراسةٌ حديثةٌ أنَّ تأثيرَ الحرمان من النوم، مهما كان بسيطاً, يتجاوز مُجرَّدَ جعل الإنسان يتثاءب؛ بل يُمكن أن يُعرقلَ نشاط الجينات، وقد يصل إلى مرحلة التأثير في عملية الأيض (التمثيل الغذائيِّ) ووظائف أخرى يقوم بها جسمُ الإنسان.
لا يبدو واضحاً كيف يمكن أن تتأثَّرَ صحَّةُ الإنسان بسبب عرقلة نشاط الجينات إذا لم يحصل على كِفايته من ساعات النَّوم. ومع ذلك, يزيد هذا البحثُ من احتمال أن تستمرَّ تأثيراتُ قلَّة النوم في جسم الإنسان إلى فترات طويلة.
قال مُساعدُ مُعدِّ الدراسة سيمون آرتشر، الذي يدرس النَّومَ في جامعة سَري في إنكلترا: "إذا واظب الإنسانُ على النوم لساعاتٍ قليلة, من المُمكن أن يصلَ تأثيرُ عرقلة نشاط الجينات مع الوقت إلى مرحلةٍ يُحدِّد فيها هذا التأثيرُ الوضعَ الصحِّي للإنسان عندما يبلغ مرحلةً مُتقدِّمة من العُمر".
قال الدكتور تشارلز تزيسلر، رئيسُ قسم طبِّ النوم لدى مستشفى بريغهام والنساء في بوسطن: "لا تزال مسألةُ كيفية تأثير قلَّة النوم في جسم الإنسان موضعَ جدل؛ وبينما من الواضح أنَّ الإنسانَ يتعب عندما لا ينام, لم يصل العلماءُ إلى فهم كيف يصل تأثيرُ الحرمان من النوم إلى أكثر من الدماغ إلاَّ في الآونة الأخيرة. يُشير البحثُ إلى أنَّ النومَ مهمٌّ جداً حتَّى بالنسبة لأصغر خليَّة في جسم الإنسان".
درس الباحِثون حالات 26 مُشاركاً أمضوا أسبوعاً حصلوا فيه على عددٍ من ساعات النوم الطبيعيِّ (8.5), ثم أسبوعاً آخر كانت ساعاتُ النوم فيه أقلَّ من المستوى الطبيعي (5.7)؛ وبقي المشاركون قادرين على دخول فتراتٍ من النوم العميق.
درس الباحِثون بعدَها جينات المُشاركين عن طريق عيِّنات الدَّم، ووجدوا أنَّ الكثيرَ من الجينات ومن ضمنها تلك المُتعلِّقة بعملية التمثيل الغذائيِّ, أصبحت أقلَّ نشاطاً.
قال آرتشر: "إذاً، ما أهميَّةُ هذا بالنسبة للجسم؟ نحن لا نمتلك أدنى فكرة, لكنَّ هذه التأثيرات ليست ثانويَّة؛ فهي تبدو مُشابِهةً لتلك التأثيرات التي تفصل بين الأنواع الطبيعية وغير الطبيعيَّة للأنسجة في الجسم".
قال آرتشر إنَّ الخطوةَ التالية ستكون في التحرِّي عن كيفية تأثير نقص النوم في الجسم على المدى الطويل، ولمعرفة ما إذا كانت بعضُ الشرائح البشريَّة أكثرَ عرضة للتأثيرات السلبيَّة في الصحّة والتي يُسبِّبها الحرمان من النَّوم.
من جانبه, أثنى تزيسلر على الدراسة، وقال إنَّها تزيد من فرصة حصول الطبيب على نتائج فحص للدَّم تُبيِّن ما إذا كان جسمُ المريض تأثَّر بسبب عدم الحصول على كِفايته من النَّوم؛ وقال إنَّ هذا مُهمٌّ، لأنَّ بعضَ المواد مثل الكافيين يُمكن أن تُخفي تأثيراتِ نقص النَّوم، ممَّا يجعل المرضى لا يُدرِكون وجودَ مُشكلة.
قال تزيسلر: "ماذا عن إمكانيَّة أن يُحاكي مفعولُ حبَّةِ دواء تأثيراتِ النوم بطريقة لا يحتاج الناسُ عندها إلى إغماض عيونهم في المقام الأوَّل؟ لا يُوجد دليلٌ يدعم فكرةَ مثل هذه الحبَّة, رغم الأبحاث المتواصلة لتحسين نوعيَّة النَّوم التي يسعى الناس للوصول إليها".
هيلث داي نيوز, راندي دوتينغا, الاثنين 25 شباط/فبراير