نرى فى قصص الخيال العديد من الشخصيات ثم تتحول تلك القصص إلى أفلام كارتونية يحبها الصغار والكبار أيضاً بل تظل عالقة فى الأذهان لفترات طويلة ومن بين تلك الشخصيات المفضلة وخصوصاً لدى الأطفال شخصية (ماوكلى) الطفل الذى يعيش فى الغابة بين الأسود والنمور والقردة والحيوانات البرية ولكن لم نكن نتوقع أن تلك الشخصية الخيالية والأسطورية تصبح موجودة على أرض الواقع.فها هى ” تيبي ديجرى تجسد لنا فى الواقع شخصية ماوكلى , هذه الطفلة بنت لأبوين فرنسيّ الجنسية والدها هو آلان ديجرى ووالدتها هى سيلفيا روبرت يعملان مصورا فوتوغرافيا للحياة البرية فى غابات أفريقيا . تيبى تبلغ من العمر 23 عاماً ترعرعت منذ الصغر فى الغابات وسط الحيوانات البرية نظراً لظروف عمل والديها.
تذكر الحكايات الأسطورية والفلكلور الشعبى دائماً أن الحيوانات البرية لا تؤذى الأطفال أو الصغار من أى نوع ولكن لم يتم اختبار تلك المقولة حتى جاءت تيبي وأثبتت تلك النظرية فكثيراً ما كنا نسمع عن أكلة الرضع ولكن تيبي هى نموذج حى للطفل الذى عاش مع تلك الحيوانات البرية , فمهنة والديها أتاحت لها الفرصة للتعامل مع الحيوانات البرية مثل الأسود والنمور والقردة وغيرها والتفاعل معها.
أعربت تيبي عن مدى اعتزازها باسمها والذى يعود إلى الممثلة تيبي هيدرن والتى يقال أنها أبقت أسود بمنزلها ونمت بالكامل كحيوانات أليفة , ولم تكن تيبي ديجرى تختلف كثيراً عن تلك الممثلة فى أن تحمل نفس الاسم مما يدل على أن لديها القدرة على أن تكوّن روابط مع مخلوقات البرية.تقول سيلفيا والدة تيبى ” كان من السحر أن تكون حرة فى هذه الطبيعة مع هذه الطفلة, فلقد ولدت ونشأت تيبي مع الحيوانات فى الغابة وحتى سن العاشرة ,فكانوا ثلاثتهم تيبي ووالديها يعيشون معيشةً كاملة فى الغابة وذلك لطبيعة عملهم كمصورين بريين , وتقول سيلفيا أيضاً ان ؤتيبي لا تختلف كثيرا عن (ماوكلى) فقد كانت ترتدى الملابس الداخلية فقط والرياضية مع بطن ناتئة بشكل طفيف “.
وكانت تيبي تعانق الضفادع وهى فى سن السادسة كما أنها تقبل الزواحف تركب الفيلة وتصافح الفهود والدببة وتعتبر أصدقاء طفولتها هم: الفيلة والتماسيح والثعابين والنمس والنعام واشبال الأسود والزرافات والحربايات وبعض الضفادع العملاقة والنمور والخيل.
من المدهش جداً أن تلك الحيوانات التى تعتبر فى غاية الخطورة كانوا قادرين على قبول تيبي الصغيرة بينهم واعتبارها منهم .ويقول والديّ تيبي أنهم اعتادوا أن يكونوا لطيفين معها مما جعلهم على يقين أن تلك الحيوانات لن تؤذى ابنتهم, وخاصةً النعامة (ليندا) حيث أن الآباء تخشى على أبنائها من ركوب النعام ولكن كان الوضع مختلف تماماً مع تيبي فكان لديهم ثقة أن ليندا لن تتحرك مطلقاً ما دامت تيبي تجلس عليها , أما عن علاقتها مع الفيل (آبو) فتقول {سيلفيا} ” لم يكن لدى تيبي أى خوف فهى لم تكن تدرك أن حجمها ليس بحجم (آبو) ولكنها فقط كانت تنظر إلى ينيه وتتحدث معه , ولكن لم يكن ذلك مقتصرأ على الحيوانات فقط ولكنها كانت تتعامل أيضاً مع القبائل الأصلية الموجودة فى ناميبيا فلقد ترعرعت معهم وتعلمت منهم كيفية التأقلم والعيش فى الحياة البرية وسط الحيوانات ودرست تلك التقنيات اللزمة لذلك وتعلمت الصيد وكيفية إطعام نفسها من الجذور والتوت ليس ذلك فقط بل أيضاً أصبحت تتحدث لغتهم”.
بعد بلوغ تيبي سن العاشرة عاد بها والديها إلى موطنهم فرنسا ودخلت مدرسة محلية ولكنها كانت فريدة من نوعها وسط زملائها فى المدرسة ولكنها لم تستمر طويلاً أدت فقط سنتين ثم لم تستطع التأقلم مع هذه الحياة المتحضرة فبدأ والديها بالتدريس لها فى المنزل ثم عندما بلغت سن 23 عادت لتدرس السينما وأشرفت على رفاهية وعلاج النمور فى عرض الألعاب الشعبية والدولية فى فرنسا .كما أنها كتبت كتاباً بعنوان (تيبي من أفريقيا) والذى أصبح من أكثر الكتب مبيعاً.ولا يعرف اليوم عن حياة تيبي إلا القليل جداً ولكن آخر ما سُمع عنها أنها أرادت الحصول على جواز سفر ناميبي لأنها تعتقد دائماً أنها إفريقية .وتقول الشائعات أنها عادت إلى إقريقيا لاستئناف صداقتها مع الحياة البرية.إن قصة تيبي وصورها عميقة جداً بحيث أنها تجعلنا نريد النظر إليها إلى الأبد , فمن الذى لا يتمنى طفولة مدهشة وشيقة مثل طفولة تيبي