شاهد ما فعلته الأعاصير الثلجية بالولايات المتجمّدة الأميركية

منذ أيام، وأجزاء من أكبر دولة في العالم تتعرض لغارات تشنها أعاصير، سلاحها رياح سرعتها 80 إلى 120 كيلومترا بالساعة، وثلوج تتساقط متراكمة بلا توقف، حجبت الرؤية في الأرياف والمدن الكبرى، حتى أصبحت “ظروف السفر والتنقل شبه مستحيلة” في الشمال الشرقي الأميركي بشكل خاص، إلى درجة ظهرت معها نقطة وحرف جديدين على اسم البلاد الشهير، فأصبح بالإمكان جعله “الولايات المتجمّدة الأميركية” مجازاً.
مدن عظمى بكاملها تضررت، كنيويورك وبوسطن، عاصمة ولاية ماساتشوستس، وفق ما يتضح من صور ومقاطع فيديو ومعلومات بثتها الوكالات، كما من تحذير صدر عن “هيئة الأرصاد الجوية الوطنية” المعروفة بأحرف NWS اختصارا، من أن ما يحدث بأميركا هو ما يسمونه “إعصار قنبلة” المسبب انخفاضات سريعة وحادة بالضغط الجوي، ما جعل الثلج الكثيف يتلبد في ماساتشوستس بمقدار61 سنتيمترا، ويتسبب بانقطاع الكهرباء عن 119.000 منزل، وهو ما نرى عنه المزيد في الفيديو المعروض أدناه.
وأسرعت شركات الطيران، فألغت 3.500 رحلة محلية ودولية السبت، إضافة لأكثر من 1.400 أمس الأحد، طبقا لما ألمت به “العربية.نت” من الوارد بموقع FlightAware المتتبع من هيوستن ونيويورك وسنغافورة رحلات الطائرات التجارية والخاصة، لذلك جزع عمدة نيويورك Eric Adams للأمر، وأطل من التلفزيون ليحث سامعيه على البقاء بمنازلهم، وليحذر بأن “الطبيعة الأم تفعل ما تريد” كما قال.
ومع أن شبكات مترو الأنفاق، تعمل بشكل طبيعي تقريبا، كما العادة في الأحوال الجوية السيئة، إلا أنها تحولت إلى مأوى لآلاف لا يجدون أين يسندون رؤوسهم وسط عاصفة تصدت لها مئات من آلات رش الملح، إضافة إلى 900 كاسحة للثلوج، خصوصا في نيويورك حيث تلبّد الثلج 19 سنتيمترا في حديقة Central Park بمنهاتن، وتم إغلاق خطوط القطارات الإقليمية جزئيا.
تلاشت أيضا أضواء النيون في لوحات الإعلانات المنتشرة بساحة Times Square المعتبرة قلب نيويورك النابض، خصوصا بعد إعلان حالة الطوارئ في ولايتي نيويورك وجارتها نيوجيرسي، كما في فيرجينيا وماريلاند وديلاوير، في وقت حذرت فيه حاكمة ولاية نيويورك Kathy Hochul السكان السبت وأمس الأحد من أن “أخطر مرحلة في العاصفة هي الآن” وفق تعبيرها.
نصحت الحاكمة أيضا في بيان أصدرته، بأن يعود الواحد من المواطنين إلى منزله بحذر “والبقاء فيه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتجنب أي سفر غير ضروري” لعلمها بحسب ما بثته الوكالات، أن موجة من الصقيع انتشرت جنوبا حتى فلوريدا، وهي إلى مزيد الاتساع واشتداد العزيمة على ما يبدو.
وكانت العاصفة ولدت بعد واحدة مماثلة، غطت معظم الشرق الشمالي الأميركي، من ولاية جورجيا إلى كندا، بالثلوج قبل أسبوعين، وتركت عددا من المنازل من دون كهرباء، مع تعطيلها لآلاف الوصلات الجوية، وبعدها قالت “خدمة الأرصاد الجوية” بالمنطقة إن عزيمتها ستشتد بسرعة حتى صباح اليوم الاثنين، وأن الضغط قد ينخفض بشكل حاد، مما قد يؤدي إلى ظهور “إعصار قنبلة” المشير كمصطلح إلى عاصفة كبيرة ومكثفة في منتصف خط العرض، لها ضغط منخفض بمركزها.
ولما يحدث في الولايات المتحدة، شبيه يحدث إلى حد ما في الجانب الآخر من العالم، وبالتحديد أوروبا، حيث تعرضت مناطق واسعة من بريطانيا لموجة جديدة من الطقس السيئ وسط مخاوف من وقوع مزيد من الخسائر بسبب إعصار اسمه “مالك” ومنهمك منذ 3 أيام بضرب منطقة بحر الشمال وأجزاء من أوروبا، وأسقوط شجرة قتلت طفلا عمره 9 أعوام بقرية Winnothdale البعيدة 241 كيلومترا في شمال إنجلترا عن لندن. كما أصيب رجل كان معه بجروح خطيرة، طبقا لما ذكرت الشرطة.
وفي مدينة Aberdeen على الساحل الشرقي باسكتلندا، توفيت امرأة عندما دفعت الرياح نحوها شجرة ارتطمت بها. كما ترك “مالك” أكثر من 130 ألف منزل من دون كهرباء في جميع أنحاء بريطانيا، وأدت سرعة رياحه التي وصلت إلى 140 كيلومترا بالساعة على الساحل الشرقي الاسكتلندي إلى إلغاء مباراتين من دورى الدرجة الأولى لكرة القدم كإجراء احترازي، إلى جانب أنه تسبب بقطع الكهرباء عن 60 ألف منزل في أنحاء عدة من المملكة المتحدة.
ووصل “مالك” بنشاطه العاصفي حتى إلى الدنمارك، حيث تم إلغاء مباراتين لكرة القدم في الدرجة الأولى بالدوري المحلي كإجراء احتياطي، فيما أعلنت السلطات أنها تنوي تجهيز 10 آلاف عامل لمواجهة أي نوع من الطوارئ، خصوصا في العاصمة كوبنهاغن، وفيها تم تعليق جميع رحلات القطارات الإقليمية، وإغلاق جسر Oresund الرابط الدنمارك بالسويد.
أما بألمانيا، المعروف “مالك” فيها وفي إسبانيا وجمهورية التشيك باسم “ناديا” فكانت ليلة السبت إلى أمس الأحد عاصفة بالمناطق الشمالية، حيث حذرت “هيئة الأرصاد الجوية” من عواصف قد تصل إلى مستوى هبوب أعاصير بالساحل وفي النصف الشمالي الشرقي من البلاد، وهو ما ظهرت بوادره أيضا في جمهورية التشيك منذ أمس الأحد، فحذرت السلطات من الخروج إلى الشوارع بسبب الرياح، وتوقعت أن يسبب “ناديا” أضرارا كبيرة ومضاعفات في حقلي النقل وتوزيع الطاقة.