ابو العلاء المعري
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي نوح باكٍ ولا ترنم شاد وشبيهٌ صوت النعيّ
إذا قِيـس بصوت البشير في كلّ ناد أبَكَت تلكم الحمامة أم غـنّت
على فِرْعِ غُصنٍها الميّاد صاحِ هذي قُبورُنا تملأ الرُحبَ فأين القبور
من عهد عاد خفّف الوَطْءَ ما أظنّ أَدِيْمَ الأرض إلا من هذه
الأجساد وقبيحٌ بنا وإِنْ قَدُم العهدُ هوانُ الآباء والأجداد سِرْ إن
اسطعت في الهواءٍ رُوَيداً لا اختيالاً على رُفات العباد رُب لحدٍ قد صار لحداً
مراراً ضاحكٍ من تزاحم الأضداد ودفينٍ على بقايا دفين في طويل الأزمان
والآباد فاسأل الفَرْقَدين عمّن أحسّا من قبيلٍ وآنَسا من بلاد كم أقاما على
زوال نهار وأنارا لمُدْلِج في سواد تعبٌ كُلّها الحياةُ فما أعـجبُ إلا من راغبٍ في
ازدياد إنّ حزناً في ساعة الموت أضعاف سرورٍ في ساعة الميلاد خُلق الناس للبقاء
فضلّت أمّة يحسبونهم للنّفاد إنّما يُنقَلون من دار أعما لٍ إلى دار شِقوة
أو رَشَاد ضَجعة الموتِ رَقْدَةٌ يستريح الـجسمُ فيها والعيْشُ مثلُ السُّهاد أبَناتِ
الهديلِ أسْعِدنَ أو عُدنَ قليلَ العزاء بالإسعاد إيه لله درّكن فأنتن الّلواتي تُحسِنّ حِفظَ الوِدَاد بيد أنّي لا أرتضي ما فعلتنّ وأطواقكنّ في الأجياد فتسلّبن واستعرن جميعاً من قميص الدجى ثياب حداد
ثمّ غرّدن في المآتم واندبن بشجوٍ مع الغواني قصد الدهر من أبي حمزة الأّوّاب
مولى حِجىً وخدن اقتصاد وفقيهاً أفكاره شدن للنُّعـمانِ ما لم يشدْهُ شعر
زياد فالعراقيُّ بعده للحجاز يّا قليل الخلاف سهل القياد وخطيباً لو قام بين
وحوش علّم الضاريات بِرّ النِّقاد راوياً للحديث لم يحوج المعـروف من صدقه
إلى الأسناد أنفق العمر ناسكاً يطلب العلم بكشفٍ عن أصله وانتقاد مستقي
الكف من قليبِ زجاجٍ بغروب اليراع ماء مداد ذا بنانٍ لا تلمس الذهب
الأحمر زهداً في العسجد المستفاد ودّعا أيها الحفيّان ذاك الـشخص إنّ الوداع
أيسر زاد واغسلاه بالدمع إن كان طهراً وادفناه بين الحشى والفؤاد واحبواه
الأكفان من ورق المصـحف كبراً عن أنفس الأبراد واتلوَا النعش بالقراءة والتسـبيح
لا بالنحيب والعداد أسفٌ غيرُ نافع واجتهادٌ لا يؤدّي إلى غَناء اجتهاد طالما أخرج
الحزين جوى الحز ن إلى غير لائقٍ بالسداد مثلَ ما فاتت الصلاة سليمان فأنحى
على رقاب الجياد وهو من سُخرت له الإنْسُ والجِـن بما صحّ من شهادة صاد
خاف غدر الأنام فاستودع الرِّيـح سليلاً تغذوه درّ العهاد وتوخّى له النجاة وقد أيـقن
أنّ الحِمام بالمِرصاد فرمته به على جانب الكرسيّ أم اللُّهَيم أخت النآد كيف
أصبحت في مَحلّك بعدِي ياجديراً منّي بحُسْنِ افتِقاد قد أقرّ الطبيب عنك بعجزٍ
وتقضّى تَرددُ العوّاد وانتهى اليأسُ منكَ واستشعر الوجـدُ بأن لامعادَ حتّى المعادِ
هجد الساهرون حولك للتمريض ويحٌ لأعيُن الهجّاد من أسرة مضوَا غير
مغرورين من عيشة بذات ضماد لا يغيّركم الصعيد وكونوا فيه مثل السيوف
في الأغماد فعزيزٌ علي خلطُ اللياليّ رِمِّ أقدامكم بِرِمّ الهوادي كنتَ خلّ الصبا
فلما أراد الـبين وافقتَ رأيه في المراد ورأيت الوفاء للصاحب الأ وّل من شيمة
الكِرام الجَواد وخلعت الشباب غضّاً فيا لي تك أبليته مع الأنداد فاذهبا خير ذاهبين
حقيقي نِ بسقيا روائحٍ وغواد ومَراثٍ لو أنّهن دموعٌ لمَحَون السطور في الإنشاد
زحلٌ أشرف الكواكب داراً من لقاء الرّدَى على مِيعادِ ولِنار المريخ من حَدَثَان الدهـر
مطفٍ وإن علَت في اتقاد والثريا رهينةٌ بافتراق الـشمل حتى تُعدُّ في الأفراد فليكن
للمحسّن الأجلُّ الممـدودُ رغماً لآنف الحساد وليطبْ عن أخيه نفساً وأبنا ء أخيه