تخميسة قصيدة الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام .
نعلاكَ إخلع فوادي الطورِ يحتَدِمُ
والشمسُ في هامةِ الجَوزاءِ ترتسِمُ
إمشي على الماءِ لازلّت بك القَدمُ
(( ياسائلي أين حلَّ الجودُ والكرمُ
عندي جوابٌ اذا طُلابهُ قدموا))
***
من صورةِ النورِ شَقَّ اللهُ صورتَهُ
وزانَ في الخَلقِ قبلَ الخَلقِ نشأتَهُ
أعطاهُ من جدّهِ المختارِ هيبتَهُ
((هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ
والبيتُ يعرفهُ والحلُ والحرمُ))
***
من آلِ بيتٍ حكى الكونُ بفضلِهُمُ
لاظلَّ في الحشرِ يبقى غير ظلِّهُمُ
قد أوجدَ اللهُ أفلاكاً لأجلِهُمُ
((هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلهِمُ
هذا النقيُ التقيُ الطاهرُ العَلمُ))
***
هذا الذي جَدُّهُ الأملاكُ تخدمُهُ
لافرقَ إن نطقَ القرآنُ أو فَمُهُ
أسَرَّ أهلَ السما والأرضِ مقدمُهُ
(( لو يعلم الركن من قد جاء يلثمهُ
لظل يلتمُ منهُ ماوطى القدمُ))
***
هذا إبنُ مكَّةَ والقرآنُ شاهِدُهُ
ماخابَ واللهِ في مسعاهُ قاصِدُهُ
هذا الذي زُجَّ في النيرانِ جاحِدُهُ
((هذا عليٌ رسولُ اللهِ والدُهُ
أمست بنورِ هداهُ تهتدي الأمَمُ))
***
هذا الذي لعلومِ الرُسلِ نائِلُها
دانت لهُ من ذُرى العَليا أوائِلُها
وجلببتهُ شآبيباً شمائِلُها
((إذا رأتهُ قريشٌ قال قائِلُها
إلى مكارمِ هذا ينتهي الكرمُ))
***
هذا الذي فاض بحرٌ من سماحَتهِ
وحَيّرَ الفُصحاءَ في فصاحَتهِ
نعم درى البيتُ من يمشي بساحَتهِ
((يكادُ يُمسكُهُ عرفانَ راحَتهِ
ركنُ الحطيمِ إذا ماجاءَ يستلمُ))
***
هذا ابنُ مكَّة حَجٌّ في مآزِرهِ
في باطنِ العرشِ بعضٌ من سرائِرهِ
هذا الذي فُلُكٌ تسري بجوهرهِ
((وليس قولُكَ مَن هذا بضائِرهِ
العربُ تعرفُ من أنكرت والعجمُ))
***
هذا الذي الصبحُ في لقياهُ يَختنقُ
كأنَّه البدرُ في العلياءِ مُتَّسِقُ
ومن جبينهِ شمسُ الله تَندلِقُ
((في كفِّهِ خيزرانٌ ريحها عبِقُ
من كفِّ أروع ِفي عرنينِهِ شَممُ))
***
فاقَ الخلائقَ طراً في تعبُّدِهِ
يجلو الغياهبَ في أنوارِ فرقَدِهِ
أعطاهُ رَبُّهُ خُلقا ً من مُحمَّدهِ
((ماقال لا قطُّ إلاّ في تشهّدِهِ
لولا التشهُدُ كانت لاؤهُ نعم))
***
قُل للذين بهِ من بُغضِهم قَدَحوا
النارُ موعِدُهم، والله مارَبِحوا
هذا الذّي أهلُهُ في كربلا ذُبِحوا
(( حمّالُ أثقالِ أقوامِ إذا فدحوا
حلو الشمائلِ تحلو عنده نعمُ))
***
مناهلُ العلمِ تستسقي مناهِلَهُ
قد أثقلَ الجودُ والإحسانُ كاهِلَهُ
سيعجزُ الخلقُ إن عدّوا فضائِلَهُ
(( هذا ابنُ فاطمةَ إن كنتَ جاهِلَهُ
بجدّهِ أنبياءُ اللهِ قد خُتموا))
***
في الخَلقِ جلَّ جلالُ اللهِ أكمَلَهُ
بالحُسنِ في صورةِ المختار أنزلَهُ
بالزُهدِ شرّفَهُ بالعلمِ فضَّلَهُ
((من جدِّهِ دان فضلُ الانبياءِ لهُ
وفضلُ أمَّتهِ دانت لها الاُممُ))
***
كفّاهُ عندَ القِرى شلالُ فيضُهُما
للمُعدَمينَ وللعافينَ غيثُهُما
لاتدري مَن بذَخَت في الجودِ , أيُّهُما
(( كِلتا يداهُ غياثٌ عمَّ نفعُهُما
يستوكفانِ ولايعروهُما عدمُ))
***
من معشرِ جاءَ في القرانِ ذِكرُهُمُ
واُنزِلَ الوحيُ حصراً في بيوتِهُمُ
ما أُنجِبَت في بطون الكونِ مِثلُهُمُ
(( من معشر حبهم دينٌ وبغضهُمُ
كفرٌ وقربهمُ منجى ومعتصمُ))
***
من فاضلِ النورِ سنَّ الله طينَتَهُم
فرضاً على خلقهِ أجرى محبَّتَهُم
في كُلِّ مَن شفعوا يرضى شفاعَتَهُم
(( إن عُدَّ أهلُ التقى كانوا أئمتَهم
أو قيل مَن خيرُ أهل الأرضِ قيل هُمُ))
***
للهِ دُرّهُ حَذوَ المُرسلين حَذا
مَن في التواضعِ بين المسلمين كذا
للحقِّ بالحقِّ سيفَ الحقِّ قد شَحَذا
(( من يعرف الله يعرف اولويّةَ ذا
فالدين من بيت هذا ناله الأممُ))
***
حسین محمّد علي
Ah_Bz
رد مع اقتباس
