TODAY - November 11, 2010
مديرها الأب دوغلاس يقول إن سكان المنطقة المسلمين عرضوا عليه المساعدة في تحرير رهائن سيدة النجاة
مدرسة مسيحية ببغداد الجديدة معظم طلبتها مسلمون.. و«الضرب» ممنوع في صفوفها
مسيحي يعاين امس الاضرار التي لحقت بمنزله الذي يقع جوار كنيسة سيدة النجاة بعد الاعتداء الذي تعرضت له مؤخرا (ا ف ب)
بغداد – جين غراف
العنف الطائفي والنزوح المسيحي الجماعي تَرك مدرسةَ سانت إلياس الكاثوليكية في بغداد لتصبح مكونة بشكل كبير من المسلمين الذين التجأوا اليها بسبب اتباعها قاعدة "لا تضرب طالبا".
ويلعب الاطفال في باحة مدرسة كنيسة سانت الياس الواقعة في شارع تعرض لهجمات عنيفة في حي الطبقة العاملة بضاحية بغداد الجديدة شرق العاصمة، وبالقرب منها جامع شيعي يتردد عليه اتباع رجل الدين مقتدى الصدر.
وهذا الحي، الذي يقع الشارع فيه، كان في وقت مختلطا ووطنا للشيعة والسنة بالاضافة للمسيحيين حيث كانت تقطنه قبل الحرب 2500 عائلة مسيحية. لكن العنف العرقي العنيف الذي اندلع في البلاد اجتاح كل شخص واصبح الحي، الذي يحيط الكنيسة الكاثوليكية والمدرسة، شيعيا في معظمه.
ويقول الاب دوغلاس البازي الكاهن الكاثوليكي الكلداني الذي يدير المدرسةَ ان "اثنين وثمانين من الطلبة، مسلمون". وعندما أسرع الاب دوغلاس الى الكرادة في اليوم الاخير من تشرين الاول (اكتوبر) بعد سماعه اخبار احتجاز رهائن في كنيسة سيدة النجاة فان جيرانه من المسلمين عرضوا عليه المساعدة.
ويقول "اتصل الجيران بي وقالوا: اعطنا الضوء الاخضر فقط وبمقدورنا ان نجلب الاسلحة ونساعد الاشخاص المحتجزين داخل الكنيسة". ويضيف ان "الجيران يقولون لي: ان من يتعرض لك بشيء فذلك معناه انه قد تعرض لنا".
وفي بلاد مزقها العنف الطائفي تقريبا، فان المسلمين والمسيحيين يقولون ان الهجمات "تُهندس" سياسيا وترعاها الدول المجاورة. ويتطرقون الى تاريخ عيشهم المشترك الطويل جنبا الى جنب ويضربون امثالا على تعاونهم حتى في فترات التوتر الامني في عراق اليوم.
ويقول جورج متي بطرس المعلم العربي الذي نجا من هجوم الكرادة على كنيسة سيدة النجاة "عندما عدت الى الحي الذي اعيش فيه، كان كل الجيران بانتظار عودتي للترحيب بي". ويقول انه بات الشخص المسيحي الوحيد الذي يعيش في منطقته في الباب الشرقي.
وهناك اربعة معلمين مسلمين بين الكادر التدريسي البالغ عدده 53 معلما. والاربعة مخصصون لتدريس القرآن حسب اللوائح الحكومية. وتتضمن المناهج تدريس اللغتين الانكليزية والفرنسية. وابتداء من هذه السنة سيتم تعليم السريانية لانها اللغة الاصلية للعديد من الطلاب المسيحيين الكلدانيين.
وامكنة الطلبة المسيحيين محجوزة قبل شهور من التسجيل، لكن بعض العوائل تطالب بجزء من 600 مقعد مخصصة للتلاميذ بدءا من الروضة حتى الصف السادس.
وبغض النظر عن متطلباتها الاكاديمية وتركيزها على الموسيقى والرياضة، فان احد الاسباب الرئيسية للإقبال على الانتساب لها حسبما يرى المعلمون، بسيط جدا ويعود لتفضيل الاباء هذه المدرسة لكونها لا تسمح للمعلمين أو للطلبة بضرب اي شخص آخر. علما ان مدارس العراق العامة المتداعية والشديدة الازدحام مشهورة بالسلوك العنيف.
ويقول الاب دوغلاس "هذا الصباح ضرب احد الاطفال طفلا آخر، فكتبت لوالديهما ابلغهما بما جرى. اما اذا جلب احد ما لعبة على شكل مسدس فاننا نكسرها امامه".
وبعد الهجوم على كنيسة الكرادة الذي تسبب بمقتل 53 شخصا منهم اثنان من زملائه القساوسة، فان الاب دوغلاس ينتهز خطبته الصباحية للطلاب للتحدث عما جرى. ويقول "بالامس اخبرت الطلاب عن فقدي لاخوين غاليين... لكن يجب الا يدفعنا ذلك للتشاؤم. وقلت لهم انه يجب علينا ان نعرف ان كل من يساهم بالعنف سيكون الموت نهايته. وانتبهوا لمستقبلكم لأنكم المستقبل. احذروا العنف لأنه ليس جزءا من حياتكم".
ويعرف الاب دوغلاس العنف معرفة وثيقة، فمازالت هناك رصاصة مستقرة في ساقه، ولايزال يعاني آلام الظهر منذ ضربه بالسلاسل عند اختطافه عام 2006.
ويقول الاب ان احد مختطفيه كان ينشد منه النصيحة في النهار ويقوم بتعذيبه في الليل. ويضيف لقد اخبرت جلادي اني غفرت له وان "ذلك ليس لكوني بطلا- فلست مهتما بذلك- وانما اهتمامي هو ان ابقى مع الناس. وهم لم يطلبوا مني ان اكون بطلا. وكل ماكانوا يريدون هو ان ابقى معهم".
ويقول "اعرف اننا قلة، والمدرسة ليست شيئا كبيرا وسط هذا المجتمع الواسع. لكننا على الاقل سنعلمهم كيف يتصرفون بشكل حسن عندما يكبرون. وكيف يكونون رحماء بالاخرين".
عن كريستيان ساينس مونيتور