كشف دراسة أجراها معهد كارولنسكا في السويد، عن متغير جيني فريد ورثه الأوروبيون من إنسان نياندرتال، يحمي من عدوى كوفيد-19 الشديدة، إذ تمكَّن العلماء من تحديد المتغير الجيني بعد دراسة أشخاص من أصول أوروبية وإفريقية.
وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر غينيتكس"، يقول العلماء إن الجينات يمكن أن تؤثر أيضا على شدة الإصابة بكورونا، مثلما هو الحال مع الشيخوخة، والأمراض الكامنة التي لا يصاحبها أعراض مثل السرطانات الخبيثة والأزمات القلبية الصامتة.
إنسان نياندرتال
كشفت الأبحاث السابقة، التي أجراها علماء الوراثة في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا، على الأشخاص من أصول أوروبية بشكل رئيسي، عن وجود منطقة معينة من "صبغي 12" (الكروموسوم 12) مرتبطة بخطر الإصابة بأشكال حادة من الإصابة بكوفيد-19.
فالأفراد الذين يحملون هذه الشريحة من الحمض النووي، التي يوجد بها متغير جيني فريد، لديهم نسبة خطر أقل بـ20 بالمئة للإصابة بالعدوى الشديدة من كوفيد-19".
كما أن هذا الجزء من الحمض النووي يُشفر الجينات في جهاز المناعة، ويتم توريثه من إنسان نياندرتال في حوالي نصف الأشخاص خارج قارة إفريقيا.
ورغم ذلك، فإن هذه المنطقة من الحمض النووي مليئة بعديد من المتغيرات الجينية، مما يُصعب من عملية فصل المتغير الجيني الدقيق الذي يمكن أن يكون هدفا لتطوير علاجات أكثر فعالية ضد عدوى كوفيد-19 الشديدة.
تحديد المتغير الجيني
وبفضل الدراسات السابقة، عرف العلماء أننا ورثنا هذا المتغير الجيني نتيجة تهجينات حدثت بين الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال في أوروبا وآسيا، بعد الهجرات القديمة من إفريقيا، لذا فان هناك فرضية تقول "إن أقدم المجموعات البشرية في إفريقيا لم ترث جينات إنسان نياندرتال".
وكانت هذه الفرضية نقطة انطلاق جيدة للباحثين في الدراسة الجديدة؛ إذ قرروا المقارنة بين الأشخاص من أصول أوروبية وأقرانهم من أصول إفريقية؛ فإذا كان الأشخاص من أصل إفريقي يمتلكون المتغير الجيني الذي يحمي من كورونا، فسيكون تحديده كافيا لمقارنة الجينات الموجودة على الكروموسوم 12 لديهم مع تلك الموجودة في جينوم الأوروبيين.
وبفضل القليل من الحظ، أظهرت تحليلات الباحثين السويديين أن أحد المتغيرات الجينية الموروثة من إنسان نياندرتال موجود أيضا في جينوم السكان من أصل أفريقي، وهو ما جعلهم يتمتعون بانخفاض يقدر بـ 20 بالمئة في خطر الإصابات الحادة بفيروس كورونا.
ووجد العلماء أن هذا المتغير الجيني ينتج بروتين أطول قليلا من المعتاد، ويبدو أن هذا الاختلاف في الطول بالتحديد هو سبب فعاليته الكبيرة في الحد من تكاثر فيروسات كورونا، ومقاومة الأنواع الأشد فتكا منها.
واُكتشفت هذه الآلية أول الأمر في سبتمبر الماضي، من قبل فريق من باحثي جامعة غلاسكو، ولكن الدراسة الجديدة تعيد التأكيد عليها الآن كأساس للحماية من المرض الذي يصيب حاملي هذا المتغير الجيني الفريد.
ويشدد الباحثون على أهمية تضمين أفراد من أصول مختلفة في التجارب والأبحاث، إذ يقولون "إن دراسة مجموعة بشرية واحدة فقط، لم تكن لتنجح في تحديد المتغير الجيني".