**والماضي هو حياتناالتي ماتت
**جلس في ظلام قبره….وتحسّس سقفه وقال: هناك أناس مازالوا يمشون فوق الأرض ..لم يموتوا بَعْد ...يختال القمر فوقهم بنوره لا ينظرون اليه ...ويشربون الماء وكم أتمنى لو يمرّ الماء في جوفي المتشقّق ….هم فوقي يمشون يُحصون مالهم ويعلون على بعضهم …..ولا ينتبهون لتلك الحياة الجميلة التي يمرّون جنبها ….كلّ يوم …….لو أنّي معهم الساعة وأبصرُ زهرة من زهورهم ...لو أنظرُ إلى السماء الزرقاء الجميلة فوقهم ...لو أجلس معهم على سطوح بيوتهم أرى شفق الغروب الأحمر يتخلّل الغيوم ………..يحوم طائر الموت فوقهم كما حام فوقي وسيموتون هنا آلاف السنين ….وعمرهم لحظة بالنسبة إلى عُمر الموت هنا في ظلام القبر …لو أُمضي يوما معهم وأعود …وغدا يوقظنا الله أجمعين.
**وربما عامَلْنا الماضي كما نعامل الأموات ....فنحن ننقلب إلى الحبّ لكلّ ميت ..يُدهشنا انتهاؤه ..ونحن نبحث عنه فلا نجده ..كما الخيال لا تمسكه ...والماضي هو حياتنا التي ماتت ...فنحن نقف عليه كما نقف على القبور ..فنحن نأسف لانتهاء كلّ لحظة من حياتنا ....دائما ...ونشفق على انفسنا من الموت .....ولا نحبُّ أن نضيّع حتى ما راح منها فنعود بذاكرتنا اليها ........والذاكرة هذه هي التي تجعل حياتك كأنها قطعة واحدة .....تعالجها كما لو كانت ثوبا تلبسه ,,,,,,وحتى المستقبل والحاضر ....يجب أن نعيشه ونذهب اليه كأموات ....نفهم أنّه ماضٍ أيضا ....فنعطف على كلّ شيء فيه وعلى أنفسنا .....
.
**قلتُ لصاحب الحزن : لمَ يهمّك منها الهمّ ..فبعد حين ينتهي كلّ شيء ..ومهما كان شقاؤك فالقبر أكثر شقاء ..وما هي إلّا بستان جميل ...ولكنّنا نحن مَن أعمانا الحزن ….فلا تنظر في داخل نفسك الحزينة . ...واخطف منها ان استطعت...سعادة ...قبل أن يأتي الليل وتنام في حزنك
عبدالحليم الطيطي