"الحكاية فيها إنَّ".. قصة غريبة وراء تلك المقولة الشهيرة
كثيرة هي الأقوال المأثورة والحكم التي غالبا نسمع بها كثيرا لكننا لا نعرف أصلها أو المناسبة والروايات التي قيلت فيها ومن أشهر هذه الأقوال "الحكاية فيها إنَّ" والتي غالبا ما تستخدم عند الشك وعدم الاطمئنان لأمرٍ ما ، وهي تدل على قوة اللغة العربية ومقدرة أصحابها في التعبير عما يجول في خاطرهم بأقل الكلمات.
صداقة قوية
ويعود مصدر هذه المقولة إلى مدينة حلب، لشخص هناك يدعى علي بن منقذ “سديد الملك”، والذي كان مقيمًا بحلب ويسكن قلعة شيرز، وهو من فرسان العرب الذين عُرفوا بالقوة، والحكمة، والذكاء، وكانت تربطه علاقة صداقة قوية مع حاكم حلب محمود بن صالح بن مرداس لكن فرقت الأنفس الخبيثة المنتشرة بالدولة بينهما فدبَّ الخلاف بينهما وخوفًا على نفسه من بطش بن مرداس فر بن منقذ هاربًا خارج حلب.
عزم الأمير محمود بن صالح بن مرداس قتل علي بن المنقذ ودبر خطة لمُحاولة لاستدراجه لكي يعود لحب فأمر كاتبه أن يكتب إلى ابن منقذ يطمئنه، فنفذ الكاتب والذي كان صديقًا مُقرَّبًا لابن منقذ أمر الحاكم، وكتب رسالة يحثه على العودة، ولأنه شعر بأن طلب الحاكم ينطوي على نية بالغدر بابن المنقذ، ولما كان الكتاب آنذاك يتميزون بالحكمة والذكاء، فقد ختم الكاتب الرسالة بجملة “إنَّ شاء الله”، فشدَّد النون على الرغم من أن موقعها في الجُملة السكون، وكان ذلك حيلة منه للفت نظر بن منقذ.
انتشار واسع
وحينها أدرك ابن منقذ أن الكاتب يحذره حينما شدد حرف النون، ويذكره بقول الله تعالى: «إنّ الملأ يأتمرون بك»، فرد ابن منقذ على رسالة الحاكم برسالة عادية يشكره على تلطفه، وتسامحه، وعفوه، وختمها بعبارة: «إنّا الخادم المقر بالإنعام»، ففطن الكاتب أن صديقه قد فهم الرسالة والتحذير وأنه يقصد قوله تعالى: {إنَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها} وأنه لن يعود إلى حلب في ظل وجود حاكمها محمود بن مرداس.
ومن هنا استخدمت مقولة "الحكاية فيها إنَّ" وانتشرت انتشارًا واسعًا بعد هذه الحكاية وبات الناس يستخدمونها ليعبروا عن شكهم في كلام البعض وأنه يحوي معاني أخرى خفية غير واضحة .