أعتقد جازما أن الإرهابي وهو كل (مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) يكره الحب في أي صورة.
اللغة الوحيدة التي يتقنها هي لغة الكراهية. فهو لا يحب حتى نفسه، وإن كان يظن غير ذلك،
بدليل أنه مستعد لبيعها لأي تاجر من تجار الرقيق الجدد الذين يدعون امتلاك مخططات
في الجنة يمنحونها وحورياتها من يشاؤون من أتباعهم، مقابل ثمن (متواضع جدا!!)
يتمثل في الطاعة المطلقة لأوامرهم في قتل الأبرياء وسبي النساء وتفخيخ السيارات والأجساد طمعا في هلاك أكبر (عدد!)
من الخارجين على بيعة الأمير المزعوم والخليفة الموهوم. ومن كان لا يحب نفسه، كان لغيرها أبغض،
فلا حاجة للحديث عن حبه لوطنه ومجتمعه والآخرين.
لذا فإن إحدى الاستراتيجيات الهامة لهزيمة الإرهاب على المدى الطويل تتمثل في زراعة الحب في أرجاء الوطن.
وحديثي هنا ليس حديثا رومانسيا يبتعد عن الواقع ويعيش في عالم الخيال، بل هو حديث يتفاعل مع الناس والتراب والمعطيات الملموسة.
زراعة الحب تتم بانتقاء أفضل البذور التي تثمر الحب في الأوطان،
ونعني بها أولا مجموعة التشريعات التي تضمن تحقيق العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن الواحد،
والتي يشعر من خلالها كل مواطن، أيا كانت هويته الخاصة، أنه وإخوته في الوطن شركاء غير متشاكسين لا يبغي بعضهم على بعض.
وثانيا مجموعة التشريعات التي تجرم كافة أشكال التمييز، قبليا كان أو مناطقيا أو طائفيا أو غيرها.
وثالثا الممارسات العملية على الأرض التي تتناغم مع التشريعات، إذ بدونها يكون التشريع عديم الطعم واللون والرائحة.
واستبدالها بأخرى تركز على احترام التنوع والاختلاف والتعددية.
وصنع الرأي العام من كل ما يشوبها من مفردات مضادة لزراعة الحب،
تهيئة الأرض تتم من خلال تصفية مناهج التعليم ووسائل الإعلام فمن غير التربة الحاضنة نكون كمن يكتب على الماء
بالطبع لا بد من تهيئة الأرض وإعدادها إعدادا مناسبا لاستقبال البذور واحتضانها،
الأول تشريعي والثاني تنفيذي، وبدون أحدهما لن تنبت في أرضنا شجرة الحب التي نريد.
ولكن واقع الحال المأساوي يهزأ بها ويضحك منها ملء شدقيه. بذور الحب تتكون نواتها من شقين،
نحن نعلم أن الدساتير في العالم العربي في الأغلب تتضمن نصوصا مصاغة بطريقة عبقرية يعجز عن أن يأتي بمثلها مردة الجن وعفاريتهم،
من الأرض الطيبة والبذور الطيبة والخطة الاستراتيجية المحكمة والإرادة السياسية الصادقة والرقابة الصارمة على التنفيذ يبدأ مشروع انتصار الحب على الإرهاب.
ما حدث في (جبلة) ينبغي أن يُسرِّع الخطى نحو تبني استراتيجية شاملة تعترف صراحة بمختلف مكونات الوطن
وتستوعبهم جميعا دون استثناء أو تمييز وتركز على زراعة الحب.
ربما يسألنا الشهداء بعد عام: ماذا بعد دمائنا، هل ثمة تغيير؟! ماذا سيكون جوابنا؟!!