قصّة اقتحام بيت السيدة فاطمة (عليها السلام) وضربها وإلقاء جنينها

قال العلاّمة المجلسي في البحار : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان ابن أبي عيّاش عن سلمان وعبد الله بن العبّاس ، قالا :
وتوفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم توفّي ، فلم يوضع في حفرته حتّى نكث الناس وارتدُّوا ، واجتمعوا على الخلاف ، واشتغل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتّى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته .
ثم أقبل (عليه السلام) على تأليف القرآن ، وشُغل عنهم بوصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقال عمر ( لعنه الله) لأبي بكر ( لعنه الله) : يا هذا إنّ النّاس أجمعين قد بايعوك ، ما خلا هذا الرّجل وأهل بيته ، وهؤلاء النفر ، فابعث إليه ، فبعث إليه ابن عمّ لعمر (لع) يقال له قنفذ وأبى علي (عليه السلام) أن يأتيهم ، فوثب عمر غضبان ، ونادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً


ثم أقبل حتّى انتهى إلى باب علي و فاطمة (عليهما السلام) و فاطمة (عليها السلام) قاعدة خلف الباب : قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فأقبل عمر حتى ضرب الباب ، ثم نادى : يا ابن أبي طالب افتح الباب ، فقالت فاطمة (عليها السلام) : يا عمر ، ما لنا ولك ، ألا تدعنا وما نحن فيه ؟ قال افتحي الباب وإلاّ أحرقنا عليكم ، فقالت : يا عمر ، أما تتقي الله عزّ وجلّ ، تدخل عليّ بيتي وتهجم عليّ داري ؟ فأبى أن ينصرف ، ثم دعى عمر بالنّار فأضرمها في الباب ، فأحرق الباب ثم دفعه عمر لعنة الله عليه ، فاستقبلته فاطمة (عليها السلام) وصاحت : يا أبتاه يا رسول الله ، فرفع عمر السيف وهو في غمده ، فوجأ به جنبها ، فصرخت ، فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت : يا أبتاه ، فوثب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بتلابيب عمر ، ثم هزّه فصرعه ، ووجأ أنفه ورقبته وهمّ بقتله ، فذكر قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما أوصاه به من الصبر والطّاعة .
فقال : والّذي كرّم محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوّة ، يا ابن صهّاك(*١) ، لولا كتاب من الله سبق لعلمتَ أنّك لا تدخل بيتي .(*٢) فأرسل عمر يستغيث ، فأقبل الناس حتّى دخلوا الدّار فكاثروه ، وألقوا في عنقه حبلاً ، فحالت بينهم وبينه فاطمة (عليها السلام) عند باب البيت ، فضربها قنفذ الملعون بالسوط ، فماتت حين ماتت ، وإنّ في عضدها كمثل الدّملج من ضربته لعنه الله ، فألجألها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت (صلوات الله عليها) من ذلك شهيدة (1) .

و رُوي أيضاً عن كتاب سليم ، أنّه أغرم عمر بن الخطاب في بعض سنين جميع عمّاله أنصاف أموالهم سوى قنفذ .
قال سليم : انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس فيها إلاّ هاشمي غير سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، ومحمّد ابن أبي بكر ، وعمر ابن أبي سلمة ، وقيس بن سعد بن عبادة ، فقال العباس لعليّ (عليه السلام) : ما ترى عمر منعه أن يغرم قنفذاً كما غرم جميع عمّاله ؟ فنظر علي (عليه السلام) إلى مَن حوله ، ثم اغرورقت عيناه ، ثم قال : شكر له ضربة ضربها فاطمة (عليها السلام) بالسوط فماتت وإنّ في عضدها أثره كأنّه الدّملج (2) .

وروى في الاحتجاج : احتجاجَ الحسن بن علي (عليه السلام) على معاوية وأصحابه في حديث طويل ، أنّه قال للمغيرة بن شعبة في جواب افترائه على أمير المؤمنين (عليه السلام) ووقوعه فيه (سلام الله عليه) : وأمّا أنت يا مغيرة بن شعبة ، فإنّك لله عدو ، ولكتابه نابذ ، ولنبيّه مكذّب ، إلى أن قال له : وأنت ضربت بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتّى أدميتها ، وألقت ما في بطنها ، استذلالاً منك لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومخالفة منك لأمره ، وانتهاكاً لحرمته ، وقد قال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ( يا فاطمة أنت سيّدة نساءِ أهل الجنّة ) والله مصيّرُك إلى النّار وجاعل وبال ما نطقت به عليك (3) .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار : ج28 ص297 ـ 299 ، وأيضاً 270 . وكذا رواه بألفاظ مختلفة في الوافي بالوفيات 5 / 547 ، والملل والنحل للشهرستاني : 1/ 57 ، وميزان الاعتدال للذهبي الشافعي : 1 /139 ، ولسان الميزان لابن حجر : 1/ 268 ، والمسعودي في إثبات الوصية : 123 ، وغيرهم .
(2) كتاب سليم : ص134 .
(3) الاحتجاج : ج1 ص414 . وقد ذكر الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي : 3 / 156 فقال : والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أنّ عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت فسمّى السقط محسناً . والرواية بذلك مشهورة عندهم . والظاهر أنّ الضرب لم يقتصر على عمر وحده ، وراجع أيضاً الاختصاص للشيخ المفيد : ص185 .
(*١) صهاك هي ام عمر ( لعنة الله عليهما) وهي امرأة زانية فاسقة والامام علي عليه السلام حين ناداه باسم امه اشارة الى انه ابن زنا
(*٢) الامام علي عليه السلام كان مقيد بالوصية وفعله هذا هو الحد المسموح به للدفاع عن اهل بيته عليهم السلام فليس مسموح له باستعمال السيف وهو بهذا يشبه موق نبي الله هارون عليه السلام حين عبد الناس العجل فلم يقاتلهم لان اخيه نبي الله موسى عليه السلام اوصاه بان لا يقاتل الا اذا كان له انصار ينتصر بهم.. وهكذا كان موقف الامام علي عليه السلام فالحفاظ على الاسلام كان اولى من ان يشهر سيفه فيزداد الناس في الردة عن الاسلام كما ان هذا قد ينتهي بقتله وقتل اهل بيته عليهم السلام لما في قلوب اعداءه من غل وبغض له على ما فعله باشياخهم وابطالهم في معارك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .