تفسير البسملة
وبيان دلالة لفظ الجلالة الله
♡♡♡♡♡♡♡♡
عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن تفسير بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ، قال:
«الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم مجد الله-و روى بعضهم: الميم ملك الله-و الله إله كل شيء، الرحمن بجميع خلقه، و الرحيم بالمؤمنين خاصة» .
٢٥٨_(٣)
- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن أسماء الله و اشتقاقها، والله مم هو مشتق؟فقال: «يا هشام، الله مشتق من إله، و الإله يقتضي مألوها، و الاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا، و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و عبد اثنين، و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أ فهمت يا هشام؟» .
قال: قلت زدني. قال: «لله تسعة و تسعون اسماء، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، و لكن لله معنى يدل عليه بهذه الأسماء، و كلها غيره.
يا هشام، الخبز اسم للمأكول، و الماء اسم للمشروب، و الثوب اسم للملبوس، و النار اسم للمحرق، (1)
أ فهمت-يا هشام-فهما تدفع به و تناضل به أعداء الله، المتخذين مع الله عز و جل غيره؟» .
قلت: نعم، فقال: «نفعك الله به و ثبتك، يا هشام» .
قال هشام: فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.
٢٥٩/ (٤) - و عنه: ... عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن معنى الله، فقال: «استولى على ما دق و جل» . (2)
٢٦٠/ (٥) - ابن بابويه ... عن ابن سنان، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاسم، ما هو؟فقال: «صفة لموصوف» .
٢٦١/ (٦) - و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن
ــــــــــــــــــــــــ
(٢) -الكافي ١: ٨٩/١.
(٣) -الكافي ١: ٨٩/٢.
(٤) -الكافي ١: ٨٩/٣.
(٥) -معاني الأخبار: ٢/١.
(٦) -معاني الأخبار: ٣/٢.
(1) في «س» : الحرق.
(2) ما دقّ و جلّ: حقر و عظم. «مجمع البحرين-دقق-٥: ١٦٢» .
༺༺༺༻༻༻
العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبدالله ع أنه سئل عن بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ، فقال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم ملك الله» .
قال:
قلت: الله؟قال: «الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا، و اللام إلزام الله خلقه ولايتنا» .
قلت: فالهاء؟قال: «هوان لمن خالف محمدا و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) » .
قلت: الرحمن؟قال: «بجميع العالم» .
قلت: الرحيم؟قال: «بالمؤمنين خاصة» .
٢٦٢/ (٧) -... عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) عن بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فقال:
«معنى قول القائل: بسم الله، أي: أسمي على نفسي سمة من سمات الله عز و جل و هي العبادة» .
قال: فقلت له: و ما السمة؟قال: «العلامة» .
٢٦٣/ (٨) -...و عن الحسن بن علي بن محمد ((عليه السلام)) في قول الله عز و جل: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ، فقال: «هو الله الذي يتأله (1) إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق، عند انقطاع الرجاء عن كل من هو دونه، و تقطع الأسباب من جميع من سواه، تقول: بسم الله، أي استعين على أموري كلها بالله، الذي لا تحق العبادة إلا له، و المغيث إذا استغيث، و المجيب إذا دعي.
و هو ما قال رجل للصادق ع : يا بن رسول الله، دلني على الله ما هو، فقد أكثر علي المجادلون و حيروني؟فقال له: يا عبدالله، هل ركبت سفينة قط؟قال: نعم. فقال: هل كسرت بك، حيث لا سفينة تنجيك، و لا سباحة تغنيك؟قال: نعم.
قال الصادق (عليه السلام) : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟قال:
نعم. قال الصادق عليه السلام : فذلك الشيء هو الله، القادر على الإنجاء حيث لا منجي، و على الإغاثة حيث لا مغيث.
ثم قال الصادق عليه السلام : و لربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فيمتحنه الله عز و جل بمكروه، لينبهه على شكر الله تبارك و تعالى و الثناء عليه، و يمحق عنه وصمة (2) تقصيره،
ــــــــــــــــــــــــ
(٧) -معاني الأخبار: ٣/١.
(٨) -التّوحيد: ٢٣٠/٥، معاني الأخبار: ٤/٢.
(1) أله إلى كذا: لجأ إليه، لأنّه سبحانه و تعالى المفزّع الذي يلجأ إليه في كل أمر. «لسان العرب-أله-١٣: ٤٦٩» .
(2) الوصم: العيب و العار. «الصحاح-و صم-٥: ٢٠٥٢» .
༺༺༻༻
عند تركه قول: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ .
قال: و قام رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال: أخبرني ما معنى بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ؟ فقال علي بن الحسين ع : حدثني أبي، عن أخيه الحسن، عن أبيه أمير المؤمنين ع : أن رجلا قام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ما معناه؟ فقال: إن قولك: الله، أعظم اسم من أسماء الله عز و جل، و هو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله، و لم يتسم به مخلوق.
فقال الرجل: فما تفسير قول الله؟ قال: هو الذي يتأله إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق، عند انقطاع الرجاء من جميع من[هو]دونه، و تقطع الأسباب من كل ما سواه، و ذلك[أن]كل مترئس في هذه الدنيا، و متعظم فيها، و إن عظم غناه و طغيانه، و كثرت حوائج من دونه إليه، فإنهم سيحتاجون حوائج[لا يقدر عليها هذا المتعاظم، و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج]لا يقدر عليها، فينقطع إلى الله عند ضرورته و فاقته، حتى إذا كفى همه، عاد إلى شركه. أما تسمع الله عز و جل يقول: قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتََاكُمْ عَذََابُ اَللََّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ اَلسََّاعَةُ أَ غَيْرَ اَللََّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ* `بَلْ إِيََّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مََا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شََاءَ وَ تَنْسَوْنَ مََا تُشْرِكُونَ (1) فقال الله جل و عز لعباده: أيها الفقراء إلى رحمتي، إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال، و ذلة العبودية في كل وقت، فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون و ترجون تمامه و بلوغ غايته، فإني إن أردت أن أعطيكم، لم يقدر غيري على منعكم، و إن أردت أن أمنعكم، لم يقدر غيري على إعطائكم، فأنا أحق من يسأل، و أولى من تضرع إليه.
فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ أي: استعين على هذا الأمر، الذي لا تحق العبادة لغيره، إلا له، المجيب إذا دعي، المغيث إذا استغيث، الرحمن الذي يرحم يبسط الرزق علينا، الرحيم بنا في أدياننا، و دنيانا، و آخرتنا، خفف علينا الدين، و جعله سهلا خفيفا، و هو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه» .
ثم قال: «قال رسول الله (ﻭﺁلـﷺـه) : من حزنه أمر تعاطاه فقال: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ و هو مخلص لله، و يقبل بقلبه إليه، لم ينفك من إحدى اثنتين: إما بلوغ حاجته في الدنيا، و إما يعد له عند ربه و يدخر له، و ما عند الله خير و أبقى للمؤمنين» .
٢٦٤/ (٩) - العياشي: عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله ع ، في تفسير بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فقال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم مجد الله-و رواه غيره عنه: ملك الله-و الله إله الخلق، الرحمن بجميع العالم، الرحيم بالمؤمنين خاصة» .
و رواه غيره عنه: «و الله إله كل شيء» .
ـــــــــــــــــــ
(٩) -تفسير العيّاشي ١: ٢٢/١٨-٢٠.
(1) الأنعام ٦: ٤٠ و ٤١.
༺༺༻༻
٢٦٥/ (١٠) - عن الحسن بن خرزاذ، قال: كتبت إلى الصادق عليه السلام أسأل عن معنى الله. فقال: «استولى على ما دق و جل»
٢٦٦/ (١١) - تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام قال: «قال الصادق ع : و لربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فيمتحنه الله بمكروه، لينبهه على شكر الله و الثناء عليه، و يمحو عنه وصمة تقصيره، عند تركه قول: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ .
لقد دخل عبدالله بن يحيى على أمير المؤمنين عليه السلام ، و بين يديه كرسي، فأمره بالجلوس عليه، فجلس عليه، فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، و سال الدم، فأمر أمير المؤمنين ع بماء، فغسل عنه ذلك الدم. ثم قال: ادن مني، [فدنا منه]فوضع يده على موضحته (1) ، و قد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، و مسح يده عليها و تفل فيها، حتى اندمل و صار كأنه لم يصبه شيء قط.
و قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا عبدالله، الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم، لتسلم لهم طاعاتهم، و يستحقوا عليها ثوابها.
فقال عبدالله بن يحيى: يا أمير المؤمنين، و إنا لا نجازى بذنوبنا إلا في الدنيا؟ قال: نعم، أما سمعت قول رسول الله (ﻭﺁلـﷺـه): الدنيا سجن المؤمن، و جنة الكافر. إن الله تعالى طهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم به من المحن، و بما يغفره لهم، فإن الله تعالى يقول: وَ مََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (2) حتى إذا وردوا يوم القيامة، توفرت عليهم طاعاتهم و عباداتهم.
و إن أعداءنا يجازيهم عن طاعة تكون في الدنيا منهم-و إن كان لا وزن لها، لأنه لا إخلاص معها-حتى إذا وافوا القيامة، حملت عليهم ذنوبهم، و بغضهم لمحمد و آله (صلوات الله عليهم أجمعين) و خيار أصحابه، فقذفوا في النار.
فقال عبدالله بن يحيى: يا أمير المؤمنين، قد أفدتني و علمتني، فإن رأيت أن تعرفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، حتى لا أعود إلى مثله؟ فقال: تركك حين جلست أن تقول: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فجعل الله ذلك لسهوك عما ندبت إليه تمحيصا بما أصابك، أما علمت أن رسول الله | حدثني، عن الله عز و جل أنه قال: كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم الله، فهو أبتر؟ فقلت: بلى-بأبي أنت و أمي-لا أتركها بعدها. قال: إذن تحظى (3) و تسعد.
قال عبدالله بن يحيى: يا أمير المؤمنين، ما تفسير بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ ؟
ــــــــــــــــــــــ
(١٠) -تفسير العيّاشي ١: ٢١/١٥.
(١١) -التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ع : ٢٢/٧.
(1) الموضحة: الشجّة التي تبدي وضح العظم. «الصحاح-وضح-١: ٤١٦» .
(2) الشّورى ٤٢: ٣٠.
(3) في المصدر: تحصن بذلك.
༺༺༻༻
قال: إن العبد إذا أراد أن يقرأ، أو يعمل عملا، فيقول: بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ أي بهذا الاسم أعمل هذا العمل، فكل عمل يعمله، يبدأ فيه بـ بِسْمِ اَللََّهِ اَلرَّحْمََنِ اَلرَّحِيمِ فإنه مبارك له فيه» .
٢٦٧/ (١٢) - (ربيع الأبرار) للزمخشري: قال
: قال رجل لجعفر بن محمد عليه السلام : ما الدليل على الله، و لا تذكر لي العالم و العرض و الجواهر؟فقال له: «هل ركبت البحر؟» قال: نعم. قال: «فهل عصفت بكم الريح، حتى خفتم الغرق؟» قال: نعم. قال: [قال: «فهل انقطع رجاؤك من المركب و الملاحين؟» قال: نعم. ]قال: «فهل تتبعت نفسك أن ثم من ينجيك؟» قال: نعم.
قال: «فإن ذاك هو الله سبحانه و تعالى، قال الله: عز و جل: ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاََّ إِيََّاهُ (1) و إِذََا مَسَّكُمُ اَلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ » . (2)
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
(١٢) -ربيع الأبرار ١: ٦٦٣.
(1) -الكافي ٢: ٧٨/١٠.
(2) -كشف الغمّة ٢: ١١٨.
༺༺༻
مقتبس من تفسير( البرهان في تفسير القرآن) لسيد هاشم البحراني
༻༻༻
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين