لم تكن الموسيقى محور اهتمام الفيلم، بقدر ما كان الاهتمام الرئيسي هو بتصرفات ألين أو ديون.
فاليري لوميرسييه (بثوب الزفاف) مؤلفة ومخرجة فيلم "ألين" أنها حصلت على موافقة من أحد مديري أعمال سيلين ديون (مواقع التواصل)
تضمنت قائمة مهرجان "كان" السينمائي لهذا العام فيلما غير رسمي بعنوان "ألين" (Aline)، من تأليف وإخراج وبطولة النجمة الفرنسية فاليري لوميرسييه، الفائزة مرتين بجائزة سيزار.
أثار الفيلم ضجة في المهرجان -قبل أن يخرج من المنافسة- بسبب مقاربته الغريبة لقصة حياة المغنية الفرنسية الكندية سيلين ديون. فمن غير المعتاد أن يستخدم فيلم سيرة ذاتية نفس الموسيقى والأغاني الرسمية للمغني، لكن باسم مستعار. غير أن لوميرسييه وهي تكتب وتُخرج وتُمثل فيلم "ألين"، اعتبرت أن حياة ديون ومسيرتها المهنية مصدر إلهام لبناء سيرة ذاتية مُحتملة وغير تقليدية، وسوقت للفيلم على أنه "خيال مستوحى بحرية من حياة ديون"، دون أن تتوقع أن يثير تلك الضجة.وبينما لم تتحدث سيلين ديون علنا عن الفيلم، إلا أن لوميرسييه تزعم أنها حصلت على موافقة من أحد مديري أعمالها.
لكن هذا لم يمنع أن يحقق الفيلم أكثر من 10 ملايين دولار في شباك التذاكر عند عرضه بفرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقبل أن يُعرض في الولايات المتحدة الأميركية في 21 يناير/كانون الثاني القادم.
نقد قاس
الناقد السينمائي فابيان لوميرسييه اعتبر أن الفيلم "سلط الضوء بشكل جذاب على روح الدعابة والمراوغة في نشأة ديون، كطفلة مبكرة النضوج، حريصة على أن تصبح نجمة شهيرة".
لكن بيتر ديبروغ رأى فيه "تحية مبتذلة بلا خجل، للنجمة سيلين ديون وعلاقتها الرومانسية مع زوجها ومديرها، المنتج الموسيقي رينيه أنغيليل، دون أن تستخدم اسمها الحقيقي".
كما انتقده بقسوة كايل بوكانان الناقد بصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فقال إنه "في كثير من الأحيان، يتسلل شيء غريب الأطوار تماما لمهرجان كان السينمائي، مثل فيلم ألين؛ تلك السيرة الذاتية غير الرسمية للمغنية سيلين ديون التي جعلت الجمهور يضحك". حيث تبدأ افتتاحية الفيلم بإخلاء المسؤولية، من خلال عرض بطاقة تنص على أن "الفيلم مستوحى من حياة سيلين ديون، لكنه عمل خيالي". ويمعن بوكانان في انتقاده قائلا "لا أستطيع أن أشرح نصف مقاربات الإخراج المُقدمة في الفيلم، لكنها على الأقل حمقاء للغاية".
مُبهرة ومبتذلة
أما الناقد ريتشارد لوسون، فيرى أن ما فعلته لوميرسييه (57 عاما) يمثل "صدمة مطلقة"، حيث لعبت شخصية ألين المستوحاة من سيلين ديون، في جميع مراحل حياتها؛ منذ أن كان عمرها 12 عاما، ثم وهي مراهقة، ثم وهي في العشرينات، وهكذا، حتى اليوم. من خلال التلاعب بالمؤثرات البصرية والمكياج والإضاءة، "بطريقة قد تصلح على خشبة المسرح، ولكنها قد تتحول لصدمة في اللقطات السينمائية القريبة، وخصوصا إذا خلت من الكوميديا، بينما تشغل الأغاني التي يمكن الاستماع إليها بسهولة في المنزل حوالي 45% من مدة العرض البالغة 128 دقيقة".
ورغم ذلك، يقول لوسون "لم تكن الموسيقى محور اهتمام الفيلم، بقدر ما كان الاهتمام الرئيسي بتصرفات ألين -أو ديون- وحياتها العائلية وعلاقتها الطويلة مع زوجها".
ومع اقترابه من نهايته، يتعثر الفيلم فيتعامل مع وفاة الزوج بفظاعة، وينغمس في تفاصيل المشاريع التي جعلت ديون مليارديرة تقريبا؛ "لتؤكد لوميرسييه مرة أخرى أن اهتمامها منصب على الشؤون الخاصة بديون، أكثر من أي شيء، في إطار تقني بارد"، على حد تعبير لوسون الذي يضيف أن "الفيلم قدم سيلين ديون كشخصية عامة، غريبة بعض الشيء؛ مُبهرة ورائعة، لكنها بلهاء ومبتذلة".
شهرة لم تمنع المأساة
تبدأ الأحداث بعائلة تتكون من الأم سيلفيت ديو (دانييل فيشود)، والأب أنغلومارد ديو (روك لافورتون)، و14 طفلا، أصغرهم ألين التي ولدت عام 1968 (نفس تاريخ ميلاد سيلين ديون)، وحققت شعبية كبيرة بسبب صوتها الجميل الذي يكتشفه المنتج الموسيقي غاي كلود (سيلفيان مارسيل، المقابل لزوج ديون: رينيه أنغيليل)، فيقرر أن يجعلها مغنية عالمية، بعد سلسلة من عمليات تجميل الأسنان، ودروس اللغة الإنجليزية والرقص.
وفي السابعة عشرة من عمرها، تقع في حب منتجها الذي يكبرها بـ26 عاما، رغم رفض والدتها التي نهرت كلود قائلة "لقد خنت ثقتنا، لن يهتم بنا الجمهور ولا الصحافة في وجود قصة حب بين فتاة صغيرة ورجل عجوز"، لكن الفتاة انتصرت، وأقيم لها حفل زفاف فخم في كاتدرائية نوتردام في مونتريال، تم بثه في التلفزيون الكندي على الهواء مباشرة عام 1994.
لكن، لأن الشهرة لا تلغي مشاكل الحياة، وبينما كانت مسيرة ألين تتجه نحو الأوسكار من خلال فيلم "تايتنيك"، إذا بها تفكر في إنجاب الأطفال، فيأتيها طفل، ثم توأمان. وتلتزم في نفس الوقت بحياة مهنية مرهقة في لاس فيغاس، ويصبح حضورها وسط عائلتها محدودا، وتكتمل المأساة بوفاة كلود.
حبّ حتى النهاية
بقيت ديون طوال 21 عاما إلى جانب زوجها أثناء معركته مع السرطان. فمنذ عام 1981، عندما استمع "أنغيليل" إلى غنائها وهي بعمر 12 عاما، لم يتردد في رهن منزله لتمويل أول ألبوماتها واصطحابها في جولة في كل من كندا واليابان وأوروبا.
اختارت سيلين ديون التوقف عن الغناء عام 1998 للعناية بزوجها بعد اكتشاف إصابته بسرطان الحلق (غيتي)
ليستمر نجمها في الارتفاع، وتفوز بمسابقة الأغنية الأوروبية عام 1988، وجائزة أوسكار وغرامي عام 1991، ثم جائزة الموسيقى العالمية في مونت كارلو عام 1995. وفي عام 1997، فازت إحدى أشهر أغنياتها بفيلم "تيتانيك" (Titanic) بجائزة الأوسكار لأفضل أغنية أصلية.
لكنها اختارت التوقف عن الغناء عام 1998، من أجل العناية بزوجها، بعد اكتشاف إصابته بسرطان الحلق، وحتى تعافيه منه في عام 2000.
ثم ما لبثت أن توقفت مرة أخرى بعد تنظيم 717 حفلا، وبيع 3 ملايين تذكرة؛ على إثر التأكد من معاودة السرطان للهجوم على أنغيليل عام 2013، لتعتني بحبها الكبير حتى وفاته مطلع عام 2016.
بالطبع لا يخلو العمل من متعة مشاهدة ليميرسييه وهي تعيد إحياء عروض سيلين ديون حول العالم، "ولكن يبدو أنها تسعى للحصول على موافقة ديون قبل أي شيء"، وفقا لوجهة نظر بيتر ديبروغ.