الغلاف المغناطيسي الضعيف يمكن اختراقه بسهولة بواسطة الرياح الشمسية مما يؤدي إلى تلف في طبقة الأوزون واضطراب مناخي وأحداث انقراض.
تُعرف ألوان الشفق القطبي باسم "أورورا" وهي مزيج من الألوان الباهرة (غيتي)
يعرف الشفق القطبي (Aurora) بأنه مزيج من الألوان التي تتشكل على القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية ويسمى الشفق الشمالي عندما يظهر في القطب الشمالي، والشفق الأسترالي عند ظهوره في القطب الجنوبي.
في المؤتمر السنوي لاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي (AGU)، الذي عقد الشهر الجاري في "نيو أورلينز" بالولايات المتحدة، أفاد فريق من العلماء أن اضطراب المجال المغناطيسي للأرض الذي وقع قبل 41 ألف عام تقريبا كان قد دفع الشفق القطبي نحو خط الاستواء حيث لا يمكن رؤيته أبدا، وأن الأمر قد استغرق حوالي 1300 عام حتى يستعيد المجال المغناطيسي قوته وميلانه الأصليين.
تتفاعل الجسيمات المحمولة بالرياح الشمسية مع غازات الغلاف الجوي وتضيء سماء الليل (بيكسابي)
"حدث لاشامب"
أسفر الاضطراب المغناطيسي الأرضي المعروف بـ "حدث لاشامب" (Laschamps) والذي كان قد وقع قبل 41 ألف عام عن ضعف في الشمال والجنوب المغناطيسي للكوكب، مما أدى إلى ميلان المجال المغناطيسي حول محوره إضافة إلى فقدان جزء بسيط من قوته.
ويسمى "حدث لاشامب" أيضا بالرحلة المغناطيسية للأرض عندما تتبادل الأقطاب المغناطيسية الأماكن لفترة وجيزة قبل عودتها إلى موقعها الأصلي من جديد.
وأثر هذا الحدث على قوة الشد المغناطيسي التي تعمل عادة على توجيه الجسيمات الشمسية المحمولة بالرياح الشمسية نحو القطبين الشمالي والجنوبي، لتتفاعل بدورها مع غازات الغلاف الجوي وتضيء سماء الليل هناك.
ووفق تقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science alret)، أشار أجنيت موخوبادياي طالب دكتوراه في قسم علوم المناخ والفضاء بجامعة ميشيغان (University of Michigan) إلى أن هذه الفترة من التغير الجيومغناطيسي المكثف ربما تكون قد شكلت أيضا تغيرات في الغلاف الجوي للأرض، وأثرت بدورها على الظروف المعيشية في أجزاء من الكوكب.
ويؤدي الانجراف المعدني بالقرب من مركز الأرض، المتزامن مع دوران كوكب الأرض، إلى توليد أقطاب مغناطيسية على السطح في الشمال والجنوب. وتربط خطوط المجال المغناطيسي القطبين في أقواس منحنية تشكل ما يعرف باسم "الغلاف المغناطيسي" والذي يحمي الكوكب من الجسيمات المشعة القادمة من الفضاء.
ويحمي الغلاف المغناطيسي أيضا الغلاف الجوي للأرض من التآكل بفعل الرياح الشمسية، أو الجسيمات التي تأتي مع الرياح الشمسية.
خطوط المجال المغناطيسي تربط القطبين في أقواس منحنية تشكل الغلاف المغناطيسي (غيتي)
اضطراب مغناطيسية الأرض
ويقول موخوبادياي إن قوة الغلاف المغناطيسي تراجعت قبل نحو 41 ألف عام تقريبا "إلى ما يقرب من 4% من القيم الحديثة" انحرفت عن محورها الأصلي. وأضاف "عدة تحقيقات في الماضي توقعت اختفاء الغلاف المغناطيسي تماما خلال النهار".
وجمع الباحثون بيانات حول مغناطيسية الكوكب من رواسب الصخور القديمة إضافة إلى البيانات البركانية، وذلك لمحاكاة المجال المغناطيسي خلال "حدث لاشامب". وقاموا بدمج هذه البيانات في عملية محاكاة لتفاعلات الغلاف المغناطيسي مع الرياح الشمسية، ثم قاموا باستعمال هذه النتائج في نموذج آخر لحساب موقع الشفق القطبي وشكله وقوته.
ويوضح "موخوبادياي" أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء هذه التقنية "لمحاكاة نظام الفضاء الجغرافي والتنبؤ بتكوينات الغلاف المغناطيسي، إلى جانب موقع الشفق القطبي".
ووجدوا أنه رغم تقلص الغلاف المغناطيسي إلى حوالي 3.8 مرات من نصف قطر الأرض خلال "حدث لاشامب" فإنه لم يختف تماما. وخلال هذه الفترة تحرك القطبان اللذان كانا موجودين سابقا في الشمال والجنوب باتجاه خطوط العرض الاستوائية، وتبعهما الشفق القطبي.
خلال "حدث لاشامب" كان الميل المغنطيسي الأرضي منحرفا بشكل كبير عن القطبين الجغرافيين (غيتي)
وأشار موخوبادياي إلى أن "الميل المغنطيسي الأرضي كان منحرفا بشكل كبير عن القطبين الجغرافيين، مما أدى إلى دفع مناطق الشفق القطبي من المناطق القطبية الجغرافية للأرض إلى خطوط العرض في اتجاه خط الاستواء".
ويعتقد الباحث وفريقه أن قابلية السكن على الأرض فترة ما قبل التاريخ قد تأثرت خلال "حدث لاشامب" الذي تسبب بأزمة بيئية، وهي نتيجة تتوافق مع ما توصلت إليه أبحاث سابقة أيضا.
ففي وقت سابق من العام الجاري، وجد باحثون آخرون أن الغلاف المغناطيسي الضعيف يمكن اختراقه بسهولة بواسطة الرياح الشمسية، مما يؤدي إلى تلف في طبقة الأوزون واضطراب مناخي وأحداث انقراض، وربما ساهم ذلك في اختفاء "إنسان نياندرتال" في أوروبا أيضا حسب ما أورد تقرير نشر في موقع "لايف ساينس" (Live Science) في فبراير/شباط من العام الجاري.