جفت الزيتون ملاذ العائلات الأردنية في الشتاء
بعد انتهاء عصر الزيتون في الأردن، تنشط صناعة الجفت، الذي يعد من أهم وسائل التدفئة البدائية البديلة عن المحروقات المختلفة، وتتجه معظم العائلات لهذا البديل، باعتباره وسيلة تدفئة أفضل من نواحٍ عديدة، أبرزها أن سعره أقل، ويتناسب مع قدرة العائلات، علاوة على أن الطاقة الحرارية التي يبعثها أطول، وتمنح شعوراً مشابهاً إلى استخدام الحطب.
الجفت هو المخلفات التي تنتج عن عصر الزيتون، وفي بعض الدول، يعتبرونه ثروة، وفي دول أخرى يتم تصنيفه بأنه من النفايات، ويجد الأردنيون في هذه الصناعة، طريقة للعمل وتحسين الدخل، والاستفادة من المخلفات التي تصل كمياتها إلى أطنان.
مدير معصرة الجزازي الحديثة، يوسف الجزازي، يقول: في السابق، كانت مخلفات الزيتون أو ما يعرف بالجفت، مشكلة بيئية، فهي مخلفات ذات كميات كبيرة، ولا يعرف كيفية التخلص منها، أما الآن، فصناعة الجفت أصبحت تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على الأشجار الحرجية، وعدم تعرضها للتحطيب الجائر، هذه الصناعة قديمة حديثة، حيث عُرفت منذ ما يقارب الربع قرن، واعتمد الإنسان عليها في التدفئة، فمخلفات العصر تحتوي على بذرة الزيتون، وقشره وأيضاً اللب، ومن هنا، عند إشعاله يعطي طاقة كبيرة للمكان، وتدوم طويلاً، فخشب الزيتون من أقسى أنواع الخشب، ووجود الزيت يسهم في دوامه.
وبيّن الجزازي: إن هذه الصناعة موجودة بكثرة في مناطق الشمال، وأغلب العائلات الأردنية أصبحت تعتمد عليه لعدة أسباب، أولها أن ثمنه أقل من ثمن المحروقات، أيضاً الجفت يستخدم في (الفايربليس)، علاوة على استخدامه في التدفئة المركزية لأي منزل، وهنالك استخدامات مختلفة، من بينها استخدامه كسماد عضوي، لتحسين جودة التربة، ومن الممكن أن يدخل أيضاً في صناعة الصابون والأعلاف والفحم.
وأشار: إن العمل في هذه الصناعة، يبدأ منذ شهر أبريل، لأن صناعته تأخذ وقتاً من الكبس إلى التنشيف في الشمس، إلى التعبئة، وهو فرصة لتشغيل الأيدي العاملة، فهذه الكميات للاستهلاك الداخلي وللتصدير.
وختم قائلاً: «نحن فعلياً بحاجة ماسة إلى كل مساحة خضراء موجودة في بلدنا، والجفت يدعم وجود الأشجار، ويساعد العائلات على توفير مصادر للتدفئة، أقل ثمناً مما هو موجود، فالكيس الواحد الذي يزن 25 كيلو غراماً، يبلغ سعره دينارين، ولكن كميات إنتاجه تعتمد بشكل مباشر على موسم الزيتون، إن كان قوياً أو ضعيفاً، وكما هو معروف، فإن مواسم الزيتون تختلف من سنة إلى أخرى.
صناعة متوارثة
أما محمد بني مرتضى من محافظة عجلون، وهو من المتخصصين في هذه الصناعة، يعلق قائلاً: نعمل على جمع مخلفات الزيتون وعصره من المعاصر، ومن ثم نبدأ في تصنيعه، فهو يحتاج إلى وقت، حتى يظهر بالشكل الأسطواني الذي نراه، وحتى يجف من الرطوبة، ويصلح استخدامه للتدفئة، فهو شبيه للحطب.
ويبين بني مرتضى، أن هذه الصناعة موجودة في دول أخرى، مثل تركيا وفلسطين، فالجفت معروف منذ سنوات طويلة، بأنه يستخدم للتدفئة، وطريقة صناعته تناقلت من جيل لآخر، وقبل ذلك، كان يتم التخلص منه، إما بنقله وتجميعه في الصحراء، أو بحرقه من دون الفائدة منه.
وفي الأردن، يوجد 132 معصرة زيتون، وفي هذا العام، وصلت كميات ثمار الزيتون إلى 170 ألف طن، والكميات الموجهة إلى المعاصر، 131 ألف طن، وبالتالي، فإن مخلفات العصر كبيرة، تبلغ حوالي 50 ألف طن، ويبلغ سعر الجفت الأخضر، بين 50 و60 ديناراً للطن، في حين يصل سعر الجاف، إلى ما بين 80 و100 دينار.