يمثل اللجوء إلى الكتابات الساخرة في العراق آمال الذين لم يحصلوا على دولة تحقق تطلعاتهم وما يريدونه. انتقل العراق من الاستبداد إلى الاحتلال وحكم المحاصصة والتوزيع الطائفي، وما يكتبه الناس ليس إلا تعبيرًا عن ما فقدوه من استقرار وأمان وحقوق وحريات مسلوبة. في هذا الصدد، يقول أحمد الحسيني، وهو كاتب محتوى ساخر، إنني "كتبت السخرية لأنها تقدم لي بكتابتها، على الأقل، عزاء أواسي به نفسي أمام انعدام كل القيم والمبادئ والرؤى التي تُبنى عليها الدول الحديثة"، مضيفًا في حديثه لـ"ألترا صوت"، "اعتقد بأني لو كنت مواطنًا في دولة ينعم أهلها بالعدالة والتوزيع السليم لفرص العمل، لما شهرت قلمي ساخرًا بوجه السلطة التي لا أرى منها غير الظلم والاستبداد وتمرير كل أجندات التخريب في بلدي"، مشيرًا إلى أن "السخرية هنا سلاحي الوحيد وسط ملايين القنابل وقاذفات اللهب والحروب والدم".
أنني "أكتب عن السخرية ليس بوصفها تنمّرًا او تهكمًا على شخصيات، بل السخرية بمفهومها المعارض المهشم لقدسية السلطة والاستبداد" "أنها مثلًا تعبير عن فقدان هوية الرفض والاستبداد. وكتابة السخرية وتنفيذها على شكل برامج أو مقالات، محاولة بائسة لإعادة تخليق هذه الهوية لتكون أشبه بسكينٍ في خاصرة هذا الخراب، ولو على سبيل التمنّي حتى لجوء الناس في مواقع التواصل الاجتماعي للسخرية، باعتبارها سلوك معارضة اجتماعية، يبقيهم في سلسلة البشر الرافضين للظلم والهوان والاستبداد