بيثاني روبرتسون مدير مجموعة "الآباء معا" في واشنطن: لا يمكننا التضحية بالخصوصية والسلامة والصحة العقلية للأطفال فقط من أجل الراحة التي يوفرها انتشار هذه المنصات في كل مكان.
مجموعات المدارس والأندية تضع الأبوين في موقف لا يحسدان عليه للدفع بانضمام أبنائهما لمواقع التواصل (غيتي)
من الصعب إبعاد الأطفال عن مواقع التواصل الاجتماعي خاصة عندما يكون لدى أصدقائهم جميعا حسابات، لكن عندما يأتي الضغط من الأندية المدرسية والفرق الرياضية وغيرها فإن جهود الآباء لتأخير ارتماء أبنائهم في أحضان العالم الافتراضي قد تكون بلا جدوى.
فقد أدت شعبية وسهولة استخدام مجموعات الدردشة ووسائل التواصل الأخرى إلى قيام العديد من المدربين والمعلمين ومشرفي الأندية وقادة مجموعات الشباب بِحث الأطفال على الانضمام لتطبيقات مثل إنستغرام وواتساب وديسكورد.
تقول صحيفة وول ستريت جورنال (wsj) الأميركية، في تقرير ناقش الظاهرة، إن هذا المعطى يضع الأبوين في موقف لا يحسدان عليه، خاصة عندما يصبح أبناؤهم أكبر سنا، فهما يتعاملان بنفسيهما مع كل تواصل أو رسالة واردة من هذه المدرسة أو ذاك الفريق، فهؤلاء الأبناء لا يزالون -في نظر آبائهم- صغارا رغم كبرهم لخوض غمار مواقع التواصل.
لا وسائط اجتماعية حتى سن 13 عاما حينما يكون الأطفال في سن تؤهلهم للاشتراك في التطبيقات كما يقول مايكل كوفمان (غيتي)
قاعدة صارمة
يقول مايكل كوفمان، ممثل لخدمة العملاء في نيويورك، إنه يتبنى "قاعدة صارمة" في التعامل مع أطفاله الثلاثة: لا وسائط اجتماعية حتى سن 13 عاما حينما يكون الأطفال مبدئيا في سن تؤهلهم للاشتراك في التطبيقات.
لذلك عندما طلب مدرس العلوم في المدرسة الإعدادية التي ترتادها ابنته الكبرى من الطلاب، الذين كانوا يبلغون من العمر 11 عاما، التقاط صور لمشاريعهم ونشرها على إنستغرام، نبه المدير الذي تدخل ووضع حدا للأمر.
ومؤخرا انضمت الابنة نفسها، وهي الآن في المدرسة الثانوية، إلى نادي التصوير بالمدرسة حيث تم إخبار الطلاب بأنهم سيشاركون صورهم على إنستغرام، فاختارت مغادرة النادي بدلا من ذلك.
ويعلق كوفمان قائلا "لديها اهتمام قليل بوسائل التواصل.. أعلم أنها مختلفة" ومع ذلك، فقد كانت تريد حقا الانضمام إلى تيك توك ولم تحصل على الإذن سوى حينما بلغت 13 عاما حيث أرادت الانضمام للتطبيق من أجل مشاركة مقاطع فيديو اقتداء بباقي صديقاتها في فريق الرقص الخاص بهن لتبادل ردود الفعل بين بعضهن البعض.
وفي السنوات التي تلت تشجيع كوفمان ابنته الكبرى لأول مرة على الانضمام إلى إنستغرام، أصبحت المخاطر التي تشكلها وسائل التواصل على الأطفال أكثر وضوحا مما برر للآباء فرض مدد منع أكبر على أبنائهم قبل السماح لهم بالتسجيل في تطبيقات ومنصات التواصل المختلفة.
المخاطر التي تشكلها وسائل التواصل على الأطفال أصبحت أكثر وضوحا (غيتي)
الأطفال على إنستغرام
سيندي شميت، أم 4 أطفال في تامبا بولاية فلوريدا، لا تسمح لأطفالها بالوجود على إنستغرام، ومع ذلك فقد استخدمت مجموعات الشباب في كنيستهم التطبيق لنشر الصور والتحديثات حول الأحداث التي تنظمها الكنيسة "وهو ما فوت علينا بعض الأشياء أحيانا أو جعلنا خارج دائرة الاطلاع قليلا في أحيان أخرى" كما تقول.
وذكرت أنه بالرغم من رغبتها في استمرار الكنيسة ببث الأحداث والفعاليات على مواقع التواصل، بالإضافة إلى المنشورات الاجتماعية، إلا أنها لم تثر مخاوفها لأنها أرادت أن يتمكن قادة مجموعة الشباب من الوصول إلى الأطفال الموجودين بالفعل على إنستغرام.
انضمام الطفل لمواقع التواصل قد يعرضه للاستغلال من قبل الغرباء (غيتي)
التواصل مع شخص غريب
أم أخرى في بلدة صغيرة بالقرب من مدينة سياتل الأميركية، روت كيف أنه بعد انضمام فرقة مدرسة ابنتها إلى تطبيق "ديسكورد" انتهى المطاف ببنتها البالغة من العمر 16 عاما بالتواصل مع شخص غريب طلب منها أن ترسل له صورا إباحية لها.
الأطفال يستخدمون التكنولوجيا للتواصل حتى دون الانخراط في منصات للتواصل (غيتي)
مجموعة "الآباء معا"
ويؤكد بيثاني روبرتسون، مدير مجموعة "الآباء معا" (ParentsTogether)، وهي مجموعة غير ربحية للدفاع عن الأسرة في واشنطن العاصمة، أنه "لا يمكننا التضحية بالخصوصية والسلامة والصحة العقلية للأطفال فقط من أجل الراحة التي يوفرها انتشار هذه المنصات في كل مكان".
من ناحية أخرى، يستخدم الأطفال التكنولوجيا للتواصل حتى دون الانخراط في منصات للتواصل، حيث تؤكد إحدى الأمهات في فانكوفر الكندية أنه بعد أن قرر مسؤولو الصف الدراسي لابنتها بالصف السادس استخدام وظيفة الدردشة في "ميكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams) أثناء فترة الدراسة عن بُعد، وسرعان ما دخلت ابنتها وزميل لها في جدال حاد وانضم إليهما آخرون، فأبلغت إدارة المدرسة التي تدخلت وقامت تعطيل ميزة الدردشة.