يمكن لنظام انشطاري صغير وخفيف الوزن -قادر على العمل على مركبة هبوط أو مركبة جوالة على سطح القمر- توفير ما يصل إلى 10 كيلوواتات من الطاقة الكهربائية.
تتجه البشرية مرة أخرى إلى القمر، وهذه المرة تخطط للبقاء (وكالة الفضاء الأوروبية)
تتجه البشرية مرة أخرى إلى القمر، وهذه المرة تخطط للبقاء، لكن سيحتاج رواد الفضاء في بعثاتهم طويلة المدى إلى بنية تحتية للعيش والعمل وللتحرك والتواصل مع الأرض، وإنتاج الأكسجين والماء الضروريين للبقاء على قيد الحياة، ونقل كل هذا من الأرض إلى القمر باهظ التكلفة، لهذا بدلا من ذلك، نحتاج إلى معرفة كيفية صنعه في القمر.
كريستال البيريت
عرض العلماء العديد من الأفكار، منها ما هو طموح مثل فكرة استخدام كريستال البيريت (الذهب الكاذب)، والذي يبلغ حجمه 400 مليمتر فقط، ويستخدم في صنع الخلايا الشمسية الصغيرة، ويعتقد العلماء أنه يمكن أن يكون مصدرا مستقبليا واعدا للطاقة على القمر.
فكما ذكر تقرير نشر على موقع "ساي تيك دايلي" (Scitechdaily) في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري أنه من خلال العمل مع جامعة تالين للتكنولوجيا في إستونيا، درست وكالة الفضاء الأوروبية "إي إس إيه" (ESA) إنتاج لفائف تشبه ورق الصنفرة من هذه البلورات الدقيقة كقاعدة للخلايا الشمسية أحادية الطبقة.
ويوضح أدفينيت ماكايا مهندس التصنيع المتقدم في وكالة الفضاء الأوروبية "نحن ننظر إلى هذه البلورات الدقيقة في سياق الاستيطان القمري في المستقبل"، ويضيف قائلا "ستحتاج قواعد القمر في المستقبل إلى العيش بشكل مستقل عن الأرض من أجل أن تكون مستدامة، ويمكن استخراج الحديد والكبريت اللازمين لإنتاج البيريت من سطح القمر".
يمكن لهذه البلورة الصغيرة من البيريت الحديدي أن تكون مصدرا مستقبليا واعدا للطاقة على القمر (مواقع إلكترونية)
ويقول الدكتور تافي رادك لـ"ساي تيك دايلي" إن هدفهم هو "تطوير تكنولوجيا لصنع بلورات البيريت الدقيقة واستخدامها في خلية شمسية أحادية الطبقة، حيث تعمل كل بلورة صغيرة كخلية شمسية فردية"، موضحا أن "كمية الطاقة التي تولدها خلية واحدة ليست كافية ولكن في الوحدة ذات الحجم العادي سيكون هناك مليارات من هذه الخلايا، ومن حيث المبدأ لا يوجد قيود من حيث حجمها وشكلها. بالإضافة إلى ذلك، لدينا هدف وهو أن تكون جميع المواد الضرورية يمكن الحصول عليها من سطح القمر".
من جهته يضيف ماكايا أن "هذه ليست سوى واحدة من مجموعة من طرق استخدام الموارد في الموقع التي تبحث عنها وكالة الفضاء الأوروبية للقمر أو أبعد من ذلك"، ويعد توفر الطاقة عاملا مهما في اختيار موقع قاعدة القمر المستقبلية، فمثلا يُفضل اختيار القطب الجنوبي للقمر، بسبب "قمم الضوء الأبدي" حيث تكون الطاقة الشمسية متاحة بشكل مستمر تقريبا، أما عند خطوط العرض المنخفضة للقمر، فسيكون على الرواد أن يتعايشوا مع ليالي تصل لأسبوعين.
الانشطار النووي
وفي نفس السياق، فإن وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" (NASA) تعمل منذ سنوات على مشروع لتوليد الطاقة فوق سطح القمر، ففي إطار برنامج "أرتميس" (Artemis) الذي تقوده الوكالة، سيعود رواد الفضاء إلى بيئة القمر بحلول عام 2024، بهدف إنشاء وجود بشري طويل الأمد على القمر في نهاية المطاف، بعد غياب منذ عام 1972، تاريخ آخر بعثة بشرية إلى القمر.
وقد ذكر تقرير نشر على "ساينس ألرت" (Science Alert) في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنه في حين أن أي عدد من الحلول الإبداعية قد يكون قادرا على المساعدة في حل هذه المشكلة، فقد اعتبرت وكالة ناسا -لسنوات عديدة- أن الانشطار النووي هو خيار الطاقة الأكثر عملية لمستعمرات رواد الفضاء في المستقبل.
وتتخذ وكالة الفضاء الأميركية الآن الخطوة التالية في إنشاء مفاعل نووي على سطح القمر بالتعاون مع وزارة الطاقة الأميركية "دي أو إي" (DOE)، حيث تقدم المنظمتان الآن دعوة لشركاء الصناعة الأميركية لتقديم التصميم لأنظمة الطاقة الانشطارية النووية التي يمكن أن تعمل على سطح القمر وتكون جاهزة للإطلاق وإثبات فاعليتها على القمر في غضون عقد من الزمن.
رسم توضيحي مُتخيل لنظام الطاقة السطحي الانشطاري على القمر (ناسا)
ووفقا لوكالة ناسا، فإنه يمكن لنظام انشطاري صغير وخفيف الوزن -قادر على العمل على مركبة هبوط أو مركبة جوالة على سطح القمر- توفير ما يصل إلى 10 كيلوواتات من الطاقة الكهربائية، وهو ما سيكون كافيا لتلبية متطلبات الكهرباء للعديد من المنازل المتوسطة.
وفي سياق العمليات القمرية، سيكون استخدام الطاقة مختلفا عما تتطلبه الأسر على الأرض، مثل تشغيل أنظمة دعم الحياة، وشحن المركبات القمرية، ومساعدة العلماء على إجراء التجارب.
ووفقا لموجز وكالة ناسا ووزارة الطاقة، ستحتاج أنظمة الانشطار المستقبلية في النهاية إلى إنتاج ما لا يقل عن 40 كيلووات من الطاقة، والتي تقول ناسا إنها يمكن أن تزود 30 منزلا تقريبا لمدة تصل إلى 10 سنوات.