دارفور.. توقفت الحرب ولا يزال الجرح ينزف



كأنما الموت اختار من الأرض هنا مسكناً، إذ لا يزال جرح دارفور الإقليم الغربي للسودان يواصل النزيف على الرغم من اتفاق السلام الذي أنهى حرب عقد ونصف عقد، خلفت ما خلفت من الضحايا ما بين قتيل وجريح ومشرد في الملاجئ ومعسكرات النزوح، توقفت الحرب بين الحكومة والحركات المسلحة ولكن لم يتوقف سيل الدماء بين المكونات السكانية ففي بحر أيام قلائل حصدت آلة القتل القبلي العشرات، فيما تنذر الأوضاع بارتفاع وتيرة العنف في ظل انتشار الأسلحة بكل أنواعها في أيدي المدنيين، حيث سقط أكثر من مائة قتيل وعشرات الجرحى خلال الأيام الماضية في ثلاث من ولايات الإقليم بسبب الصراعات القبلية والنزاع بين المزارعين والرعاة.
حلول ناجعة
تلك الأحداث الدامية جعلت حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي يسارع إلى هناك، من أجل إيجاد حلول ناجعة للصراع القبلي، وانخرط فور وصوله إلى مدينة نيالا حاضرة الولاية في لقاءات مع القيادات الأهلية والأجهزة الأمنية.
وأكد مناوي أن الأمن شرط الإعمار والبناء الأساسي، وأضاف: «هذه المسألة يجب أن تحسم بشكل نهائي لأن هنالك من يتعمدون تفعيل الفوضى وتدمير الإقليم ومنع الاستثمارات والبناء».
ويرى الصحافي والباحث في قضايا دارفور عز الدين دهب في حديث لـ«البيان» أن هناك عوامل عدة وراء ازدياد وتيرة العنف في دارفور مؤخراً، أبرزها عدم تطبيق اتفاق السلام على أرض الواقع، واعتبره اتفاقاً فوقياً حتى الآن، بجانب عدم توافر الإرادة السياسية الكافية من قبل الأطراف الموقعة على السلام سواء والضامنين من المجتمع الدولي، رغم النصوص الجيدة والقضايا الأساسية التي تضمنها الاتفاق.
الوضع الأمني
ويضيف دهب إن السيولة العامة التي تعيشها البلاد انعكست سلباً على الأوضاع في الإقليم، إذا ظلت البلاد في حالة من عدم الاستقرار طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وظلت ولايات دارفور كل تلك المدة بدون حكومات، ويشير إلى أن الصراع القبلي في دارفور قديم متجدد، حيث هناك مشاكل بين المجموعات السكانية ولا سيما بين المجتمعات الزراعية والمجتمعات الرعوية، وبسبب ذلك التباين تحولت الحرب في دارفور إلى حرب إثنية بين القبائل، وهذا النوع من الحرب سهل الاشتعال بحيث تجدد لأقل الأسباب.
ويرجع بحسب عز الدين دهب السبب الرئيس لتدهور الوضع الأمني في الإقليم هو عدم إنفاذ بند الترتيبات في اتفاق السلام ولا سيما أن معظمهم دخلوا بعد توقيع السلام إلى المدن وهم بكامل أسلحتهم.