«المعابد البيزنطية» مأوى للاجئين السوريين
لم تخلُ أي بقعة جغرافية من سوريا، إلا وحولتها الأسر النازحة إلى مأوى، حتى المعابد التاريخية البيزنطية، لم يوفرها هؤلاء الذين دمرت بيوتهم الحرب، لتكون مأوى لهم، في ظل تفاقم الوضع الإنساني في الشمال السوري.
في الجزء الشمالي من مدينة إدلب، ثمة معابد تاريخية، تعود للعهد البيزنطي، بقيت صامدة خلال سنوات الحرب، ولم يتمكن أي طرف من نهب هذه الأعمدة الضخمة، وبقيت مع الجدران، لتكون مأوى لهؤلاء النازحين، الذين تحولوا بعد سنين إلى حراس لهذه الأوابد التاريخية.
عائلات كثيرة لجأت إلى هذه المواقع الأثرية، التي كانت قبل الحرب تحفة، يقصدها الزوار من كل دول العالم، لكن الحرب قضت على قدسية هذه المناطق الأثرية، وباتت العائلات التي لا تقوى على العيش في المخيمات، تتجه إلى هذه الآثار، لتكون الحصن الأخير لها.
في منطقة باقرحا، وجوارها في ريف إدلب الشمالي، المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية، التي تعدها «اليونيسكو»، ثمة عائلات سورية تنتظر نهاية الصراع، من أجل أن تغادر هذا المكان التاريخي، وتتجه إلى منازلها، رغم أنها مدمرة، هذه العائلات، أصبحت جزءاً من المكان على مدار خمس سنوات، منذ أن بدأت أول عائلة تصل إلى هذا المكان، إلا أنهم يدركون أن هذه الحالة مؤقتة.
ضجيج
عائلة عمر الحمصي، التي حولت محيط المعابد الأثرية إلى سوق يقصده كل من يعيش في محيط هذه المعابد، وتحول المكان إلى حياة مليئة بالضجيج، بعد أن كان مخصصاً للزوار فقط.
اجتمعت هذه العائلة مع عشرات من نظيراتها، التي هاجرت من حمص، منذ خمس سنوات، ولم تجد أي مكان يحميها حتى في المخيمات، فقرروا أن يكون ملاذهم الوحيد، هذا المكان الأثري، الذي باتوا يعتنون به من كل شيء، بل باتت الكثير من العائلات، تفكر في استثمار هذا المكان، وتحويله إلى مقاهٍ سياحية، لكن الأمر أيضاً يحتاج إلى قدرة مالية غير متوفرة.
ويعود المعبد الروماني، الذي صمدت واجهته، إلى القرن الثاني الميلادي، بحسب الكتابات اليونانية الموجودة في الموقع، فيما تقع بالقرب منه كنيستان، تعود الأولى إلى عام 501 ميلادي، والثانية، وهي بازيليك كبيرة، إلى عام 546.
هذه المواقع الأثرية، بقيت صامدة في مناطق الحروب، لكنها تحولت إلى منازل للمهجرين، الأمر الذي سيؤثر في الجانب التاريخي لهذه المواقع، وفق العديد من الخبراء، إلا أنه ما من أحد قادر على إيواء هؤلاء النازحين، ليكون التاريخ ملاذهم الوحيد من الحرب.