فالكلمة الخبيثة كأي فيروس
هل تتحــول الكلمــة إلى فيــروس؟
هذا ليس سؤالا عبثيا , وإنما جادا وعمليا ...
الفيروسات تخرب أنظمة عمل الخلايا الحية , وتجعلها تنتج بروتينات غريبة لم تعهدها من قبل , فتضطرب وتتخاصم وتتسبب بتداعيات مرضية خطيرة ...
وللفيروسات قدرة عالية على التطفل وامتهان الخلايا , وتسخيرها لغاياتها الخفية الشرسة الفتاكة المدمرة للوجود البدني الحي ...
والكلمة ربما تتحول إلى فيروس , خصوصا الكلمة الخبيثة , عندما تتوطن أروقة الأدمغة البشرية , فأنها تؤثر على عمل خلايا الدماغ , وترغمها على التفاعل بأسلوب جديد , وآليات تتطابق وما فيها من قدرات العبث والخراب ...
فالكلمة الخبيثة كأي فيروس , يمكنها أن تصنع دوائرها الدماغية المتصلة بها , والمتعززة بقدرات التفاعل التصاعدي المتراكم , الذي يؤدي إلى صناعة حالة ذات إستجابات أوتوماتيكية سريعة وقوية ...
فعندما تتعزز أركان الكلمة في أروقة الدماغ , فأنها تؤدي إلى تفاعلات سلوكية مرتبطة بها , ومعبرة عن إرادتها وما تهدف إليه من الغايات والتوجهات والصيرورات التي تريد تحقيقها.
وكل كلمة تدفع إلى سلوك يتوافق وما فيها من المعاني والمقاصد ...
فالكلمات الفاسدة ستصنع سلوكا الفساد , والكلمات الشريرة ستحقق فعل الشر ...
والكلمات الطيبة ستؤدي إلى عمل الخير ...
وهكذا هي أحوال الكلمات والسلوك , لأن الأدمغة البشرية يمكن برمجتها بالكلمات , ويمكن تدميرها بالكلمات , ويمكن تحقيق أخطر الإلتهابات والإضطرابات الفيروسية , بواسطة الكلمات الخبيثة المعبأة بطاقات إنفعالية سلبية , تزعزع أنظمة التفكير وتشل البصيرة , وتحيل البشر إلى دمية أو آلة أو فريسة لإرادتها ونواياها السيئة ...
وقد لعبت فيروسات الكلمات دورها المخرب في بعض المجتمعات , ولا زالت منتشرة , بل ويتم نشرها من قبل مختبرات توليدها ومصادر إطلاقها , لكي تعبث بالعقول وتدمر الأدمغة , وتحول أصحابها إلى ضحايا على مائدة الإفتراس الحضاري المروعة المعاصرة , المقنعة بأسمى المثل والقيم النبيلة.
فهل سنعي خطورة الكلمة ونتوقى من فيروساتها الشرسة الباغية؟!!
و"الكلمة الطيبة صدقة"!