قِفْ بِالْمَعَـرَّةِ وَامْسَحْ خَدَّهَا التَّرِبَـا وَاسْتَوْحِ مَنْ طَوَّقَ الدُّنْيَا بِمَا وَهَبَـا
وَاسْتَوْحِ مَنْ طَبَّـبَ الدُّنْيَا بِحِكْمَتِـهِ وَمَنْ عَلَى جُرْحِهَا مِنْ رُوحِهِ سَكَبَـا
وَسَائِلِ الحُفْـرَةَ الْمَرْمُـوقَ جَانِبهُـا هَلْ تَبْتَغِي مَطْمَعاً أَوْ تَرْتَجِـي طَلَبَـا؟
يَا بُرْجَ مَفْخَـرَةِ الأَجْدَاثِ لا تَهِنِـي إنْ لَمْ تَكُونِي لأَبْرَاجِ السَّمَـا قُطُبَـا
فَكُـلُّ نَجْـمٍ تَمَنَّـى فِي قَرَارَتِـهِ لَوْ أنَّـهُ بِشُعَـاعٍ مِنْـكِ قَدْ جُذِبَـا
نَـوِّر لَنَـا، إنَّـنَا فِي أَيِّ مُدَّلَـجٍ مِمَّا تَشَكَّكْتَ، إِنْ صِدْقَاً وَإِنْ كَذِبَـا
أَبَا العَـلاءِ وَحَتَّـى اليَوْمِ مَا بَرِحَتْ صَنَّاجَةُ الشِّعْرِ تُهْدِي الْمُتْرَفَ الطَّرَبَا
يَسْتَـنْزِلُ الفِكْـرَ مِنْ عَلْيَا مَنَازِلِـهِ رَأْسٌ لِيَمْسَـحَ مِنْ ذِي نِعْمَـةٍ ذَنَبَـا
وَأَنَّ لِلْعَبْقَـرِيّ الفَـذِّ وَاحِـدَةً إمَّـا الخُلُـودَ وَإمَّا المَـالَ والنَّشَبَـا
مِنْ قَبْلِ أَلْفٍ لَوَ أنَّـا نَبْتَغِـي عِظَـةً وَعَظْتَنَا أَنْ نَصُـونَ العِلْـمَ وَالأَدَبَـا
عَلَى الحَصِيرِ.. وَكُـوزُ الماءِ يَرْفُـدُهُ وَذِهْنُهُ.. وَرُفُـوفٌ تَحْمِـلُ الكُتُبَـا
أَقَـامَ بِالضَّجَّـةِ الدُّنْيَـا وَأَقْعَـدَهَا شَيْـخٌ أَطَـلَّ عَلَيْهَا مُشْفِقَاً حَدِبَـا
بَكَى لأَوْجَـاعِ مَاضِيهَا وَحَاضِـرِهَا وَشَـامَ مُسْتَقْبَـلاً مِنْهَـا وَمُرْتَقَبَـا
وَلِلْكَآبَـةِ أَلْـوَانٌ، وَأَفْجَعُــهَا أَنْ تُبْصِرَ الفَيْلَسُوفَ الحُـرَّ مُكْتَئِبَـا
تَنَـاوَلَ الرَّثَّ مِنْ طَبْـعٍ وَمُصْطَلَـحٍ بِالنَّقْـدِ لاَ يَتَأبَّـى أَيَّـةً شَجَبَـا
وَأَلْهَـمَ النَّاسَ كَيْ يَرضَوا مَغَبَّـتَهُم أَنْ يُوسِعُوا العَقْلَ مَيْدَانَاً وَمُضْطَرَبَـا
وَأَنْ يَمُـدُّوا بِـهِ فِي كُلِّ مُطَّـرَحٍ وَإِنْ سُقُوا مِنْ جَنَاهُ الوَيْـلَ وَالحَرَبَـا
لِثَـوْرَةِ الفِكْـرِ تَأْرِيـخٌ يُحَدِّثُنَـا بِأَنَّ أَلْفَ مَسِيـحٍ دُونـهَا صُلِبَـا
بعض أبيات من قصيدة شاعر العرب محمد مهدي الجواهري، ألقيت في مهرجان أبي العلاء المعري الذي أقامه المجمع العلمي العربي بدمشق في عام 1944، و كان الجواهري ممثلاَ للعراق. ألقى طه حسين كلمته في إبداع المعرى ثم تلاه الشاعر الكبير محمد مهدى الجواهري، و عندما سمع طه حسين البيت الأخير من هذه المقتطفات (لِثَـوْرَةِ الفِكْـرِ تَأْرِيـخٌ يُحَدِّثُنَـا بِأَنَّ أَلْفَ مَسِيـحٍ دُونـهَا صُلِبَـا) قام طالباً من الجواهري إعادة البيت الأخير، فكرره طه حسين بأن ألف ألف مسيح دونها صلبا، فما كان من الجواهري إلا أعادة البيت بإضافة ألف أخرى، فقال له طه حسين هذا بقية شعر العرب ديمومة الشعر العباسي، أنت أشعر العرب.