كشف باحثو علم النفس عن كيف نرى أنفسنا في الواقع من خلال تكوين “صور سيلفي ذهنية” – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
Psychologists reveal how we truly see ourselves by generating ‘mental selfies’
(جامعة بانغور – Bangor University)
أثبت باحثون أن “صور السيلفي الذهنية (mental selfies)” يمكن أن تتأثر بمعتقداتنا في شخصياتنا وتقديرنا لذواتنا (1). [مصطلح السيلفي (selfie) يعني صور نفسك بنفسك بإستخدام الأجهزة الذكية، 2]
لم يمر زمن علينا كنا فيه مهووسين إلى هذه الدرجة بمظهرنا أكثر مما نحن مهوسون به في زمن “السيلفي” هذا. الكثيرون يناقشون بأن الهوس بصور السيلفي والتلاعب بالصور (3) قد يحول البعض منا إلى شخص نرجسي، بينما قد يعاني البعض الآخر من عدم رضاه عن صورة جسمه (مظهر جسمه، 4) بدرجة كبيرة. ولكن كيف نرى أنفسنا بالفعل فيعين عقلنا (mind’s eye) (انطر 5)؟.
باحثو علم النفس في جامعة بانغور (Bangor) في المملكة المتحدة وجامعة لندن هما أول منطور طريقة لتصور “صور السيلفي” الذهنية هذه التي نحتفظ بها في أذهاننا. اكتشفوا إلى أي مدى قد تشذ هذه الصور الداخلية عما يراه الآخرون، وأثبتوا كيف يمكن أن تتأثر بمعتقداتنا في شخصياتنا وبتقديرنا لذواتنا (1).
في ورقة بحثية نُشرت في مجلة العلوم النفسية (Psychological Science) (انظر 6) الدكتورة لارا مايستر (Lara Maister) منكلية العلوم الإنسانية والسلوكية بجامعة بانغور تثبت أنه ليس فقط كيف ابتكر فريق البحث طريقة للوصول إلى الصور الذهنية لدى الآخرين عن أنفسهم، ولكن أيضًا للمرة الأولى، توصلوا إلى مقارنة تلك الصور بالواقع الخارجي، واستكشاف كيف يمكن أن تتأثر تلك الصورة بمعتقداتهم عن سمات شخصياتهم.
في البحث الذي أجراه الفريق، عُملت محاكاة لصور المشاركين الذهنية لوجوههم باستخدام تقنية حوسبية تم استخدامها سابقًا لمساعدة باحثي علم النفس على تصور كيف نرى الأشياء عقليًا / ذهنيًا. لعمل صورة سيلفي ذهنية، رأى كل مشارك وجهين اعتباطيين / عشوائيين، وفي كل مرة يتعين على كل منهم اختيار وجه يشبه وجهه، تكررت العملية عدة مئات من المرات. في النهاية، تمكن الباحثون من ايجاد متوسط كل الصور التي اعتقد الناس أنها تشبه وجوههم بشكل أكثر، وهذا ساعد الباحثين علي تصور “صور السيلفي الذهنية” للمشاركين.
رسمتوضيحيللاختياراتداخل البرنامج الحوسبي،يوضحكيفتتكونصورةالسيلفيالذهنية

من صورة سيلفي (في اليسار) إلى صورة ذهنية (في اليمين)

أي وجه من هذه يشبه وجهك الحقيقي
لمتكنالصورالذهنيةبالضرورة لتمثل الواقعبالضبط
من المثير للاهتمام، أن الفريق قد وجد أن صور الناس الذهنية لمِا يبدو أنها مشابهة لوجوههم لم تكن بالضرورة ممثلة للواقع بالضبط، بل كانت متأثرة بنوع الشخصية التي يعتقدون أنها تمثلهم.
تشرح الدكتورة لارا مايستر من كلية علم النفس بجامعة بانغور والمؤلفة الرئيسة للورقة: “لقد طلبنا من كل مشارك توليف” صورته السلفية الذهنية “المحوسبة علي الكمبيوتر، وكذلك للإجابة على اسئلة استبيان تتعلق بنوع الشخصية وتقدير الذات للكشف عن أي شخص يعتقد أنه هو. وجدنا أن معتقداتهم عن أنفسهم أثرت بشدة في كيف يتصورون مظهرهم. على سبيل المثال، لو اعتقد شخص أنه شخص منفتح، فإنه يتصور وجهه على أنه يبدو أكثر ثقة وأكثر اجتماعيًا مما يبدو [وجهه] للآخرين”.
البروفيسور مانوس تساكيريس (Manos Tsakiris)، من رويال هولواي (Royal Holloway)، جامعة لندن ومعهد واربورغ (Warburg) حيث تم إجراء هذا البحث لاحظ ما يلي: “عندما نرى وجهًا جديدًا، نكوِّن انطباعًا عن هذا الشخص في غضون جزء من الثانية، بناءً على ما نراه. بصرف النظر عما إذا كان هذا الانطباع صحيحًا أم غير صحيح، فإنه يصبغ (يؤثر في) وجهات نظرنا عن أي نوع شخصية يحملها الشخص. بطريقة مماثلة ولكن معكوسة، أثبتنا حاليًا أن انطباعاتنا عن شخصيتنا تؤثر فعلًا في كيف نرى أنفسنا في عين عقلنا”.
في دراسة ثانية، استخدم الفريق نفس المقاربة لتصور صور الناس الذهنية لشكل أجسامهم. لقد وجدوا ليس فقط أن لدى الناس صورًا ذهنية غير واقعية لأجسامهم، بل هذه الصور الذهنية تتأثر بشدة بمواقفهم / توجهاتهم تجاه أنفسهم، لا بمظهرهم الواقعي.
يميل الأشخاص الذين لديهم توجهات انفعالية سلبية بالغة تجاه مظهرهم إلى تصور أنفسهم على أن لديهم جسم أكبر بكثير مما هو في الواقع.
البروفيسور ماثيو لونغو، من جامعة بيركبيك (Birkbeck) اللندنية، والذي كان أيضًا جزءًا من فريق البحث، اقترح ما يلي: “سيساعدنا هذا العمل البحثي على فهم المزيد عن صورة الجسم [مظهر الجسم بالنسبة للشخص]. يمكننا الآن، ولأول مرة ، أن نحصل على نظرة ثاقبة عن كيف يتخيل الآخرون مظهرهم ، في الأشخاص الأصحاء وأولئك الذين يعانون من اضطرابات صورة الجسم (مظهر الجسم) كاضطراب التشوه الجسمي” (7).
تبنِّي هذه الطريقة قد يزود الأطباء الذين يعالجون من يعانون من اضطرابات مظهر الجسم بأداة جديدة لقياس ما إذا كانت العلاجات ناجحة أم لا. يتم حاليًا تقييم هذه الطريقة عادةً باستخدام الاستبيانات التي تقيم ما إذا كانت معتقدات المريض السلبية عن نفسه قد تغيرت.
يمكن أن يؤدي تطوير مثل هذه الأداة إلى تقييم ما إذا كانت الصورة الذهنية للفرد عن مظهره [مظهر جسمه الخارجي] قد تغيرت أيضًا.
مصادرمنداخلوخارجالنص:
1- “تقدير الذات (Self-esteem) هو تقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة. يشمل تقدير الذات قناعات الشخص حيال نفسه (على سبيل المثال “أنا كفؤ” أو “أنا ذو قيمة”) بالإضافة إلى الحالات الشعورية مثل الانتصار واليأس والفخر والخجل. عرّف سميث وماكي تقدير الذات بأنه “المفهوم الذاتي الذي نعتقده عن أنفسنا. تقدير الذات هو التقييم الإيجابي أو السلبي للذات وكيف نشعر حياله” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/تقدير_الذات
2- “سيلفي ( Selfie) أو “الصورة الذاتية” أو “الصورة الملتقطة ذاتيا”، وهي عبارة عن صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه بنفسه باستخدام آلة تصوير أو باستخدام هاتف ذكي مُجهز بكاميرا رقمية” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/سيلفي
3- “التلاعب بالصور (Photograph manipulation)، هو تغيير أو تبديل الصوربمختلف الطرق والتقنيات للوصول للنتائج المرغوبة. تعتبر بعض عمليات التلاعب بالصور من الأعمال الفنية الماهرة، بينما يعتبر البعض الآخر ممارسات غير أخلاقية، خاصة عند استخدامها لخداع الجمهور. تشمل الأمثلة الأخرى استخدامها في البروباغندا السياسية، أو لتحسين مظهر منتج أو شخص، أو لمجرد الترفيه أو النكات العملية. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.marefa.org/التلاعب_بالصور/simplified
4- يُعرَّف عدم الرضا عن صورة الجسم (BID) بأنه تقييم الشخص غير الموضوعي والسلبي لوزن وشكل جسمه.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6949917/
5- “تشير عبارة “عين العقل” إلى قدرة الإنسان على التصور، بمعنى أنها تشير إلى ممارسة التخيل العقلي التصوري؛ وبعبارة أخرى قدرة المرء على رؤية الأشياء بواسطة العقل“، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/عين_العقل
6- https://journals.sagepub.com/doi/ful...67976211018618
7- اضطراب التشوه الجسمي أو ما يعرف باسم (BDD) اختصارا للاسم الإنجليزي (Body dysmorphic disorder) وكان يعرف سابقا باسم ديسمورفوفوبيا هو اضطراب وسواسي (نفسي) الذي يشعر معه الشخص المصاب بقلق مفرط بسبب عيب في شكل أو معالم جسمه. قد يشكو المصاب من عدد من سمات الجسد أو من سمة واحدة، أو حتى من ميزة غامضة أو من المظهر العام، بحيث يسبب ذلك معاناة نفسية قد تعوق مزاولة الوظيفة المهنية و/ أو الاجتماعية، وقد تتطور الأمور أحياناً لتصل إلى درجة شديدة من الاكتئاب والقلق، أو تطور لاضطرابات قلق أخرى مثل العزلة الاجتماعية وغيرها. يقدر أن 1 إلي 2 في المائة من سكان العالم تنطبق عليهم جميع معايير التشخيص باضطراب التشوه الجسمي”، مقتبس مع بعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_التشوه_الجسمي
المصدرالرئيس:
https://www.bangor.ac.uk/news/psycho...mental-selfies

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي