الإمارات في لبنان.. شواهد على العطاء والإعمار



يُضيء اسم الإمارات في كل أرض ومحفل.. يتلألأ عطاؤها المستمر في قارات العالم شاهداً على رحلة متميزة من مساعدة الشعوب والإسهام في نموها وتطوّرها طوال خمسة عقود. تظل الإمارات نبراس الخير لكل الناس تقدّم مساعداتها وتفزع في كل ملمة وواقعة دافعها خدمة البشرية في مواجهة صعابها وتحدياتها. تطوي الإمارات صفحة 50 عاماً مضت في ميادين البذل والعطاء والتنمية والإيثار، وتستشرف المستقبل برؤية شاملة مرتكزها الإنسان نماؤه ورفاهه وعي دؤوب لا ينقطع من أجل غدٍ أفضل. وتقديراً لدور الإمارات وأياديها البيضاء أقدمت الكثير من دول العالم على حفظ الود وتذكر العرفان بإطلاق اسم الإمارات وقيادتها الرشيدة على شوارع ومستشفيات ومنشآت أخرى.
بضيقها واتّساعها، بمنعطفاتها، بارتفاعاتها وانحداراتها، لا تزال الشوارع في لبنان «تسمح» بتذوّق متعة التجوّل في أرجاء ذاكرتها، ليس لتوقّع مستقبلها، بل لاستراق النظر إلى ماضيها، ولإضاءة ظلمات النسيان الذي تجرّأ على أحداثها بومْضة.. والبداية في شوارع «أمّ الشرائع»، بيروت، التي هي مرآة لحلو المدينة ومرّها: التاريخ من ألفه إلى يائه، الجغرافيا التي ضاقت واتّسعت، والملامح الحاضرة في الذاكرة بكلّ تبدّلاتها.

أزقة أصيلة

شوارع تحوّلت إلى «روزنامة»، وأزقّة «أصيلة» أبت أن تُختزل بأرقام «مبهمة» تجعل من الوصول إليها معادلة حسابيّة مجرّدة.. وما بين الشوارع والأزقّة، مدينة وفيّة وحافظة للجميل، تعبّر عن مشاعر التقدير والعرفان لمن حموا الساحات وردعوا المعتدين، لميسورين طيّبوا خواطر المحتاجين والأيتام، فأرادتهم وجهاً حضاريّاً لها، ومنحتهم الخلود في سجلّات شوارعها. وعلى «قدر المحبّة» يزداد الشارع عرضاً وطولاً، والعكس صحيح. ومن هنا، كان لمحلّة الرملة البيضاء في قلب بيروت نصيب من التسميات، حيث أطلِق على شارعها الرئيسي ودوّاره، لمناسبة العيد الوطني الـ47 لدولة الإمارات، في 2 ديسمبر من العام 2018، اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وأزيحت الستارة عن نصب يخلّد ذكراه، وإن كان اللبنانيّون يعلمون جيّداً أنّه بنى مدناً، أو ساهم في بناء مدن ومرافق حيويّة في مختلف بلدان العالم العربي، مشرقاً ومغرباً، ويحفظون عن ظهر قلب دعوته لإعمار لبنان، في مشهد تاريخي منذ 28 عاماً، إذْ يتداولون ما تضمّنه «فيديو» قديم له، يدعو فيه الدول العربيّة إلى إعادة إعمار لبنان عام 1993.

منشآت ومشاريع

ومن بوّابة «شارع الشيخ زايد»، القيمة الحاضرة دوماً في يوميّات اللبنانيّين، والنصب القائم فيه، المشبع بحنين الذاكرة وقدسيّة التكريم، تجدر الإشارة إلى وجود منشآت وإنجازات ومشاريع تنمية جديّة تحمل دمغة «زايد الخير»، من دون منّة، أو مباهاة قد تمسّ كرامة من تلقّى العوْن. ويذكر اللبنانيّون، على سبيل المثال: «مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للرعاية الصحيّة» في حرم جامعة بيروت العربيّة (بيروت/أكتوبر 2020)، «مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» في بلدة شبعا (جنوب لبنان/ سبتمبر 2016)، مع المبنى السكني الخاصّ بالأطباء والعاملين في المستشفى، «مسجد الشيخ سيف بن محمد آل نهيان» في بلدة كفرحمام (جنوب لبنان/ مايو 2019)، «حديقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان» في مدينة صيدا (جنوب لبنان/ 2016)، بتمويل من مؤسّسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانيّة، خزّان الإمارات في بلدة بدنايل - الكورة (شمال لبنان/ 2018)، ملعب الإمارات في بلدة راسنحاش - البترون (شمال لبنان/ سبتمبر 2018) وقاعة الإمارات في بلدة مجدل عنجر (البقاع/ أكتوبر 2018)، وغيرها من المشاريع الممهورة باسم دولة الإمارات وقادتها.

أول مركز

ومن العموميّات إلى الخصوصيّات، تجدر الإشارة إلى أنّ مستشفى الشيخ خليفة بن زايد، الذي تمّ انطلاق مشروعه عام 2007، كان أوّل مركز صحّي في منطقة العرقوب، وتحديداً في بلدة شبعا الجنوبيّة، وغداة افتتاحه في سبتمبر من العام 2016، على قطعة أرض مساحتها نحو 12700 م2، وبكلفة نحو 15 مليون دولار، طُوِي تاريخ طويل من المعاناة، رافق أهالي قرى العرقوب وبلداته، لجهة توفير الخدمات الصحيّة، ورفع عبء انتقالهم إلى مستشفيات أخرى، أقربها مستشفى مرجعيون الحكومي الذي يبعد 30 كيلومتراً.
ومن أقصى الجنوب باتجاه عاصمة الشمال طرابلس، تبرز مكتبة الشيخ زايد في جامعة المنار، التي دعمتها مؤسّسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيريّة والإنسانيّة. وكان أرسى دعائم فكرة إقامة الجامعة رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي عام 1966، إلى أن تمكّن رئيس الوزراء عمر كرامي، وكان حينها وزيراً للتربية، من استصدار مرسوم ترخيصها عام 1991. وتمّ تشييد مبنى الجامعة بعيداً من ضوضاء المدينة، في قطعة أرض على أحد مرتفعات طرابلس، تبلغ مساحتها نحو 112.000 متر مربع.

استجابة سريعة

وفي سياق أهدافها لجهة جودة التعليم، كانت الاستجابة سريعة من خير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، لإنشاء مكتبة الشيخ زايد، الرابضة في حرم الجامعة بمبناها المستقلّ المؤلّف من ثلاثة طوابق، بتصرّف طلابها والراغبين بالمطالعة والبحث العلمي من طلاب الجامعات الأخرى والمعاهد، وحتى المدارس. وذلك، من منطلق إيمان القيّمين على هذه الجامعة، بضرورة توفير كلّ متطلّبات التعليم العالي لطلابها، وبأهمية المطالعة في فتح آفاق المعرفة لأجيال المستقبل.. وتعود حكاية إنجاز مشروع هذه المكتبة إلى العام 2006، يومها، تمّ إنجاز المشروع بتكلفة بلغت نحو ثلاثة ملايين دولار، وذلك بهدف إقامة مكتبة مركزية داخل حرم الجامعة، تحتوي على الإصدارات والمراجع والدوريات المهمة، وتمّ تزويدها بالوسائل السمعيّة والبصريّة والعلمية اللازمة. وفي المحصلة، باتت المكتبة - الملاذ «فسحة بديعة» يتشابك «وصفها، بدءاً من مزاجها وديكورها الأنيق، ووصولاً إلى كوْنها تضجّ بأفكار الكتّاب، وفي الوقت عينه تستمدّ قوّتها من الصمت. فهي «جارة» أبنية الجامعة، ولها من حضورها نصيب وافر، لا سيّما في لقاء الذين يتشاطرون اهتمام البحث عن شيء من ماضي المدينة، أو ربما كلّه.