مصدر الصورة: موقع المتحف الأسترالي (Dave Britton)
مناحل شجرة القرم – بقلم المهندس صادق علي القطري
أشجار المانجروف (القرم) كما لا يخفى على الجميع تعيش بمحاذاة الساحل الشرقي من المملكة ابتداء من رأس تنورة شمالا مرورا بصفوى جنوبا الى القطيف ثم سيهات وصولا للدمام جنوبا. وكانت هذه الأشجار تشكل غابات كثيفة تغطي مساحات واسعة ، ولكن للأسف دمر اكثر من 90% من هذه الغابات بفعل الانسان اما لعوامل التوسع العمراني او لعوامل انشائية اقتصادية او بالعبث المتعمد الناتج عن الجهل البيئي ، فبينما يقوم الآخرون بحماية هذه النبتة والإهتمام بها نقوم نحن بتدميرها والفتك بها ، نعم هناك مبادرات مشكورة لمحاولة توسيع رقعة انتشار نبتة القرم في العديد من مناطق المملكة ، لكننا نحتاج للمزيد.
وسواحل الخليج العربي تمتلك مواطن بيئية طبيعية، تتوافر فيها المقومات اللازمة لنمو وتكاثر هذه الأشجار المعروفة محليا بالقرم او أشجار المانجروف (باللاتينية: Avicennia) وهو جنس من نباتات الأيكة الشاطئية التي تعيش على الماء المالح وهو من الفصيلة الأقنتية.
ويوجد منه عدة أنواع ويكثر على شواطئ جنوب شرق آسيا كما يوجد في كثير من مناطق الخليج العربي ويُعتقد أن السلالة افيسينيا مارينا (A. marina var. marina, = A. marina var. typica) هي السلالة المنتشرة في البحر الأحمر والخليج العربي ، وهي أشجار عبارة عن مجتمعات نباتية تنمو بين البحر والبر في المناطق التي تغمرها مياه المد والجزر، وعادة ما يكون ذلك عند متوسط منسوب المياه المرتفع.
ويمكن أن تتخذ أشجار المانجروف شكل الأشجار أو الشجيرات أو النخيل، كما لديها القدرة على العيش في المياه المالحة على الرغم من أنها لا تحتاج إلى الملح لتنمو.
وتتكاثر أشجار المانجروف على التراب الطيني، والبعض الآخر ينمو على الرمال والصخور المرجانية، كما أنها تتحمل العيش في مياه أكثر ملوحة بـ 100 مرة من التي تستطيع معظم النباتات الأخرى العيش بها.

مصدر الصورة: watamukenya.net
وهي أيضًا “موطن” مثالي لإنتاج العسل النادر من قبل النحل، بالرغم من دقة “زهر العسل”. منتج النحل يترك مباشرة على الأوراق بدلاً من الزهرة، ومن هناك يؤخذ لصنع العسل وهذا يتيح للعسل استخلاص جميع الخصائص من الهواء المالح والبيئة البكر، حيث تسمح غابات المانجروف بنقل نقاء حالتها من “مرشحات” البحر والمستنقعات، مع إطلاق الأشياء الجيدة والطبيعية فقط.
لذا فإن عسل المانجروف بالإضافة إلى الحلاوة التي تفيد الجسم، من خلال طاقة جيدة، فهو شفاء من أمراض الجهاز التنفسي وتوازن الضغط، فضلاً عن توفير الروماتيزم الجيد وعلاج الحلق.
و من تجارب هذا العمل الريادي لانتاج هذا النوع من العسل لفت انتباهي مقال في موقع الشمس العربية (Arabian Sun) والمؤرخ في 23 أغسطس من عام 2021 و التي تصدره أرامكو السعودية ومفاده أن النحل أنتج المزيد من العسل من أشجار المانجروف في وقت أقصر مقارنة بالأشجار الأخرى ولعلل من الأسباب هي التركيز العالي للرحيق في أزهار هذه الأشجار مثل أشجار الفاكهة حيث تنمو أشجار المانجروف الأزهار التي تتحول إلى ثمار صغيرة وخضراء ، والنحل يحب الرحيق الذي يجده من هذه الاشجار.
و من رواد انتاج هذا النوع من العسل في منطقتنا مربي النحل “علي عبد العزيز العلي” وهو مربي نحل بدوام جزئي وخبرة 35 عام في هذا المجال ، وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء انتجت المنطقة الشرقية 6.25٪ من العسل المصنوع في المملكة العربية السعودية.
يتميز عسل المانجروف بطعم حلو ورطب للغاية مع لمسة لذيذة من التورتة. وقد أوضح “العلي” إن أزهار المانجروف الصفراء تبدأ في التفتح من منتصف مايو إلى أوائل يوليو حيث أن التوقيت مهم لأنه لا توجد أزهار تتفتح في المنطقة الشرقية في هذا الوقت الا هذه الازهار، وبالتالي يمكن لأشجار القرم أن تمدد الموسم لمربي النحل مما يحسن بشكل كبير من استدامة هذه الاعمال الصغيرة.

علي عبد العزيز العلي، مربي نحل يقف لالتقاط صورة مع منحله. مصدر الصورة: https://www.aramcolife.com
للحصول على أقصى قدر من الفوائد من مشروع تربية النحل والاستفادة من تجارب هذا الرائد في هذا المجال “علي عبد العزيز العلي” يجب تعميم مثل هذه التجارب والاستفادة القصوى منها لما لها من مردود اقتصادي لشريحة من المجتمع ، وتحويل منطقتنا الى مركز لانتاج هذا النوع النادر من العسل “عسل شجرة المانجروف” والذي يتواجد فقط في المناطق الذي توجد فيها هذه الأشجار الثمينة والمباركة.
وبهذا كان لزاما علينا أفرادا ومؤسسات حكومية حماية هذه الشجرة وإيقاف الزحف العمراني الذي يهدد ما تبقى (10%) من هذه الشجرة المهددة بالانقراض من منطقتنا ، والعمل على توسيع استزراعها وحماية البيئة المحيطة بها ، وكذلك تخصيص أماكن معينة للمناحل (Bee Hives) لمن يريد ان ينتج هذا النوع من العسل النادر (Mangrove Honey).
بإمكاننا إذا ما تظافرت الجهود جعل منطقتنا رائدة في الإهتمام بشجرة القرم ومركزا لإنتاج هذا النوع من العسل النادر وتعميم التجربة على المناطق الأخرى من المملكة التي تتواجد فيها هذه الشجرة المباركة ، والخطوة الأولى تبدأ من تبني المحافظة لهذه النشاطات بتنظيم وتشجيع وتسهيل الإجراءات للراغبين في خوض هذه التجربة.
المصادر:
  1. https://www.aramcolife.com/en/public...stern-province
  2. https://www.qatifscience.com/2021/07...%d9%85-%d9%88/
  3. https://www.qatifscience.com/2021/03...%d8%a9-%d8%b9/
  4. https://www.qatifscience.com/2021/10...%d8%a7-%d8%af/
  5. https://www.qatifscience.com/2021/11...6%d8%af%d8%b3/


المهندس صادق علي القطري