الأزياء التي ارتداها الممثلون في أوبريت مرايا الشمس في مهرجان بابل من تصميم شهد الخليفة (رويترز)
في مهرجان بابل الدولي الأخير الذي أقيم في الفترة من 28 أكتوبر/تشرين الأول وحتى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، اختطفت الأزياء البابلية القديمة التي ارتداها المؤدون في أوبريت "مرايا الشمس" (قصة الحضارة البابلية) خلال حفل الافتتاح أنظار المتابعين، وكانت كل هذه الأزياء من إنجاز المصممة الشابة شهد الخليفة.مهرجان بابل هذه المرة أقيم تحت شعار "من بابل الحضارة تُصنع الحياة"، وجاء بعد انقطاع دام 19عاما، وهو في الأصل مهرجان سنوي يُقام على مدرجات مدينة بابل الأثرية (100 كلم جنوب بغداد)، انطلقت دورته الأولى عام 1987.
وخلال المهرجان يتم استضافة العديد من الفرق الفنية المحلية والعربية والأجنبية التي تقوم بتقديم استعراضات غنائية وفنية متنوعة.



شهد تقول إن مشاركتها في مهرجان بابل كان التحدي لصنع المستحيل


بالإصرار والتحدي

المصممة شهد الخليفة تعيش في أحد أحياء بغداد، وعمرها 28 عاما، وقد أكملت دراستها الجامعية في إدارة الأعمال.
وعن تصميمها للأزياء، تقول للجزيرة نت إن رغبتها في احتراف التصميم جاءت بعد قراءتها قصة نجاح المعمارية العراقية الراحلة زها حديد قبل 5 سنوات، حيث بدأت بعدها بتصميم الأزياء.
وأضافت "شاركتُ في حملة جعل مدينة بابل تراثا عالميا على لائحة اليونسكو، كما شاركت بعدة مهرجانات محلية ودولية، حتى جاء مهرجان بابل الأخير وشاركت فيه بشكل أساسي".
وقالت عن مشاركتها في مهرجان بابل، "كان التحدي لصنع المستحيل، حيث قمت بتصميم 140 زيا بابليا مع إكسسواراتها في فترة لا تتجاوز الأسبوع" .
وتكمل شهد حديثها "عانيت الكثير بسبب صعوبة الوصول إلى الورشة في بغداد والذهاب إلى بابل يوميا والعودة إلى بغداد، وبعدها أذهب إلى سوق الشورجة التجاري، وشارع المتنبي المختص ببيع الكتب والقرطاسية والمواد التراثية؛ لإكمال التحضيرات وشراء المواد اللازمة، معتمدة في ذلك على جهدي الشخصي وبمساعدة خياطين اثنين".



مشهد للأوبريت الذي عُرض في افتتاح مهرجان بابل حيث كان الممثلون يرتدون أزياء من تصميم شهد (رويترز)


مرايا الشمس وشهد

وعن أوبريت افتتاح مهرجان بابل الذي قامت شهد بتجهيز أزيائه، قالت إن أوبريت مرايا الشمس يحكي قصة الحضارة البابلية بموكب الملك نبوخذنصر وزوجته أميديا، حيث قامت بتجهيز أزياء 70 جنديا مع إكسسواراتها، وتجهيز الخيالة (باللونين الأزرق والبني)، كما جهزت الملك والملكة بملابسهما وإكسسواراتهما، بالإضافة إلى تجهيز الفنانين الذين جسّدوا شخصيات الأوبريت، وهم: دالوت الملكة شمس الآلهة، وحمورابي، والكاهن، والقائد العسكري مشكيم، بعدها جهزت العارضين والعارضات الذين يبلغ عددهم 20 يمثلون الشعب البابلي.
وعن إتقانها للأزياء التي استخدمت في الأوبريت، قالت إن جميع الأزياء التي صممتها للمهرجان استوحتها من صور بابل القديمة وتاريخها، بدءا من رداء حمورابي ودالوت زوجة مشكيم (القائد العسكري)، وهو الوشاح الأزرق والقفطان الأبيض المُطرز، ثم الملكة أميديا وزوجها الملك نبوخذنصر بالوشاح المطرز بزهرة اللوتس وأسود بابل (رموز الحضارة البابلية التي تدل على القوة والربيع والانتصار).
أما عن تاجي الملك والملكة، فتقول شهد إنها نفذتهما بيديها، بزهرة اللوتس التي تزين منتصف تاج الملكة، وقرني القوة لتاج الملك. وقد حرصت على أن تكون الألوان السائدة لجميع الأزياء الأزرق والأحمر والأبيض والبني (ألوان حضارة بابل).



العذاري: كان لشهد بصمة واضحة في تجسيد الحضارة البابلية بشكل جميل وأنيق وبدقة تأريخية


الأزياء سمة الشعوب

في حديثه للجزيرة نت، قال مصمم الأزياء العراقي زياد العذاري إن الأزياء سمة الشعوب، وبها يتم تجسيد تاريخ وحضارة معينة.
واستطرد قائلا إنه سعيد بمشاركة شهد في مهرجان بابل، حيث كانت لها بصمة واضحة في تجسيد الحضارة البابلية بشكل جميل وأنيق وبدقة تأريخية، من خلال اختيارها الألوان والقصات والرسوم التي صممتها وأظهرت عمق هذه الحضارة.
وأضاف أن إنجازها كان رائعا رغم ضيق الوقت الذي لم يتعد الأسبوع، فقد استطاعت تجهيز الأزياء لعدد كبير من المؤدين والممثلين يتجاوز 135 زيا بابليا.
ولفت إلى أن في العراق نقصا واضحا للدعم وإنتاج الأزياء، فلو كان متاحا لاستطاعت شهد تقديم ما هو أفضل وأكثر إبهارا، ومع ذلك كانت الأزياء ذات عنصر جمالي كبير أشادت به العديد من الصحف والمواقع العالمية.



موسى جعفر أثناء حياكته الأزياء البابلية


تجربة مميزة

وعن الصعوبات والتحديات التي واجهوها، تحدث الخياط موسى جعفر -وهو خياط نسائي والذراع الأيمن لشهد- قائلا إن مهرجان بابل كان تجربة مميزة، رغم ظروف العمل الصعبة التي عايشوها للإعداد له.
وأوضح أنه خلال أسبوع واحد تمكن هو وزميله من إنجاز 140 زيا تحت إشراف شهد، حيث كان العمل يبدأ من الساعة الثامنة صباحا حتى الثالثة من فجر اليوم التالي، مضيفا أنه كان أحيانا يضطر للمبيت في الورشة، وفي اليوم الأخير قبل تسليم الأزياء عمل 24 ساعة متواصلة، ساعده في ذلك زميله أبو علي (خياط نسائي).
وبالنسبة لأعمال التطريز، بيّن جعفر أنه تم تنفيذها عند أحد الطرازين في شارع المتنبي ببغداد. واستطرد بالقول إن صعوبات العمل كانت تقع على عاتق شهد، أما هو فقد كان عمله يتركز في خياطة الأزياء.