المنافذ الحكومية «الملاذ الآمن».. كيف يتغلب المصريون على الغلاء؟



تربك معدلات التضخم المتزايدة الاقتصاد العالمي، ضمن تداعيات جائحة كورونا التي انعكست بشكل مباشر على المؤشرات الاقتصادية كافة، بما خلَّف موجة ارتفاع عالمية في الأسعار تضرب أسواق العالم، وتخلف آثاراً وانعكاسات متفاوتة على المواطنين في مختلف الدول.. فكيف يمكن التعامل مع «جنون الأسعار» الحالي؟ وهل ثمة دور يمكن للمصريين القيام به جنباً إلى جنب والتحركات الحكومية الرسمية؟
في مصر، تشهد أسعار سلع أساسية ارتفاعات متزامنة؛ تأثراً بالزيادات العالمية، ومن بين تلك السلع: الفول والزيت والدقيق واللحوم والدجاج والسكر والعدس، إضافة إلى الزيادات التي تشهدها قطاعات أخرى. وكان معدل التضخم ارتفع خلال أكتوبر الماضي بـ1.7% على أساس شهري.
ويتحدث الخبير الاقتصادي المصري سيد خضر، لـ«البيان»، عن عدة عوامل من شأنها المساهمة في إعادة «التوازن» للأسعار، لا سيما أسعار السلع الاستراتيجية، من بينها أربعة عوامل أساسية؛ أولها مرتبط بـ «الحصول على اللقاح»، فمع تلقيح سكان العالم يسهم ذلك في تعزيز مواجهة كورونا، ومن ثمّ التعافي التدريجي للاقتصادات حول العالم.
ثاني تلك العوامل مرتبط بتعامل الحكومات مع «غلاء الأسعار»، وذلك من خلال «تشديد الرقابة على الأسواق» بشكل قوي، بما يضمن عدم تفاقم الأزمة لمستويات أوسع. ومن بين العوامل أيضاً مرتبط بدور المجتمع المدني في مساندة الحكومات في توفير مصادر بديلة ومنافذ لتقديم السلع الأساسية بأسعار متوسطة وفي المتناول مستدلاً بالمنافذ الرسمية في مصر.
وتبزغ في هذا الإطار المنافذ الحكومية المنتشرة على صعيد المحافظات المصرية، وكذا منافذ الأحزاب والجمعيات، والتي تعتبر ملاذاً آمناً للهروب نسبياً من زيادة الأسعار، لا سيما أنها تقدم السلع بأسعار مناسبة نسبياً، وعادة ما تشهد إقبالاً واسعاً من المصريين.
ورابعاً -بحسب خضر- يأتي دور المواطن المصري في ترتيب أولوياته والاكتفاء بالسلع الأساسية التي تكفي حاجاته، داعياً إلى مقاطعة السلع التي تشهد أسعارها ارتفاعات مبالغ بها، حتى يتم إجبار التجار على تخفيضها.
وحذر البنك الدولي في أحدث تقاريره بشأن أسواق السلع الأساسية، من مزيد من الزيادات المحتملة بأسعار الطاقة، بما يفاقم المخاطر الحالية فيما يتعلق بمعدلات التضخم، وبشكل خاص على الدول الناشئة والنامية. وأثار البنك تساؤلات بخصوص الأمن الغذائي في الدول النامية مع ارتفاع أسعار الغذاء وتضخم السلع الأساسية.
ويشير خضر في معرض حديثه إلى أن العالم في الفترة الأخيرة شهد عديداً من التغيرات والتقلبات، والتي أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي، وإرباك جميع الأسواق، لا سيما قطاع الطاقة، ضمن تداعيات جائحة كورونا، وهو ما أثر على كبرى الاقتصادات حول العالم، بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات الأوروبية.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن آثار التغيرات المناخية أيضاً في زيادة التحديات التي تواجه الأسواق، وتسهم في ارتفاع أسعار عديد من السلع الأساسية، مشدداً في الوقت نفسه على أن فكرة إعادة الوضع إلى ما كان عليه، أو التعافي الاقتصادي، مرتبطة بجملة من العوامل، أهمها في الوقت الحالي الحصول على اللقاحات، بما لذلك من انعكاسات على التعافي الاقتصادي تدريجياً وتعافي مؤشرات الاقتصاد الكلي، بخاصة معدلات التضخم والبطالة التي ارتفعت بشكل كبير.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» قد أعلن عن أن مؤشرها قد سجل في أكتوبر 2020 أعلى مستوى له منذ شهر يوليو 2011.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى توقعات إيجابية للعام المقبل في ظل التوسع في اللقاحات، ومع الاتجاه إلى الانفتاح وعدم الغلق، وكذا عودة معظم المنشآت الاقتصادية للعمل بكامل طاقاتها، بما يسهم بشكل أساسي في تحقيق التوازن المطلوب، الأمر الذي ينعكس بدوره على الأسعار العالمية، لتبدأ في الانخفاض تدريجياً إلى معدلات ما قبل كورونا.
لكن تظل تلك التوقعات «غير يقينية» وتتباين تلك التقديرات -لجهة سرعة الاستجابة- على حسب طبيعة التحديات التي تواجه كل منطقة على حدة، وطبيعة اقتصادها. فضلاً عن المخاطر المرتبطة بتطورات جائحة كورونا ومخاوف المتحورات الجديدة، وأيضاً مخاطر التقلبات المناخية ومعدلات التطعيم المتفاوتة حول العالم.