2021-11-29 11:45
شفق نيوز/ تنتج طبيعة كوردستان العديد من الخيرات التي ينفرد بانتاجها سكان الإقليم، فمن بين تلك النتاجات حلوى (منّ السما) كما يسميها العرب، أو (بالكزو) كما يطلق عليها في إقليم كردستان، التي تجمع من على أوراق وأغصان الشجر في الجبال الممتدة مع إيران قرب مدينة السليمانية، وتحديداً منطقة بنجوين.
ويرجح المهتمون بشأنها أنها الوحيدة في العالم التي تنزل من السماء على الجبال الواقعة قرب السليمانية، هذه المعلومات والمعطيات كانت من الأسباب التي جعلت من حلوى (منّ السما) منتجاً وطنياً يميز مدينة السليمانية عن المدن العراقية الأخرى المشهورة بصناعة هذه الحلوى ومن امتهنها صناعة وتجارة، هذه التجارة اليوم تتربع على عرش أسواق الحلويات.
وتشير المصادر إلى أن الإنتاج السنوي لـ"منّ السما" يصل إلى ما يقارب عشرات الأطنان كونها مادة طبيعية خالصة تتمتع بمذاق فريد، وربما هذا كان السبب الذي جعلها الأفضل في الأسواق وتلاقي إقبالاً واسعاً، ولاسيما من قبل السيّاح.
من ماذا تصنع وكيف؟
يقول توانه عباله (30 عاماً) الذي توارث المهنة من آبائه واجداده وهو يعمل في مصنع حلوى المنّ والسلوى؛ إن "هذه الحلوى من إنتاج الطبيعة، وتنزل هذه المادة مثل المطر على الأشجار والأغصان وشجر البلوط وشجر المازو، مثل الدقيق، أو الطحين، وتحديداً في مدينة بنجوين قرب محافظة السليمانية، لذلك تشتهر هذه المدينة بصناعة حلوى منّ السما العراقية".
ويضيف توانه في حديثه لوكالة شفق نيوز؛ أن "هذه المادة الخام تكون على شكل كتل متحجرة نكسرها لتصبح تراباً، وعادة ما يكون طعمها مراً، بالإضافة إلى ذلك فإنها مادة صمغية لزجة تميل إلى اللون الأخضر قبل تصنيعها، وهذه هي المادة الأساسية لصناعة حلوى منّ السما".
ويشير إلى أن "هناك خطوات وجهداً يبذلان لمعالجتها وتحويلها إلى حلوى لذيذة جداً.
ويتابع "نقوم بشراء المادة الخام بعد أن يجمعها الفلاحون من على الشجر على شكل كتل تزن ما بين 4 إلى 10 كيلوغرامات، تستغرق أياماً لكي تكتمل صناعتها بعد إضافة المكونات الأساسية لعمل منّ السما، وتتضمن المنّ والمكسرات والنكهات حسب الأذواق" .
كيف تتحول الى لون ابيض؟
يكمل عباله حديثه؛ "لقد انفرد العراقيون بصناعة هذه الحلوى التي تمر بمراحل، إذ تبدأ بغربلة وتصفية المادة الخام من الشوائب، وذلك بعد وضعها يوماً كاملاً في الماء من أجل تنقيتها، لتتحول بعد ذلك إلى مادة سائلة (شيرة)، كما يطلق عليها، بعدها تأتي عملية غلي المادة في قدر كبير لفصل الشوائب، وتستغرق هذه المرحلة نحو ثماني ساعات إلى أن يخسر السائل نصف كميته ويتحول إلى حلو المذاق بصورة طبيعية دون إضافة أي سكر، وهذا ما يميز المادة الخام الأصلية عن غيرها، ثم تجري بعد ذلك عملية تبييض المادة باستخدام بياض البيض، وهي عملية طبخ سائل الحلوى لمدة ثلاث ساعات، تليها إضافة المكسّرات من جوز ولوز ولب الفستق لإعطاء مذاق لذيذ، فضلاً عن إضافة نكهات ومواد أخرى، كالهيل أو ماء الورد، لإعطاء طعم مميز وحسب الأذواق، وقد يختلف طعم الحلوى من معمل إلى آخر، لكن في النهاية المادة الأساسية هي ربّانية طبيعية".
وعن الكمية التي يتم طهوها أو غليها في كل مرة أجاب أنه "ربما تصل الكمية إلى ما يقارب الخمسين إلى الستين كيلو غراماً من الحلوى، أما بالنسبة للبّ الفستق المضاف إليها فيبلغ ما يقارب الأربعين كيلو غراماً، وبهذه الخطوة نصل إلى المرحلة النهائية، بعدها يترك الخليط من يوم إلى يومين، ثم يقطع وفق الأشكال المطلوبة، بعدها توضع كميات من الدقيق كعازل يحول دون التصاق الحلوى بعضها مع بعض، ثم لاحقاً تعبئتها في علب خشبية مع الطحين للحفاظ عليها من الرطوبة والتعفن".
واشار عباله إلى أن "هذه الطريقة هي التقليدية، او المعتاد عليها، وإما أن تغلف بأغلفة شفافة لتغدو جاهزة بالصورة التي يعرفها متذوقوها في العراق وخارجه"، لافتا الى "وجود بعض الزبائن يطلبون علباً مغلفة بطريقة فاخرة لتقديمها في الفنادق أو مطاعم الدرجة الأولى كهدايا من العراق".
اسعارها ومن يفضلها؟
وبخصوص أسعار الكيلو غرام من حلوى (منّ السما) يقول حمه غريب وهو بائع محلي في السليمانية؛ إن "سعر الكيلو غرام يتراوح بين سبعة الف وعشرون ألف دينار عراقي، بحسب طريقة الصناعة والمواد الخام المستخدمة".
ويضيف غريب في حديثه مع وكالة شفق نيوز؛ أن "الطلب عليها موجود على مدار السنة، ولاسيما من قبل إخواننا العرب الذين يشترونها كهدايا مميزة من الجبل، بالإضافة إلى ذلك يقبل كبار السن عليها أيضاً وعادة يزداد الإقبال عليها في شهر رمضان المبارك وأعياد نوروز".
قيمتها الغذائية
وتقول المختصة في شؤون التغذية الطبيعية الدكتورة سارة علي لوكالة شفق نيوز؛ إن "حلوى من السما تمتاز بقيمتها الغذائية التي تنشّط الجهاز العصبي، وتفيد في تحفيز الذاكرة وخصوصا لكبار السن؛ مثلما تمنح العقل حيوية واتقادا".