هل تسمعون بـأمير البحار؟
هو غلام زرافة في كتب المؤرخين العرب وليون الطرابلسي في كتب المؤرخين الأوربيين ورشيق عند أهالي المدن الأوربية التي تعيش قريبا من البحار حيث كان يغير عليها ويغنم منها الكثير والكثير بخفة ورشاقة
هل تسمعون بـأمير البحار
هو غلام زرافة في كتب المؤرخين العرب وليون الطرابلسي في كتب المؤرخين الأوربيين ورشيق عند أهالي المدن الأوربية التي تعيش قريبا من البحار حيث كان يغير عليها ويغنم منها الكثير والكثير بخفة ورشاقة
وقد أغفلت كتب العرب هذا البطل العظيم ولم يكتب عنه غير بضعة سطور كتبها ابن الأثير في أحداث سنة 291 هـ .
كان غلام زرافة في زمن الخليفة العباسي المستكفي وهو من مدينة طرطوس كان نصرانيا ثم اسلم وعمل بالبحر مع البحارة المسلمين في الدولة العباسية وقد حاول أبواه بكل طريق أن يحولا بينه وبين الإسلام، وضغطا عليه بقوة ليرتد إلى النصرانية، ولكنه ثبت على دين الحق، وفر منهما وانضم إلى المجاهدين من البحارة المسلمين الذين كانوا يجوبون البحار لمحاربة الأساطيل البيزنطية لردعها عن شواطئ المسلمين، وكان هؤلاء المجاهدون يركزون غاراتهم على شواطئ بحر الأرخبيل [بحر إيجه] وثغوره وجزره . . .
كان غلام زرافة يرعب الدولة البيزنطية في عز جبروتها وقوتها حتى أنه تجرأ وفكر وقرر فتح مدينة تسالونيكا اليونانية وهي تعادل في وقتها وأهميتها القسطنطينية ذلك الوقت .
خرج غلام زرافة في حملة بحرية بإتجاه مدينة تسالونيكا ولم يجرؤ الأسطول البيزنطي الذي بعثه الإمبراطور 'ليون السادس' لحماية ثغور الدولة على لقاء سفن المسلمين، فارتد إلى ضفاف 'الدردنيل' تاركا مياه بحر 'إيجه' مفتوحة لسفن المسلمين تتجه بمنتهى السرعة إلى ثغر 'تسالونيكا' .
كان قائد حامية المدينة ضابط قوي جدا وذكي اسمه بتروناس وكان يوجد أجزاء متهدمة من سور المدينة وليس لديه وقت لأحضار الحجارة من أماكن أخرى فقام بأخذ حجارة قبور أجداده والقساوسة والقديسين المدفونين في المدينة ليرميها في البحر لتعطيل سفن المسلمين أن تقترب من الجزء المهدم من السور وياله من ذل وعار عليهم وفخر وشرف للمسلمين أما أهل المدينة فقد وضعوا آمالهم في أحد قديسيهم الهالكين ويدعى 'ديمتريوس' وقد كان مدفونا في كنيسة خاصة به، فهرعوا إليه في هذه الكنيسة وانهمكوا في الصلاة ليلا ونهارا داعين وليهم 'ديمتريوس' هذا أن يكشف عنهم الضر وما كشف عنهم الضر لا المقبور ولا الحي بينهم .
أما بطلنا فبعد عدة محاولات قرر الهجوم على المدينة فبدأ بتنفيذ خطته النهائية بمنتهى السرعة والبراعة، فربط عدة سفن كل اثنين معا ربطا وثيقا محكما، وأقيم فوق كل اثنتين برج خشبي مرتفع، وفي صباح اليوم التالي دفعت هذه الأبراج نحو المواضع المنخفضة في السور وفي كل منهما نخبة من المسلمين تستطيع أن تقضي على المدافعين عن الأسوار، ونشبت معركة هائلة بين الفريقين، وكان بحارة سفن الإسكندرية أول من اقتحم الأبراج، وانقضوا على المدافعين كالصواعق المرسلة وأجبروهم للفرار تحت ضغط الهجوم الكاسح، فنزل الأبطال وفتحوا أبواب المدينة لينقض المسلمون عليها من كل ناحية واستولوا عليها بأكملها في سويعات وتم أسر اثنين وعشرين ألفا من أهلها حملوا جميعا إلى مدينة 'طرسوس' قاعدة الانطلاق ليتم مبادلتهم بالأسرى المسلمين لدى البيزنطيين، حيث كان من الأهداف الرئيسية لحملات 'ليون الطرابلسي' أخذ أكبر عدد من الأسرى البيزنطيين لاسترجاع أسرى المسلمين عندهم .
واستمر 'ليون الطرابلسي' أمير البحار في حملاته وغزواته البحرية الجريئة بمنطقة بحر 'إيجه' حيث لم يقوم له أحد ولم ترده أساطيل الدولة البيزنطية الضخمة، وهو في ذلك كله تابع وموالي للخليفة العباسي يأتمر بأمره ولا يرد له طلبا، ويقوم بأعظم الخدمات للدولة المسلمة من إضعاف للقوة البيزنطية، وفك أسرى المسلمين، وجمع الغنائم والثروات لصالح الدولة المسلمة، حتى استحق وعن جدارة لقب 'أمير البحار' بل وأعظم بحار مسلم عرفه التاريخ .
وبعد هذا هو أمير البحار الحقيقي الذي ارعب الدولة البيزنطية وأهانها واسر شرفائها وعظمائها وقساوستها وأتي بهم مقيدين إلى دولة الخلافة ليسطر بيديه ورفاقه مجدا تليدا وعزا وشرفا يعيش ابد الدهر .