اعتبر مسؤولون ومنظمات مدنية نسوية عراقية المحاولات الأخيرة التي لجأ فيها مسلحون، يرتبط بعضهم بتنظيم القاعدة، إلى إرتداء ملابس نسائية تفاديا لاعتقالهم على أيد قوات الأمن، استغلالا لما يكنه المجتمع العراقي من احترام للمرأة.
وكانت الشرطة العراقية قد اعتقلت في 12 شباط/فبراير، ثلاثة أشخاص مطلوبين للقضاء بتهم إرهابية في حي أور شرقي بغداد، حسبما ذكر المقدم إياد راضي، من شرطة بغداد – الرصافة.
وقال راضي في حديث لموطني إن "المطلوبين يواجهون تهم تنفيذ هجمات إرهابية، بينها قتل مواطنين على الهوية بسبب الانتماء الطائفي أو الفكري، فضلا عن عمليات سطو مسلح وسرقة وتفجير عبوات ناسفة".
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، في حديث لموطني إن نحو 16 إرهابيا يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة اعتقلوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ”جميعهم كانوا متنكرين بملابس نساء عراقية تقليدية وهي العباءة السوداء والشيلة"
وأضاف أنه في حالات أخرى تم ضبط أسلحة أخفيت ضمن موكب للزفاف جرى بمنطقة شمال بغداد.
"وصلت إحدى الحالات إلى حد التنكر في موكب زفاف لتسعة سيارات، إذ تنكر الإرهابي بملابس عروس وأجلس رفيقه ببذلة رجالية وكانوا جميعا ينقلون أسلحة ومتفجرات إلى داخل بغداد عبر تلك السيارات"،على حد قوله.
وتابع "ولولا نباهة رجال الأمن في حاجز التفتيش ببلدة التاجي شمال بغداد لأدخلت السيارات مع المتفجرات وحدثت مجزرة بشرية حقيقية".
الاستخفاف بالأعراف والقيم
واتخذت قوات الأمن إجراءات جديدة حيال هكذا محاولات من خلال تعيين نساء بصفة مفتش شرطة في نقاط التفتيش الرئيسية على مداخل المدن والمناطق الرئيسة في بغداد والمحافظات ليقمن بتفتيش من يشك بها وداخل كابينات مغلقة و"بكل احترام".
من جهتها، قالت عضو لجنة المرأة في مجلس النواب العراقي، صفية السهيل، في حديث لموطني "تلك صفحة جديدة من صفحات استغلال الإرهابيين للنساء، فبعد محاولة جعلهن مجرد سلعة أو حاجة، الآن يستغلون احترام وتقدير المجتمع للمرأة".
وأضافت "يجب على رجال الدين من كلا الطائفتين والمثقفين والإعلاميين تحذير العراقيين من تلك المحاولات الخبيثة للتسلق على أعراف وقيم العراقيين".
بدورها، قالت الدكتورة إيمان عبد علي، مديرة منظمة "نساء بغداد"، وهي منظمة عراقية غير حكومية، في حديث لموطني إن "المنظمة وباقي الجمعيات المتحالفة معها تنظر بقلق بالغ إزاء محاولات الإرهابيين التخفي وراء ملابس النساء".
وتابعت "وعليه، ندعو قوات الأمن بأخذ الحيطة والحذر وأن لا يكون ذلك سببا لخرق الأعراف والتقاليد في تفتيش النساء والتجاوز على حرمتهن".
وحثت علي قوات الشرطة على "اعتماد الوسائل العلمية الحديثة في نقاط التفتيش والحواجز الامنية لكشف الإرهابيين المتخفين"، على حد تعبيرها.
كما أوضحت أنه بالإضافة إلى التخفي بملابس نسائية، فهناك بعض المسلحين يتخفون كسائقي سيارات أجرة يوصلن نساء لا علم لديهن بما خفي من أسلحة في السيارة من أجل المرور عبر السيطرات الأمنية من غير تفتيش.
وأشارت علي إلى أن القضاء العراقي برأ خلال الأشهر الثلاثة الماضية أربع نساء بعد اعتقالهن داخل سيارات أجرة يقودها مسلحون ويقومون بنقل أسلحة ومتفجرات من خلال قيامهم بنقل نساء وطالبات جامعيات كي يقوم رجال الأمن بفتح الطريق أمام تلك السيارات احتراما للسيدات.
وذكرت أن القضاء وجد أن النساء قد خدعن بسبب عدم علمهن المسبق بأن سائقي الأجرة كانوا مسلحين ينقلون أسلحة ومتفجرات في سياراتهم، لذا حكم لهن بالبراءة.
’دليل جديد على ضعفهم‘
من جهتها، قالت صباح الهاشمي، ناشطة اجتماعية ببغداد، في حديث لموطني "غير مستغرب على الذين قتلوا وفجروا استخدام أي اسلوب للوصول إلى أهدافهم".
وأوضحت "سنطلق حملة شعبية في بغداد ترفض ذلك وتدعو لإيقاع عقوبات مشددة بحق من يستغل النساء لتنفيذ مخططات إرهابية بشعة، سواء تنكروا بملابس نساء أو قاموا باستغفالهن بنقل متفجرات وأسلحة بين مناطق ومدن العراق المختلفة".
من جهته، قال الشيخ رافع عبد الكريم الخربيط، زعيم عشائري بارز في الفلوجة، إن "الإرهابيين باتوا يستخدمون كل الوسائل لتحقيق أهدافهم"ن مضيفا أن وسائلهم الأخيرة "ستنعكس سلبا على جميع النساء العراقيات".
وأضاف الخربيط في حديث لموطني "ومن هنا تكون الجماعات الإرهابية قد شملت بجرائمها جميع العراقيين وبعدالة وتساوي".
من جانبه، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حسن السنيد، إن لجوء المسلحين إلى التنكر بملابس النساء واستغلالهن في نقل الأسلحة دليل على تطور أداء القوات العراقية على الأرض.
فبعد أن كانوا طلقاء يتنقلون بحرية، والكلام للسنيد، انتقلوا إلى لبس لثام لتنفيذ هجماتهم، واليوم يتنكرون بملابس نسائية.
"وهذا دليل على ضعفهم ومدى الوهن الذي أصابهم"، حسبما أضاف لموطني.
وحث السنيد على أهمية تركيز العمل الاستخباري والتدقيق في هويات الأشخاص الداخلين والخارجين من وإلى المدن مع الحرص على إبقاء قدسية التعامل مع المرأة العراقية. وختم بالقول إن النساء العراقيات "عانين الكثير من جرائم الإرهاب بفقدهن الإبن والزوج والأب والأخ، ويجب ألا نسمح لأحد أن يستغلهن بهذا الشكل القذر".