يُزرع هذا النوع من الفاكهة ببلدة مندلي فقط والقرى والأرياف التابعة لها في أقصى شرق محافظة ديالى بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية وتشتهر بها دون المناطق الأخرى.
عراقيون تحدثوا عن فوائد هذه الفاكهة لمعالجة الأمراض والآلام
ديالى- منذ صغره ورث عمار جاسم (60 عاما) من أبيه تناول صنف نادر من الرمان الأسود أو ما يُعرف محليا بـ"عنارسيه"، كلّما شعر بآلام في البطن أو المعدة، مستذكرا من تلك اللحظات ما كان يسمعه عن والده وهو يتحدث لإخوته الكبار "هذا الرمان دواء سحري يشفي جميع آلام البطن".
وفاكهة "عنارسيه" نوع نادر جدا يطلق على صنف من الرمان قشرته الخارجية حمراء داكنة جدا تميل إلى السواد تضم بداخلها حبات سوداء، وتمثل ما يعتبره كثير من العراقيين "دواء سحريا" لأمراض البطن كافة، ويؤدي تناولها إلى زوال أعراض العديد من الأمراض، بحسب قولهم.
الرمان الأسود
لماذا مندلي فقط؟
يُزرع هذا النوع من الفاكهة في بلدة مندلي فقط والقرى والأرياف التابعة لها في أقصى شرق محافظة ديالى بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية وتشتهر بها دون المناطق الأخرى، وهي بمثابة وصفة سحرية لدى سكان البلدة منذ عشرات السنوات، للشفاء من آلام البطن والمعدة، وتُغنيهم عن الوصفات الطبية الأخرى.
محليا، تُسمّى ديالى "مدينة البرتقال" و"أم البساتين" لوفرة محاصيل الفواكه فيها ولشهرتها بإنتاج البرتقال، وهي من أولى المحافظات الزراعية المنتجة للحمضيات بكافة أنواعها، وتعدّ الممول الرئيسي لأغلب المحافظات بالفواكه والخضر.
وواحدة من نقاط اختلاف وتميّز "الرمان الأسود" عن الأنواع الأخرى من الفواكه أن مستوى ارتفاع الشجرة يكون أقل من المستوى المطلوب مقارنة مع الأصناف العامّة الأخرى، كما يقول الخبير الزراعي قيس صادق، وكمية الثمار التي تنتجها الثمرة فيها تكون أقل من كمية الثمار الموجودة في الرمان العادي. بالإضافة إلى ميزة أخرى وهي لونها المميز الذي يميل إلى أحمر أقرب إلى السواد.
ويُرجع الخبير الزراعي في رده على سؤال للجزيرة نت عن أسباب حصر زراعة هذه الفاكهة في مندلي دون المناطق الأخرى إلى الطبيعة الجغرافية ونوعية التربة التي تتميز بها البلدة، فضلا عن أن معظم أراضيها وبساتينها أراض رملية، وهذا ما يسهم بشكل أساسي في نجاح زراعة هذا الصنف من الفواكه فيها حصرا.
لا يوجد تفسير طبي أو علمي يكشف لغز معالجة هذه الفاكهة أوجاع وآلام البطن
علاج فوري
وما يؤيد استخدام "الرمان الأسود" كعلاج فوري لآلم البطن والمعدة والأمعاء أيضا لدى سكان البلدة، ما يستذكره صادق عندما كان صغيرا وهو يستمع إلى التجارب الحية من الآباء والأجداد عن فوائد هذه الفاكهة لمعالجة الأمراض والآلام.
ورغم عدم وجود أي تفسير طبي أو علمي يكشف لغز معالجة هذه الفاكهة أوجاع وآلام البطن حتى الآن، فإن صادق يرى أن السبب في ذلك قد يعود إلى نوع من الصبغات الموجودة فيها والتي أشبه ما تكون بمواد مُسكنة للآلام أو مقاومة لبعض البكتيريا والفيروسات الموجودة في جسم الإنسان.
واعتادت بساتين مندلي أن تزرع شجرة واحدة أو اثنتين على الأكثر من فاكهة "الرمان الأسود" وهو لا يُباع في الأسواق وإنما يوزع مجانا للمحتاجين، ومن يحتاجه يذهب إلى صاحب البستان الذي توجد فيه الشجرة لأخذ رمانة واحد أو اثنتين للعلاج، كما يؤكد عضو المجلس المحلي السابق حيدر ستار للجزيرة نت، مبينا أن هناك قناعة تامة لدى الأهالي بأنه يشفي من آلام البطن والمعدة.
يشكو ستار من غياب الدعم والاهتمام الحكومي لتطوير هذه الفاكهة النادرة على مستوى العراق والمنطقة، مؤكدا أن اهتمام الجهات المعنية بـ"عنارسيه" يجعله أحد المصادر الرئيسية لتحقيق واردات كبيرة للمحافظة بشكل عام.
العنبكي حذر من أن ديالى ستفقد مكانتها الزراعية ما لم تعالج مشكلة الجفاف (الجزيرة)
تمر القرنفل
وبالإضافة إلى "عنارسيه"، فإن مندلي تشتهر وتتميز أيضا بنوع مميز من التمر يسمى محليا بـ"القرنفل"؛ وهو نوع نادر لا يوجد في أي منطقة عراقية أخرى، ويصل سعر الكيلو الواحد منه إلى نحو 24 دولارا أميركيا، وله طعم ونكهة خاصة جدا، وهذا ما جعلها رمزا لقضاء بلدروز التابع لمحافظة ديالى.
لكن الجفاف بات يهدّد "سلّة فاكهة العراق" ويضرب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الفترة الأخيرة بسبب نقص المياه من مصادرها وجفاف أنهر الري، ما دعا الناشط والصحفي علي العنبكي إلى التحذير من أن المحافظة ستفقد مكانتها الزراعية الخاصة على مستوى العراق ما لم تُعالج هذه المشكلة.
ويقول العنبكي -في حديثه للجزيرة نت- إن ديالى تملك من المقومات الزراعية وتحديدا أصناف الحمضيات ما يجعلها قادرة أن تكون الموزع الرئيس لجميع المحافظات العراقية، شرط الإسراع في معالجة الجفاف الذي يضرب بساتينها ويهدّد مستقبلها الزراعي.