الباحثون يؤكدون أن النبيت الجرثومي المعوي لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 100 عام يحتوي على مجموعة بكتيريا قادرة على إنتاج أحماض صفراوية ثانوية تحمي من بعض مسببات الأمراض شديدة المقاومة.
لكل شخص نبيت جرثومي معوي خاص به يتطور مع مرور الوقت ليصبح فريدًا، وهذه المعرفة قد تفتح آفاقا علاجية يمكن تصميمها حسب احتياجات كل فرد (شترستوك)
من المعروف أن النبيت الجرثومي المعوي له تأثير على صحة البشرة والمزاج والمناعة، وقد تبيّن أيضًا أنه من مفاتيح طول العمر.
وفي تقرير نشرته مجلة "لوفيغارو" (le figaro) الفرنسية، قالت الكاتبة كارولين هنري إن علماء يابانيين اكتشفوا أخيرا سرّ طول عمر الأشخاص المعمرين بعد عقود من الدراسات.
ووفقا لدراسة أجريت في كلية كينو في طوكيو ونشرت الصيف الماضي في مجلة "نيتشر" (Nature) العلمية، فإن النبيت الجرثومي المعوي من بين العوامل التي تفسر طول عمر هؤلاء الأشخاص.
وتوصل هؤلاء الباحثون إلى أن النبيت الجرثومي المعوي لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 100 عام يحتوي على مجموعة بكتيريا قادرة على إنتاج أحماض صفراوية ثانوية تحمي من بعض مسببات الأمراض شديدة المقاومة.
وتسهم هذه البكتيريا في الحفاظ على توازن النبيت الجرثومي المعوي.
بيانات شخصية للغاية
تدعم هذه الدراسة الجديدة فرضية حاول بعض الباحثين لسنوات إثبات صحتها، ومنهم البروفيسور بول أوتول عالم الأحياء الدقيقة بجامعة كورك وعضو المشروع الأوروبي "إلدرميت" الذي يهتم بدراسة النبيت الجرثومي المعوي لدى كبار السن.
وافترض العلماء أن البكتيريا الحميدة التي تعيش في الأمعاء يمكن أن تحدد سرعة الشيخوخة.
ويوضّح جويل دوري مدير الأبحاث في أحد المعاهد الفرنسية أنهم لاحظوا "تغييرًا في النبيت الجرثومي المعوي لدى المشاركين المتقدمين في السن. فمع التقدم في العمر، تفقد هذه الميكروبات ثراءها وتنوعها بسبب انخفاض إفراز المخاط الواقي للأمعاء والاضطرابات الهضمية، وفي كثير من الأحيان بسبب تدني جودة النظام الغذائي. ويؤدي ذلك إلى ضعف الدفاعات الطبيعية وانخفاض مقاومة الجسم لمسببات الأمراض".
النبيت الجرثومي المعوي يلعب دورا في تنظيم الوظائف المناعية والاستقلابية والعصبية (شترستوك)
أشارت الكاتبة إلى أن وظيفة النبيت الجرثومي المعوي لا تقتصر على تسهيل عملية الهضم ومقاومة مسببات الأمراض فحسب، بل تلعب أيضا دورا في تنظيم الوظائف المناعية والاستقلابية والعصبية.
وحسب جويل دوري، فإن "حدوث اختلال على مستوى النبيت الجرثومي المعوي من شأنه الإضرار بالثراء البكتيري، والتسبب في فرط نمو البكتيريا المسببة للأمراض".
وعلى مرّ السنين، يؤدي هذا الاختلال إلى تدهور المناعة وزيادة خطر الإصابة ببعض الحالات المرضية مثل الالتهاب المزمن، والتدهور المعرفي، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان.
البريبيوتيك ومكافحة الشيخوخة
هل يمكن إبطاء الشيخوخة من خلال تعزيز النبيت الجرثومي المعوي؟ الباحث في معهد أبحاث صحة الجهاز الهضمي في تولوز، جان بول موتا، يوضح أنه "لكل شخص نبيت جرثومي معوي خاص به يتطور مع مرور الوقت ليصبح فريدًا، ولا وجود لتركيبة ميكروبات محددة للجميع لحياة طويلة وصحية. ويجب أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار طريقة تفاعل هذه الميكروبات وموقعها من الأمعاء. كل هذه المعرفة تفتح آفاقا علاجية، وتقتضي فهما أفضل لوظائف النبيت الجرثومي المعوي حتى نتمكن من تصميمها، حسب احتياجات كل فرد".
المزايا الوقائية للصيام
والصيام مفيد للصحة سواء كان متقطعًا أو متتابعًا. ويقول البروفيسور فالتر لونغو، المختص في علم الشيخوخة "الدراسات المخبرية والسريرية تظهر أن الصوم من أكثر الطرق فعالية لتنشيط العمليات الخلوية كتجديد الخلايا. وتخليص الجسم من السموم، إذ يساعد الصوم على الحد من استهلاك الطاقة بشكل فعال من دون أن تكون لذلك آثار جانبية، ويبطئ الشيخوخة ويقلل من عوامل الخطر التي تزيد من احتمال الإصابة ببعض الأمراض".
وعند ممارسة الصيام المتقطع، يُنصح باحترام التوصيات الغذائية اليومية على غرار تناول 5 أنواع من الفواكه والخضروات، وحصتين من البروتينات النباتية أو الحيوانية و3 منتجات ألبان.