عندما يموت نجم فإن انفجاره الأعظم يولد سلسلة من الأحداث التي قد تؤدي في النهاية إلى تشكل نجوم جديدة.
التجويف الشاسع يأخذ شكل الكرة، ويمتد عبر ما يقارب 500 سنة ضوئية (شترستوك)
رصد علماء الفلك تجويفا ضخما في الفضاء، لكنهم لم يجدوا تفسيرا محددا لمصدره حتى الآن. وفي تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" (Independent) البريطانية، يقول الكاتب أندرو غريفين إن هذا التجويف الشاسع يأخذ شكل الكرة، ويمتد عبر ما يقارب 500 سنة ضوئية، ويوجد بين برجي "بيرسيوس" (Perseus) و"توروس" (Taurus)، وتحيط به الغيوم الجزيئية، وهي المناطق التي تتشكل فيها النجوم.
فقاعة ونظريتان
وحسب الكاتب، لم يتمكن العلماء إلى الآن من تحديد كيفية تشكل التجويف. ويقول الباحث شموئيل بيالي المشرف على الدراسة -من "معهد النظريات والحساب" (Institute for Theory and Computation) والتابع لـ"مركز الفيزياء الفلكية" (Center for Astrophysics)– إن "مئات النجوم تتشكل أو توجد بالفعل على سطح هذه الفقاعة العملاقة".
وأشار بيالي إلى أن "هناك نظريتين. تتمثل النظرية الأولى في حدوث انفجار نجمي عظيم في قلب هذه الفقاعة، دفع الغاز إلى الخارج مشكّلا ما نسميه حاليا انفجار "بيرسيوس" و"توروس" الهائل. أما النظرية الثانية فهي أن سلسلة من الانفجارات النجمية الكبيرة حدثت على امتداد ملايين السنين وأنتجت هذا التجويف بمرور الوقت".
لم يتمكن العلماء إلى الآن من تحديد كيفية تشكل التجويف (شترستوك)
ويعتقد العلماء أن السحب الجزيئية بيرسيوس وتوروس ليست هياكل منفصلة في الفضاء، بل تشكلت من نفس الموجة الصدمية، بعد انفجار نجمي عظيم. وقال بيالي في هذا السياق إن "هذا الأمر يوضح أنه عندما يموت نجم، فإن انفجاره الأعظم يولد سلسلة من الأحداث التي قد تؤدي في النهاية إلى تشكل نجوم جديدة".
خرائط ثلاثية الأبعاد
يُذكر أن الباحثين اكتشفوا التجويف عندما كانوا يحللون خرائط ثلاثية الأبعاد لأشكال وأحجام السحب الجزيئية القريبة، وكانت تلك الخرائط قد صممت باستخدام معلومات مرصد "غايا" (Gaia) التابع لـ"وكالة الفضاء الأوروبية" (European Space Agency).
وتعتبر هذه الخريطة بحد ذاتها إنجازا علميا كبيرا باعتبارها المرة الأولى التي تُرسم فيها الغيوم الجزيئية بتقنية ثلاثية الأبعاد، وكان العلماء يعتمدون في السابق على الصور المسطحة.
لقد تمكنا من رؤية الغيوم الجزيئية لعقود من الزمن، لكننا لم نعرف أبدا شكلها الحقيقي (شترستوك)
وأوضح بيالي "لقد تمكنا من رؤية هذه السحب لعقود من الزمن، لكننا لم نعرف أبدا شكلها الحقيقي أو عمقها أو سمكها". وقالت كاثرين زوكر -الباحثة في مركز الفيزياء الفلكية- "لم نكن متأكدين أيضا من بُعد الغيوم. نحن نعرف الآن أين توجد، بهامش خطأ 1%، مما يسمح لنا بتمييز هذا الفراغ".
وتضيف زوكر أن "هناك العديد من النظريات المختلفة حول الكيفية التي يتفاعل بها الغاز لتشكيل النجوم. لقد اختبر علماء الفلك هذه النظريات باستخدام عمليات المحاكاة في الماضي، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يمكننا فيها استخدام صور ثلاثية الأبعاد لمقارنة النظريات بالملاحظة المباشرة".