كان هناك مديراً لمدرسة ما، تزوج شقيقة بواب المدرسة التي يعمل بها، وكان بحكم النسب الذي بينهما يحسن معاملته، فكان كلما تأخر معلم أو تغيب عن المدرسة يطلب مدير المدرسة من نسيبه أن يعطي للطلاب الحصة بدلا من المعلم الغائب، ويقول له مستهزئاً: “إذا كنت لا تغرب في تعليمهم شيئا، فيكفيك أن تتعلم أنت فيهم”!
ومرت الأيام وقام مدير المدرسة بتعيين نسيبه البواب معلما بالمدرسة، وانفرجت الدنيا في وجه مدير المدرسة فعين مديرا للتعليم، وأول ما فعله قام بتعيين نسيبه من معلم لمدير للمدرسة.
وعندما تم تعيين مدير التعليم وزيراً للتربية والتعليم قام بتعيين نسيبه مديراً للتعليم نفس المنصب الذي كان يشغله.
وفي يوم من الأيام قرأ نسيبه شقيق زوجته قراراً قد صدر منه، إطلاق لجنة من المختصين في الأرجاء لإعادة تقييم شهادات الموظفين بالقطاع التعليمي، فاتصل على زوج شقيقته يرتجف مرعوبا: “وكيف يعقل هذا؟!، أما علمت أنني لا أملك أي شهادات؟!”
فقال له نسيبه وزير التربية والتعليم: “ابتهج يا نسيبي ولا تقلق، فقد عينتك مديرا على لجنة التقييم”.
إن الفاسد يتمادى في فساده طالما أمن العقاب، يسئ الأدب طالما استسهل الحساب، يضع بواباً (مع كل الاحترام والتقدير للبواب الشريف النزيه) على رقاب العباد.
الفاسد يبني أمجاده على أنقاض الآخرين غيره، يبني غناه على إفقارهم وإذلالهم، وسعادته على تعاستهم.