رحم الله ابي
صوت ام كلثوم في المذياع
" هل رأى الحب سُكارى مثلنا"
وابي يحتسي( حليب السباع )
اخي يهمس في أذن أمي
" لِمَ يسمحون للكحول ان يُباع؟"
همستُ لهما" انه يراكما.. فاحذرا"
" فيتحوّل إلى ضبعٍ من الضباع"
دقائق مرّت وها هي الكأس الثانية
بدأ ابي بالغناء وعلينا نحن الاستماع
صوتٌ مُتعبٌ يخرج من فمه
يتهدّج صدره وترتجف الأضلاع
مرّت دقائق سكون
وعاد ابي إلى نفس الطباع
" بماذا تتهامسان؟"
" هل لديك في اموالي اطماع؟"
تردّد اخي هنيهةً وقال
" لا.. بل انا مكتفٍ حدَّ الإشباع"
وانتَ يا صغيري.. مشيراً إليّ
استترتُ بوالدتي مرتجفاً
" لا... لا تُنصت يا أبي إلى ما يُشاع"
انا احبّكَ كما تدري
واُدين لكَ بالطاعة والانصياع
قهقه ابي وهو يلتهم اللحم المشوي
" لكني طوال العمر في اوجاع"
" لا أحد منكم يُعينني...
ولا للحِمل عن ظهري انقشاع "
جلبتْ والدتي( المزّة ) له
علّه يترك الغضب والافزاع
غير أنّه وكعادته
يزمجر ويُعربد ويُزيد الحال ارتياع
يهرب كلٌّ منّا إلى غرفته
دون أدنى توانٍ ودون وداع
رحم الله أبي
كم كان هماماً شجاع
يروي لنا بطولاته
وكيف كان يقتحم الخطوب باندفاع
كيف قتل العربيد بعصاه
وكيف طعن أحدهم بالذراع
يعيد علينا نفس القصص كل يوم
وما علينا سوى التأييد والاقتناع
رحم الله أبي
كان قاسياً
لكنه طيّبٌ حدَّ النخاع
....
انا افتقدك يا أبي
وشوقي إليكَ ملتاع