بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على النبي المصطفى و اله و صحبه و التابعين بأحسان الى يوم الدين
"الثقة بالنفس و نظرية البحث"
تفترض نظرية البحث القياسية ان عملية البحث عملية مهمة جداً فهي مرتبطة بالجانب النفسي و هو الثقة بالنفس بشكل وثيق فكلما جرى البحث عن امر ما تجد ذلك الشخص يملك ثقة اكبر في ذلك المجال سواء كان يبحث عن وظيفة او شريك حياة او رفيق او سؤال او مادة علمية او حتى البحث في اسرار هواية معينة او طرق فعالة للوصول الى الهدف.
مهما يكن ، البحث هو ان تحاول جاهدا معرفة الإجابات عن كل الاسئلة التي تدور في ذهنك عن امر من الأمور او معرفة الطرق التي تصلك الى أهدافك التي ترجوها، و ان كنت محظوظا في الوصول الى هدفك عن طريق البحث و التقصي فلسوف تتغير حياتك الى الأفضل مع ما يرافقها من زيادة في الثقة في ذاتك.
يقول تعالى في محكم كتابه " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فأذا لم تقم بتحديث افكارك او اعمالك يومياً فأنك تبقى ببساطة على حالك و لا تتغير لانك أوقفت عجلة البحث عن طرق تحسين يومك او مستقبلك فلا تدرك و لا تشعر بسوء اعمالك او تصرفاتك في حين ان كل شيء في هذا الكوكب يتجدد و يتغير سواء ارضه او سمائه او بعض البشر الذين يعيشون عليه.
ابحث بعينيك عن كل شخص غارق في المتعة و اللهو في يومه و ليله ، هو ببساطة لا يتغير لانه لا يدرك خطأه، فهو لا يجدد أفكاره و لا اعماله بل يعيش في روتين يومي قد يدركه منه امراض الاكتئاب و الحزن والعجز و الكسل.
في أحد ادعيةَ النبيْ مُحمد عليه الصلاة و السلام - الصحيحة - " اللهم نسألك علماً نافعاً و عملاً متقبلاً و رزقاً طيباً " حيث كان يدعي بها في كل صباح مقدماً العلم في ابتداء يومه ، حرصاً منه المصطفى على زيادة علمه و تحديثه كل يوم فهو اصل كل عمل مثمر و رزق وفير مبارك.
اما في قصة لقاء نبي الله يوسف عليه السلام مع الوزير و هو خارج من السجن الذي قضى فيه سنين طويلة قال له بكل ثقة " قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ " ثقة منه في ذاته بعد ان انخرط بالبحث في ريعان شبابه في علوم الحساب و الكتاب و الحكمة ، يقول تعالى واصفاً فترة شباب النبي يوسف " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيْنَٰهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ"
في عملية البحث و القرائة ، لا تتغير أفكار الاشخاص فحسب بل ايضاً معتقداتهم و دينهم ليتحولوا الى اشخاص واثقين من انفسهم و علمهم و جهدهم فقد وجدوا اخيراً حجة قوية و دليل علمي منطقي يتكأون عليهم في اعتقاداتهم و ايمانهم الجديد ، لقد استبدلوا طريقهم في الحياة و مستقبلهم عن الحياة السابقة التي بُنيت على ايدي الاباء على الظنون و المشاعر الكاذبة.
يقول تعالى في حق اغلب المجتمعات التي تتمسك بعادات الإباء و موروثهم "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ۗ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْـًٔا وَلَا يَهْتَدُونَ "
---------------------------------------------------------
المصدر
Armin Falk, David Huffman, Uwe Sunde, “Self-Confidence and Search”, IZA DP No. 2525, 2006