الاسترقاق يسود مملكة النمل
كشفت دراسة أن العبودية تسود وسط النمل مع وجود من يصطاد آخرين ليصبحوا له «رقيقا»
ميونخ
يبدو أن العبودية تسود حتى وسط النمل وأن هناك منه ما يتخصص في اصطياد بعض آخر ليصبحوا «رقيقا». وفوق ذلك فإن هذا النمل الصائد، وهو فصائل معينة، يفضل لغرضه هذا مهاجمة القوي على مهاجمة الضعيف لأنه أقدر على الخدمة.
جاء هذا في دراسة أجراها فريق من العلماء في جامعة لودفيغ ماكسميليان الألماني في ميونيخ ونقلته عنه «بي بي سي» الثلاثاء.
ويقول هؤلاء العلماء إن النمل المستعبِد، الذي يتمتع بذكاء عال ويمكن اعتباره بمثابة «تاجر الرقيق»، يقرر فورا أن التحصينات القوية تعني وجود نمل قوي داخلها، فتصبح مواقعه هدفا لهجماته.
ويقوم النمل الصائد هذا بعدد محدود من الهجمات لتقليل خسائره وتكفيه عودته ببعض الخادر (الحشرات عموما في طورها الانتقالي بين اليرقة والحشرة الكاملة) ليصبح رقيقا.
ويقول العلماء إن من المعروف لديهم أن النمل الصائد يظهر سلوكا غير مألوف في مستعمراته.
فالملكة تلد صغارها التي لا تقوم، على غير العادة، بأي عمل يتعلق بجلب الغذاء أو رعاية الفاقس جديدا. وبدلا عن هذا فهو ينتخب فرقا منه مهمتها استكشاف المستعمرات القريبة التي تصلح كأهداف لمهاجمتها.
وما أن يحدد الكشافة مستعمرة بعينها، بسبب قوة تحصينها، حتى يغير عليها النمل الصائد ويختطف ما أمكنه من خادراتها ثم يعود بها إلى مستعمرته.
وتتعود هذه الخادرات على رائحة المستعمرة الجديدة فتعتبرها مستعمرتها الأم، لكنها تنشأ نملا مستعبَدا يؤدي سائر مهام الخدم من جلب الغذاء ورعاية الفاقس، وتوكل اليه أيضا مهمة المشاركة بالصفوف الأمامية باعتباره «وحدة المشاة» في الغارات على مستعمرات أخرى.
ويسمي العلماء استغلال فصيلة للأيدي العاملة من فصائل أخرى «الطفيلية الاجتماعية»، وهو تعبير آخر للعبودية.
وقال باحثو جامعة لودفيغ ماكسميليان في دراستهم التي نشروها في دورية Animal Behaviour «سلوك الحيوان» إن النمل المستعبِد - بفضل ذكائه - يستهدف مستعمرات النمل القوي لكنه يتحاشى أيضا أقواه حتى يقلل مخاطر مهاجمته. فهو لا يريد نملا ضعيفا لاستعباده. لكنه لا يغامر بمهاجمة مستعمرات عالية التحصين لأن هذا يعني أنها تأوي نملا شديد البأس ويمكن أن يصيبه بخسائر كبيرة.
ويقول الدكتور سيباستيان بول، الذي قاد فريق البحث، إنهم لاحظوا أنه في مستعمرات النمل المستعبِد الصغيرة المؤلفة، مثلا، من ملكة واحدة واثنين إلى خمسة من العاملين وبين ثلاثين وستين من «العبيد»، يصبح دور النمل «الكشّاف» مهما للغاية. فهذا الأخير هو الذي يُعوّل عليه لاتخاذ القرارات الصحيحة بنوع المستعمرات الأخرى الواجب مهاجمتها وتلك التي يتعين تفاديها لتقليل الخسائر الى أقصى حد ممكن في أي هجوم.
ويقول الدكتور بول: «خسارة عامل واحد في مستعمرة كهذه يعني عمليا خسارة نصف المستعمرة. ولهذا فإن الخيار الأفضل لها هو تقليل عدد الطلعات الاستكشافية وبالتالي تقليل عدد الغارات لأنه يقلل من خطر المغامرة بالخسائر في الأرواح. وعموما فإن الأمر يتعلق بالتوفيق في معادلة المخاطر القليلة وفي الوقت نفسه الحاجة لمزيد من العبيد من أجل ضمان غذاء الموسم التالي».