بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف الانبياء و المرسلين و اله وصحبه الغر الميامين
مَا هُو الأِعصار ؟
تختلف تسمية الأعاصير في اليابان و الصين و الفلبين عن تسميتها في أمريكا و بقية العالم فهناك تسمى بالعواصف و هنا تسمى بالاعاصير اما في القرآن الكريم فقد ذكر الاسمين ( إعصار ، ريح عاصف ) ، على كلا فأن اختلاف التسمية بين البلدان يشير الى نفس الظاهرة المقصودة اما اختلاف الاسم في القرآن الكريم فهو ما سوف نشرحه بأذن الله تعالى .
يعرف الاعصار على انه محرك عملاق يحول الطاقة الحرارية الى طاقة رياح عظيمة و الاعصار نظام يعتمد على مجموعة من القوانين و المستويات المعلومة في الضغط و الحرارة و السرعة لينشاً منها ، فمتى ما اجتمعت القيم الصحيحة من هذه المتغيرات الكبيرة نشأ الاعصار او تَخلقَ بمعنى اصح .
مصدر طاقة الاعصار هو حرارة المياه فعندما تكون المياه دافئة يتكثف بخار الماء خصوصا في المحيطات الدافئة الاستوائية و شبه الاستوائية .
يتألف الاعصار من ثلاثة اجزاء ، جزء العين و هو مركز الاعصار و يكون دافيء خالي من الامطار لفترة وجيزة بسبب حركة الاعصار المستمرة اما الجزء الاخر و هو جدار العين و هو الجزء المتحرك ذو سرعة خيالية من الرياح التي تدمر كل شيء في طريقها و الجزء الثالث و هو ما وراء جدار العين عبارة عن عواصف من المطر الحلزونية كما في الشكل .
يقول تعالى عن الاعصار
- فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ (٢٦ البقرة)
- هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22 يونس )
كيف اتاهم الموج او الماء من كل مكان ؟!
لقد سمى القرآن الكريم هذه الريح الشديدة بوصفين الأول إعصار و الثاني ريح عاصف و كلاهما يدل على ريح شديدة لكن الاعصار اقوى و اعنف كما ان الاعصار يتميز بحركة دورانية بينما العاصفة ذو حركة افقية لذلك اختلفت تسميتهما لاختلافهما
تأخذ الريح العاصف العنيفة معها ماء البحر الى ارتفاع كبير مكونة الأمواج العاتية و العواصف المدمرة التي من الممكن ان تتحول الى إعصار لتحيط بصورة حلزونية بمساحة معينة تسمى العين قد تتراوح بين 3 الى 60 كيلومتر توصف بأنها حارة و هادئة لفترة وجيزة جداً ، لها سرعة كبيرة جداً قد تبلغ 300 ميل بالساعة !
يشير معنى العصف في قاموسنا العربي الى ريح شديدة مدمرة و عادة ما تكون مصحوبة بالامطار الغزيرة او ثلوج او رمال ، اما كلمة إعصار فهي وصف لحركة رياح دورانية حلزونية كأنها تقوم بعصر الارض من جميع الاتجاهات فتدمرها تدميراً .
هذا بالضبط ما حصل في الاية الكريمة بعد هبوب الريح المعتدلة على السفينة و اصحابها حيث جائتهم ريح عاصفة أدت الى ارتفاع الماء في كل الاتجاهات و لم يكن هناك أي فرصة للنجاة فريح العاصفة شديدة و مدمرة و مع ذلك فالدعاء يفعل حيث انجاهم الله منها و كل من يدعي الله وحده و لا يشرك به شيئاً فمن خلق الرياح قادر على ان يوقفها .
الظواهر و الكوراث في الأرض هي عبارة عن أنظمة مبنية بدقة على قوانين و كميات محددة من المتغيرات مثل السرعة و الضغط و الحرارة ، و ليست حالة من الفوضوية او العشوائية و كذلك جميع ما في الأرض من مخلوقات .
الكوراث الطبيعية تعتبر في القرآن الكريم مؤشر غضب الهي و عذاب منه على قرية من القرى او شعب من الشعوب بسبب نكرانهم لله تعالى و كفرهم به او اشراكهم معه الهة أخرى !
لك ان تتخيل ان الطاقة المتحررة من الاعصار لمدة 7 أيام متتالية تساوي ما يقارب 50 الف انفجار نووي و هذا يعادل الطاقة المستهلكة في التجارب النووية في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و روسيا التي استمرت لمدة 50 سنة !.
من الأمثلة على أعاصير فتكت بالبشرية و خلفت خسائر مادية كبيرة هو إعصار باتريشا الذي حدث سنة 2015 و يعتبر اقوى و اعنف إعصار في تاريخ أمريكا الوسطى و المكسيك و العالم، يصنف من الدرجة الخامسة بريح سرعتها 325 ميل في الساعة ! ، كلف إعصار باتريسيا خسائر مالية قدرت بـ 283 مليون دولار و شردت الالاف بلا مأوى.
يقول تعالى
- وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
هناك عدة أنواع من الرياح فمنها ما يتحرك بشكل افقي و منها ما يتحرك بشكل دوراني ، لقد سلط الله قوة الرياح شديدة البرد ، شديدة الصوت " رياح ذو حركة افقية و ليست دورانية " على قوم عاد في مدينة ارم الواقعة في صحراء الربع الخالي التي اكتشفت في تسعينات القرن العشرين ، لقد غزت الرياح المدينة لمدة 7 ليالي و ثمانية ايام و قد وصفها بالعاتية لانها ريح ظالمة كجيوش الاعداء لا تبقي و لا تذر لتدمر بأمر ربها قوما ظلموا انفسهم و عتوا عتواً كبيراً.
-----------------------------------------------------------
المصدر : Steven Businger, "Hurricanes
Part I Structure
" and Climatology