عليّ في تأبين الزهَراء

إن كانت العادة والإنسانية قد قضت برثاء الميت، فإن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تستحق الرثاء بعد وفاتها كما تستحق الثناء في حياتها وبعد مماتها، والرثاء تعبير عن الشعور، وإظهار التوجُّع والتأسُّف على الفقيد، وبيان تأثير مصيبة فقده على الراثي، وانطلاقاً من هذا المفهوم فإنه يجدر بالإمام عليّ (عليه السلام) أن يرثي السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ويبث آلامه النفسية من تلك الفاجعة المؤلمة، فالإمام يشعر بألم المصائب أكثر من غيره، لأنه يقدّر فقيدته حق قدرها، وتأثير الصدمة في نفسه أقوى وأكثر، فلا عجب إذا هاجت أحزانه فقال مخاطباً لسيدة النساء فاطمة العزيزة بعد وفاتها قائلاً:

نــفـــــسي علــــــى زفــراتها محبوسة يا لـــيتــــــها خــــــرجــت مع الزفرات

لا خير بعــــــدكِ فـــي الحــــياة وإنــما أبــــكي مخـــــــافة أن تطـــــول حياتي

وقوله:

أرى عـــلـــــل الــــــدنيا عــــلـيَّ كثيرة وصاحـــــبها حــــــتى الــممات عــليل

ذكــــــرت أبـــــا ودِّي فــــــبتُّ كـــأنني بردِّ الهـــــــموم الــــــماضـــيات وكيل

لكــــل اجـــــتـماع مـــــن خـليلين فرقة وكـــلُّ الــــذي دون الفـــــراق قـــــليل

وإن افتـــــقادي فـــــاطماً بـــعد أحــمد دلـــــــيـــــل علـــى أن لا يــــدوم خليل

وقوله:

فـــــراقـــــكِ أعــظـــم الأشـــياء عندي وفـــــقـــدك فــــــاطم أدهـــــى الثـكول

ســـــــأبــــــكي حــــسرة وأنوح شجواً علـــــى خِــــلّ مضـــــى أسنـــى سبيل

ألا يـــــا عين جــــــودي وأسعـــــديني فـــــحـــــزنـــــــي دائــــم أبكـــي خليل

وقوله:

حبـــيب ليــــــــس يــعــــــدله حبـــــيبُ وما لـــســــــواه فـــــــي قـلبي نصيب

حبــيب غـــاب عن عـــــــيني وجسمي وعـــن قـــــــلبي حبـــــــيبي لا يــغيب

وقوله مخـاطباً للسيدة فاطمة بعد وفاتها:

مـــالـــــي وقــفــت على القبور مسلِّماً قـــبر الحـــــــبـــيب فلـــــم يردّ جوابي

أحبيـــــب ما لـــك لا تــــــــردّ جـــوابيا أنـــسيت بــعـــــــدي خلَّة الأحـــــــباب