TODAY- November 09, 2010
سيرك مونتي كارلو سينتقل إلى أربيل بعد أن ضاقت به البصرة
يقول مدير فرقة سيرك مونتي كارلو العالمية أن حكومة البصرة منعت فرقته من تقديم عروضها في المحافظة لأسباب وصفها بغير واقعية. وقال غسان طه إن"محافظة البصرة قامت بتوجيه الجهات الامنية ودائرة البلدية لمنع الفرقة من تقديم عروض السيرك للمواطنين بعد عشرة ايام من عملنا في المدينة”، مستدركا"لا توجد مبررات واقعية لهذه الاجراءات من قبل المحافظة دون سابق انذار”.
واعتبر أن"القيام بهذه الاعمال تدل على أن الحكومة المحلية في البصرة لا ترغب في اقامة مثل هذه النشاطات الترفيهية لمواطنيها”، مبينا أن"هناك مشكلة مع الوقف الشيعي كون الارض التي اقيم عليها السيرك تعود ملكيتها له لكن هذه المشكلة يجري حلها في المحاكم المختصة ولم يصدر أي قرار بشأنها”.
وأضاف أن"عروض الفرقة كان يجب أن تستمر لفترة اربعين يوما لكنها توقفت لهذه الاسباب”، موضحا أن"من ضمن الانشطة التي سعينا لاقامتها في البصرة اقامة عروض للدلافين ونشاطات ترفيهية اخرى، لكن سنقوم باقامتها في مناطق اخرى لعدم تعاون الحكومة المحلية”.
من جانبه، قال سالم تقي المتحدث الرسمي باسم محافظ البصرة شلتاغ عبود المياح إن"اغلاق السيرك يأتي لكون الارض التي يقدم عليها عروضه تابعة للوقف الشيعي الذي اعترض على اقامة هذا المشروع في هذه الارض وتم تقديم شكوى من قبله في القضاء”.
وأوضح تقي أن"الحكومة المحلية في البصرة تعمل على تجاوز هذه المعضلة من خلال ايجاد ارض بديل لتقدم الفرقة عروضها في المدينة”.
وبين أن"قيام فرقة مونتي كارلو العالمية بتقديم عروض السيرك في البصرة يدل على أن الاوضاع في المحافظة طبيعية ويسودها الامان”.
وباشرت فرقة مونتي كارلو العالمية تقديم عروض للسيرك في البصرة كان يفترض أن تستمر على مدى أربعين يوما، بحسب ما ذكره المشرف على العرض ميثم الأحمد رئيس مركز رجال الأعمال في البصرة.
وكان الأحمد: قال إن عروض الفرقة تشمل استعراضا للحيوانات والمشي على الحبال مع تقديم ألعاب الجمناستك وفصولا كوميدية فضلا عن الألعاب البهلوانية.
ولم يتوقع الاهالي أنهم سيشاهدون عروض السيرك، وقال احد المواطنين:"إن أطفالي يحزنون عند رؤية السيرك فقط على شاشات التلفزيون، ويبدأون بمطالبتي بأخذهم لرؤية الحيوانات على الطبيعة"، لكن الأمر تحقق فعلا بعد افتتاح سيرك مونتي كارلو عروضه في البصرة جنوب العراق، بعد انقطاع العروض عن هذه المدينة لفترة تجاوزت الـ40 عاما.
المشهد كان بالقرب من ساحة الطيران وسط المدينة؛ فهناك خيمة زرقاء كبيرة وعدد كبير من أهالي المدينة وصل إلى أكثر من 1500 شخص حضروا بغرض متابعة ألعاب السيرك، مع وجود سيارات للجيش والشرطة بالقرب من مكان الافتتاح حتى إن أغلب القادة الأمنيين حضروا هم وعوائلهم الحفل.
البداية كانت برقصات للبهلوانيين على أنغام الموسيقى الشرقية بمناظر غابت عن البصرة منذ سبعينات القرن الماضي، حيث كان هناك آخر حفلات السيرك في المدينة.
ويقول احد المسؤولين عن سيرك مونتي كارلو، سهيل عبيد، إن إدارة السيرك اختارت البصرة بعد مدينة أربيل، وفضلتها على بغداد لوجود محاذير أمنية، مبينا أن أغلب فرقته هم من جنسيات مختلفة، منها الألمانية والأوكرانية والروسية والكينية، وأن الألعاب التي قدمت هي عروض بهلوانية وألعاب مع حيوانات أليفة، وحتى الأفاعي كانت جزءا من العرض، وزاد:"بادئ الأمر كان أعضاء الفرقة خائفين، لكن بعد الوصول إلى المدينة وتجوالهم في أسواقها ذهب الخوف أدراج الرياح، والعروض ستستمر لفترة 40 يوما".
الحاضرون، بحسب آرائهم استمتعوا بمشاهدة عروض السيرك، حيث تقول الطالبة رغد هاشم (16 سنة): إن العروض كانت ممتعة، وخصوصا أننا نشاهدها في البصرة للمرة الأولى، وتابعت: أتمنى أن تستمر العروض لفترة طويلة حتى تتمكن كل زميلاتي في المدرسة من مشاهدتها، كما أتمنى أن أحضر إلى أرض السيرك مرة أخرى.
أما أخوها، الطالب مهند هاشم (14 سنة)، فقال: حضرت عرض سيرك في سوريا قبل أشهر، لكنني للمرة الأولى أحضر في البصرة، لذا أعتقد بأن الفكرة جيدة، مشيرا إلى أن المتعة رافقتنا حتى نهاية العرض، لذا سأطلب من والدي الحضور مرات ومرات.
من جانبها بينت سناء أحمد (26 سنة)، موظفة، أن السيرك كان ممتعا، وقد كسر الطوق أو الحاجز الذي كان يفصلنا عن التطور، وتابعت:إن الاستقرار الأمني النسبي الذي تشهده البصرة حاليا، وخصوصا بعد القضاء على أغلب الجماعات المسلحة في المدينة، جعلنا نستطيع الحضور إلى هذه الفعاليات، والدليل أن التي كانت تقدم فعالية الأفاعي كانت بملابس غير محتشمة من الأسفل؛ فلو كانت الميلشيات موجودة لاعتدوا عليها، وأغلقوا السيرك.
السيرك حاصل على جوائز كثيرة من مهرجان مونتي كارلو لفرق السيرك العالمية، لمشاركته في الكثير من العروض في عدد من دول العالم، وهو لا يمثل مدينة مونتي كارلو، لكنه يحمل اسمها فقط.
ويقول عضو السيرك ومقدم عروض الخفة النمساوي، يرداروس بورس إن أعضاء الفرقة قد شاهدوا مدى استمتاع أهالي البصرة بالعروض، كما استمتعنا نحن أعضاء السيرك بإسعاد الجمهور، وعن الأوضاع الأمنية في البصرة قال:إن الوضع ممتاز، ولا توجد خطورة كما كان يشاع في الأخبار.
فكرة السيرك جاءت إلى البصرة بعد دعوة قدمها عدد من رجال الأعمال البصريين إلى أعضاء فرقة سيرك مونتي كارلو، ونجحت حتى الآن في جذب المئات من المشاهدين، سواء من الكبار أو من أو الصغار، ومن الرجال والنساء على حد سواء.
لكن وبعد عشرة أيام من تقديم العروض، أعلنت إدارة سيرك مونتي كارلو عن وقف عروضهم التي يقدمونها لأبناء مدينة البصرة بعد قرار الحكومة المحلية بنقل الفعاليات إلى مكان آخر، استنادا إلى شكوى من ديوان الوقف الشيعي، بحجة أن الأخير يمتلك الأرض التي تقام عليها فعاليات السيرك، ولا يمكن استخدامها بطريقة مخالفة للشريعة الإسلامية، بحسب وجهة نظرهم.
وقال غسان طه محمد, أحد منظمي العرض في البصرة، إن الحكومة المحلية في المحافظة أصدرت قرارا بإخلاء الموقع الذي تقام عليه العروض في منطقة مناوي باشا وسط البصرة، وأن القرار استند إلى شكوى قدمها ديوان الوقف الشيعي، لكن إدارة السيرك لم تتلق أمرا قضائيا لإخلاء المكان، مضيفا أن «من واجب الحكومة المحلية في البصرة توجيه كتاب شكر للأجانب الذين على الرغم من كل ما سمعوه عن العراق وسوء الوضع الأمني، لكنهم ضحوا وغامروا بغرض إسعاد أهالي البصرة، وليس معاملتهم بالطرد من المدينة.
وعن المكان البديل الذي قد يحل فيه السيرك، أشار محمد إلى أن الحكومة المحلية لم تتكفل بإيجاد المكان البديل لنا وحتى أهالي المدينة الذين يمتلكون مساحات من الأراضي الفارغة التي من الممكن أن نستخدمها لإقامة العروض قرروا طلب إيجار منا بما يعادل عشرة أضعاف سعر الإيجار الحقيقي عند سماعهم خبر طردنا، وتابع أن الفرقة إذا لم تجد البديل فإنها سوف تعود لإقليم كردستان.
يشار إلى أن تلك الأرض يتم استغلالها بشكل مستمر من قبل الحكومة المحلية في البصرة، وكان آخرها إقامة ساحة تستخدم كمعرض لبيع السيارات للمواطنين بطريقة (البيع المباشر وبالتقسيط).
وكشف مصدر مقرب من ديوان محافظة البصرة، رفض الكشف عن هويته، في حديث لصحيفة الشرق الأوسط أن هناك ضغوطا مورست على المحافظة وديوان الوقف الشيعي تهدف لوقف عروض السرك في البصرة، وتابع المصدر أن شخصيات دينية وأحزابا إسلامية كانت تقوم بتلك الضغوط، ومنها من أصدر بيانات تندد بإقامة فعاليات السيرك على أرض تابعة للوقف الشيعي.
أما أهالي المدينة فإنهم أصيبوا بخيبة أمل بعد سماعهم الأنباء التي أشارت إلى توقف عروض السيرك، وقال أحمد إبراهيم، 23 سنة, طالب جامعي, إن الأمر غريب، من جهة يقولون إن البصرة لا يوجد بها تقييد للحريات الشخصية، ومن جهة يمنعون الفعاليات الترفيهية.