مصدر الصورة: haptic.ro
من يتحكم في التحكم المعرفي؟ – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
?Who’s in cognitive control
(بقلم: براندي جيفرسون – Brandie Jefferson)
النتائج الأولى لمشروع البحث الذي يهدف إلى معرفة التحكم المعرفي بشكل أفضل تفيد بأن الاختلافات بين الأصحاء هي مسألة اختلاف في مستوى النشاط الدماغي.

يتباين التحكم المعرفي اختلافًا كبيرًا فيما بين الأصحاء، ولكنه أيضًا مكون من مكونات العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية. يهدف مشروع بحثي جديد من مختبر تود براڤر (Todd Braver) إلى فهم الأساس الدماغي لهذه الملكة / القوة الذهنية بشكل أفضل وكيف يختلف بين الأفراد وفيما بين المجموعات.
هل تقدرين أن تبدئي العمل على مهمة ما وتلتزمي بذلك حتى انجازها بالكامل، متجاهلة اغراءات الإنترنت أو ادراكك المفاجئ أنه ربما يتوجب عليك أن تقومي بغسيل الملابس؟ أو ربما يجب أن تفعلي شيئًا آخر في هذه اللحظة؟.
الملكة الذهنية (القوة الذهنية) التي تتيح للناس وضع الخطط أو الأهداف وتنفيذها دون أن يفقدوا التركيز عليها، تسمى هذه الملكة بالتحكم المعرفي (cognitive control) ( انظر 1-8). يختلف الأصحاء اختلافًا كبيرًا في قدراتهم على ممارسة التحكم المعرفي ، وقد ربطت العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية بمشاكل في التحكم المعرفي هذا.
ولكن هناك الكثير مما لا يعرفه الباحثون عن هذه الملكة بعد: كيف ولماذا يختلف التحكم المعرفي من شخص لآخر؟ ما هي مناطق الدماغ الداخلة في ذلك التحكم؟ وكيف يتعلق نشاط الدماغ بالسلوك؟
تود براڤر (Todd Braver)، برفسور العلوم النفسية والدماغ في كلية الآداب والعلوم في جامعة واشنطون، بالإضافة إلي عمله في قسم الأشعة وعلم الأعصاب في كلية الطب بجامعة واشنطن في مدينة سانت لويس، للإجابة على هذه الأسئلة. يعتقد تود وفريقه البحثي أنهم طوروا طريقة بحث أكثر رصانة، وقد نشروا مؤخرًا دراسة تُعد الدراسة الأولى ضمن العديد من الدراسات الواعدة التي تبحث في الأساس الدماغي للتحكم المعرفي لدى الأشخاص وعبر المجموعات.
نشرت النتائج الأولية التي توصلوا إليها على الإنترنت في 19 أغسطس 2021 لعدد سبتمبر 2021 من مجلة علم الأعصاب المعرفي (Journal of Cognitive Neuroscience) (انظر 9).
عندما يتعلق الأمر بالبحث في التحكم المعرفي ، فإن الدراسة المألوفة تتضمن النظر في كيف يتصدَّى / يتولى أشخاص مهمة أو مهمتين في المختبر. ثم بعد ذلك تُعمم النتائج لتطبق على المسألة الكبرى التي في موضع اهتمام الباحثين.
“نعلم جميعًا أن هذه ليست المقاربة الأكثر صلاحية” كما قال براڤر. وذلك لأن التحكم المعرفي الضروري لأداء مهمة واحدة في ظل ظرف واحد قد لا يكون مؤشرًا على أنواع مختلفة من المهام في ظل ظروف مختلفة. “ولكن نظرًا لبساطتها، فهذه هي الطريقة التي يتولى بها هذا الحقل العلمي هذه الأنواع من المسائل البحثية بشكل اصطلاحي”.
ضمن محاولته الحصول على المزيد من النتائج القابلة للتعميم، ابتكر براڤر (Braver) إطارًا بحثيًا لا يستخدم فقط مجموعة كاملة من الاختبارات المعرفية (cognitive tests) (انظر 10)، بل يدرسها أيضًا تحت مجموعة ظروف مختلفة.
“ندرس مجموعة من المهام، وبعد ذلك نحاول أيضًا أن نرى كيف يقوم كل شخص بأداء المهمة عندما يُشجع على استخدام أساليب تحكم مختلفة”، كما يقول. كل فرد من هؤلاء قام بأداء أربع مهام تحت ظل ثلاث ظروف مختلفة أثناء مراقبته باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي يقيس التغيرات في تدفق الدم في الدماغ كله لتحديد المناطق الأكثر تأثراً بالاختبارات المعرفية.

وجد براڤر أن الاختلافات في التحكم المعرفي تبدو وكأنها اختلافات في درجة نشاط الدماغ – وُجدت أنماط مشتركة في كل من أدمغة وسلوك معظم الأشخاص الثمانين المشتركين في التجربة.
وجد براڤر أن الاختلافات في التحكم المعرفي تبدو وكأنها اختلافات في درجة / مستوى النشاط في الدماغ [لا نوعه] – أنماط مشتركة وجدت في كل من أدمغة وسلوك معظم الأفراد الثمانين المشتركين في التجربة.
“لقد وجدنا اتساقًا في المهام الأربع في مناطق الدماغ هذه، لكن الناس اختلفوا في درجات نشاط أدمغتهم”، كما قال برافڤر. الأهم من ذلك، وكما هو متوقع، التغيرات في مستويات أداء المهام تجلت في نشاط الدماغ: تنوع المشاركون في الأسلوب الذي وظفوا فيه التحكم المعرفي. هذه النتائج جميعها أفادت فريق البحث بأن النتائج قابلة للتعميم.
وقال: “هذا ما يهمنا، لأننا نعتقد أن التوظيف الفعال للتحكم المعرفي يجب أن يفضي بشكل عام إلى تحسين الأداء”.
الاختبارات الأربعة المستخدمة هي الاختبارات المستخدمة روتينيًا في علم النفس: مهمة ستروب (a Stroop task) (انظر 8)؛ مهمة اختبار الأداء المستمر (AX-CPT task) (وهو قياس فترة استمرار الانتباه العام والانتباه الانتقائي)؛ نموذج (Cued-TS paradigm) (وهو اختبار الانتباه هذا ينطوي على معرفة ما اذا كان الرقم المعروض زوجيًا أو فرديًا) ؛ ومهمة ستيرنبرغ (Sternberg task) (وهو اختبار للذاكرة العاملة القصيرة).
تم تنفيذ جميع المهام الأربع تحت ظل ثلاثة ظروف / أوضاع (conditions). كان وضع خط الأساس (baseline condition) أقرب إلى اختبار مفاجئ؛ حيث لم يعرف المشاركون متى تطلب الأمر تحكمًا معرفيًا. كانت هناك أوضاع استباقية ، حيث كان المشاركون يعرفون مسبقًا أن تحكمهم المعرفي سيكون ضروريًا لأداء المهمة، مما مكنهم من الاستعداد بناءً على ذلك.
قال براڤر: “يبدو الأمر كما لو كنت ترى لافتة ‘قف’ في أحد التقاطعات”. فأنت لا تعرف قبل أن تراها أنه يجب عليك الوقوف، ولكن بمجرد أن رأيت اللون الأحمر أو الشكل الثماني للافتة، بدأت في التباطؤ.
أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أن أدمغة المشاركين كانت في حالات الدماغ (brain states) متميزة في كل وضع من الأوضاع الثلاثة، مما يشير إلى وجود اختلاف نوعي عندما يتعلق الأمر باستخدام التحكم المعرفي في مواضع مختلفة.
أولئك الذين تعاملوا بشكل أفضل مع مهامهم، في أي من الأوضاع، أظهروا أيضًا بصمة هي الأكثر اتساقًا في نشاط الدماغ. ولكن بغض النظر عن أداء المشاركين، حالات الدماغ (brain states) تجمعت حول أنماط متشابهة من النشاط.
هذا البحث هو بداية ما يأمل براڤر أن يكون معرفةً رصينةً، أولاً ، بطرق عمل الدماغ السليم. “لا أعتقد أنه من الحصافة أن نبدأ في دراسة مجموعات من الناس دراسة سريرية دون أن يكون لدينا فهم أولًا بكيف يقوم التحكم المعرفي بوظائفه في الأدمغة السليمة”. “نحن نعلم أن التحكم المعرفي يُبدي بعضًا من التباينات الكبيرة حتى بين الأصحاء، لذلك أردنا تطوير المستوى الأساس للمعرفة في البالغين الأصحاء قبل أن نتوسع في الدراسة”.
ومع ذلك، فإن لدى براڤر وفريقه البحثي طموحات واسعة لهذه الدراسة، حيث أتيحت بعض البيانات للعموم بالفعل على الانترنت، إذ يمكن للباحثين العاملين في المجالات ذات العلاقة البدء في الاستفادة منها. الدراسات المخططة الإضافية ستوسع التركيز على فهم الأساس الجيني للتحكم المعرفي في التوائم المتطابقة ؛ ما إذا كان باستطاعة التدريب على اليقظة الذهنية (11) أن يحسن وظيفة التحكم المعرفي؛ والعلاقة بين القلق والتحكم المعرفي.
“نعتقد أن دراستنا والبيانات التي لدينا توفران بالفعل موردًا قيمًا للمجتمع العلمي”. “ونأمل أن يتمكن كل من فريقنا والآخرين من البناء على هذا الأساس، من أجل أن نفهم بشكل كامل لماذا التحكم المعرفي مهم، ولكنه أيضًا متقلب (متغير) جدًا، فيما بين الناس”.
لمعرفة المزيد عن المشروع ، أو للحصول على البيانات المتاحة، قم بزيارة الموقع التالي: (sites.wustl.edu/dualmechanisms/).
مصادر من داخل وخارج النص:
1- “التحكم المعرفي (cognitive control): الوظائف التنفيذية (يُشار لهذه الوظائف مجتمعة باسم الوظيفة التنفيذية والتحكم المعرفي)، هي مجموعة من العمليات المعرفية الضرورية للتحكم المعرفي بالسلوك عن طريق اختيار ورصد السلوكيات التي تيسر تحقيق الأهداف المطلوبة. تتضمن الوظائف التنفيذية مجموعةً من العمليات المعرفية الأساسية مثل التحكم الانتباهي والتثبيط المعرفي (2) والتحكم التثبيطي (3) والذاكرة العاملة (4) والمرونة المعرفية (5). تتطلب الوظائف التنفيذية العليا استخدام عدة وظائف تنفيذية أساسية في آنٍ واحد وتتضمن التخطيط (6) والذكاء السائل (7) (مثل الاستدلال وحل المشكلات). تتطور الوظائف التنفيذية وتتغير تدريجيًا خلال فترة حياة الفرد ويُمكن للشخص تحسينها في أي وقت يشاء أثناء حياته. وعلى نحو مماثل، يُمكن أن تتأثر العمليات المعرفية هذه بشكل عكسي بواسطة مجموعة متباينة من الأحداث التي قد تُصيب الفرد في فترات حياته. تُستخدم الاختبارات النفسية العصبية (مثل اختبار ستروب، 8) ومقاييس التصنيف (مثل مقياس قائمة التقدير السلوكي للوظائف التنفيذية) في قياس الوظائف التنفيذية. تُجرى هذه الاختبارات كجزءٍ من تقييم أكثر شمولية لتشخيص الاضطرابات العصبية والنفسية”. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/وظائف_تنفيذية
2- “التثبيط المعرفي يشير إلى قدرة العقل على تجاهل المحفزات غير ذات الصلة بالمهمة / العملية المطروحة أو الحالة الحاليِّة للعقل. يمكن أن يُجرى التثبيط المعرفي إما كليًا أو جزئيًا، عن قصد أو غير ذلك. يمكن ملاحظة التثبيط المعرفي على وجه الخصوص في حالات كثيرة في مجالات محددة من العلوم المعرفية” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تثبيط_معرفي
3- “التحكم التثبيطي ويسمى كذلك تثبيط الاستجابة، هو عملية إدراكية وبشكل أدق وظيفة تنفيذية تسمح للفرد بتثبيط ومنع نزواته وتثبيط الاستجابات السائدة أو الطبيعة والاعتيادية للمنبهات (الاستجابة الأكثر قوة) في سبيل اختيار السلوك الأنسب الذي يتسق مع تحقيقه لأهدافه. ضبط النفس هو جانب مهم من التحكم التثبيطي. على سبيل المثال: التثبيط الناجح للاستجابة السلوكية الطبيعية المتمثلة في تناول كعكة حين يشتهيها الفرد بشدة أثناء اتباعه حمية غذائية يتطلب استعمال التحكم التثبيطي..” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تحكم_تثبيطي
4- “الذاكرة العاملة هي نظام معرفي محدود الاستخدام والقدرة ومسؤول عن تخزين المعلومات المتاحة للمعالجة بشكل مؤقت، غالباً ما يستخدم مصطلح الذاكرة العاملة بشكل مشابه أو مُرادف للذاكرة قصيرة الأمد، ولكن العديد من المُنظِّرين يؤكِّدون على وجود اختلاف كبير بين الاثنين، فالذاكرة العاملة تسمح بمعالجة وتغيير المعلومات المُخزنة في حين تشير الذاكرة قصيرة الأمد إلى تخزين المعلومات بشكل مؤقَّت فقط، تعتبر الذاكرة العاملة مفهوم نظري يستخدم في علم الأعصاب وعلم النفس المعرفي” ،مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة_عاملة
5- “المرونة الادراكية أو المرونة المعرفية تشير إلى القدرة الذهنية على التحول بين مفهومين مختلفين، والتفكير في مفاهيم متعددة في آن واحد، أي الانتقال من مهمة إلى أخرى أو من سلوك إلى آخر وفقًا للمقاضيات. فعادة ما توصف المرونة الإدراكية بأنها واحدة من الوظائف التنفيذية. ويعد تبديل المهام والتحويل المعرفي فئتين فرعيتين من المرونة المعرفية، وهذا يتوقف على ما إذا كان التغيير يحدث على التوالي دون وعي أو بوعي. وتختلف المرونة الإدراكية باختلاف عمر الشخص. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط بعض الحالات مثل اضطراب الوسواس القهري بانخفاض المرونة الإدراكية. وبما أنها عنصر حيوي في التعلم، فإن العجز فيها قد يؤدي لآثار أخرى” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/مرونة_إدراكية
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تخطيط
7- “الذكاء السائل أو المنطق السائل هو القدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات في الظروف التصورية بمعزل عن المعرفة المكتسبة. فهو القدرة على تحليل المشكلات وتحديد أنماطها والعلاقات التي تستند إليها واستقرائها باستخدام المنطق. وهو ضروري لحل جميع المشكلات المنطقية في حقول العلوم والرياضيات، وحل المشكلات التقنية. والمنطق السائل يتضمن الاستقراء والاستنباط” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/الذكاء_السائل_والمتبلور
8- “تأثير/ اختبار ستروب تسمية الألوان بالكلمات يجعل نطقها أسهل إن طابق لون الكلمة اسم اللون المطلوب، وقد اكتشف هذه الظاهرة جون ريدلي ستروب في عام 1935 ونشر عن هذا التأثير من قبل في ألمانيا في عام 1929. وتعتبر الورقة البحثية الأصلية لهذا التأثير من أكثر الأوراق البحثية استشهادًا في تاريخ علم النفس التجريبي. كما يستخدم للكشف عن مستوى المرونة الإدراكية” ، مقتبس من تص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تأثير_ستروب
9- https://direct.mit.edu/jocn/article/...ontrol-Project
10- ” الفحوصات أو الاختبارات المعرفية هي تقييماتٌ للقدرات المعرفية للبشر والحيوانات. تتضمن الاختبارات التي تُجرى على البشر أشكالًا مختلفةً من اختبارات الذكاء؛ وتشمل اختبار المرآة (اختبار الوعي البصري الذاتي) واختبار المتاهة T (الذي يختبر القدرة على التعلم). تعد هذه الدراسة مهمةً للأبحاث العلميةالمُتعلقة بفلسفة العقل وعلم النفس، وكذلك تحديد الذكاء البشري والحيواني. نشأت الاختبارات المعرفية الحديثة من خلال عمل جايمس ماكين كاتل الذي صاغ مصطلح “الاختبارات العقلية”. وقد تابعوا تطوير فرانسيس غالتون في الاختبارات الفيزيائية والفيزيولوجية. قام غالتون مثلًا بقياس قوة القبضة والطول والوزن، كما أسس “مختبر الأنثروبومترية” في ثمانينيات القرن التاسع عشر، حيث دفع المستفيدون مقابل قياس السمات الفيزيائية والفسيولوجية. كان لقياسات غالتون تأثيرٌ هائلٌ على علم النفس. واصل كاتيل نهج القياس بقياسات بسيطةٍ للإدراك. تم التخلي عن اختبارات كاتيل في نهاية المطاف لصالح نهج اختبار البطارية الذي طوره ألفريد بينيه” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/اختبار_معرفي
11- https://ar.wikipedia.org/wiki/يقظة_كاملة
المصدر الرئيس:
https://source.wustl.edu/2021/09/who...itive-control/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي