سمك الجرّي أو القرموط أو السلور ، يسمّى أبو الزّمير وأبو الحكم في بعض المناطق ، ويُسمَى الْمَارْمَاهِي بالفارسية ، ويُسمّى بالانجلزية catfish : هي أنواع شاذة من الأسماك التي يغطي جسمها طبقة جلدية بدلاً من القشور والحراشف ، تتميّز بفمها العريض ورأسها المسطّح وخياشيم طويلة كالقطط ، وتتميز بأشواك قوية متصلة بالزعنفتين الكتفيتين والزعنفة الظهرية ، حيث تتصل هذه الأشواك بغدد سامة عند قاعدتها وينطلق السم في جسم الفريسة التي قد تكون حيوان او إنسان ، وسرعان ما تنغرس الشوكة في جسم الفريسة , لونها أقرب للسواد وتوجد أنواع متعددة منتشرة في كافة انحاء العالم وبألوان مختلفة ولكن أكثرها مائل إلى السواد .
تعيش هذه الأسماك في الطبقة السفلية للماء (أي طبقات المياه العميقة) ، ويتواجد بكثرة في المياه التي تحتوي على مياه الصرف الصحي ؛ بسبب ندرة الصيد في هذه الأماكن مما يساعده على العيش والنمو بأعداد كبيرة ، بالإضافة إلى توافر فضلات الصرف الصحي التي يتغذى عليها . ويتغذى على كل العوالق مثل اللافقاريات والأسماك الميتة وبيض الأسماك والفضلات والقاذورات ؛ فالقناة الهضمية للسمكة بما في ذلك فتحة الشرج مرنة جداً وتسمح بإدراج كميات كبيرة من الطعام ، فهي تستطيع أن تتناول ما مقداره قبضة يد بأكمله دفعة واحدة لإتساع فمها . وقد تتسبب أسماك الجرّي نقصاً في الثروة السمكيّة ؛ لأنها تأكل صغار الأسماك وبيوضها وتنتج عن هذه العملية نقص حاد في المخزون السمكي موسم بعد آخر ، في حين أنّ تناول بيض سمك الجرّي يسمم الجسم .
ولقد أثبتت التجارب العلميّة والدراسات أنّ تناول سمك الجرّي أو القراميط أو السلور قد يزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ؛ لأنّه يحتوي على أحماض أوميجا 6 الدهنية التي يمكن أن تزيد من مستوى الالتهابات في الجسم ، وتبين أنّ هذه الالتهابات هي السبب وراء أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان والسكري . ويحتوي على نسبة كبيرة من السموم وتظل حتى بعد تنظيفه ، والتي يمكن أن يودي للتسمم الغذائي إذا كانت مناعة الشخص ضعيفة . وبالنسبة للأطفال يمكن أن يتسبب في حدوث الأمراض العقلية للأطفال كـ"التخلف العقلي" وتوقف نمو الإدراك لديهم ، بالإضافة إلى الإصابة بالقيء والصداع .
كما يجب تجنب سمك الجري للمصابين بحساسية الأسماك أو المحار ؛ حيثُ يتفاعل فيها الجهاز المناعي بشكل غير طبيعي ، ويعدّ هذا النوع من الحساسية أقل شيوعاً من حساسية الطعام ، ويؤثر في النساء أكثر من الرجال ، وكذلك البالغين أكثر من الأطفال ، وفي حال تناول أسماك الجري مع وجود مرض الحساسية يؤدي ذلك إلى تفاقم أعراض الحساسية وظهور بقع حمراء على سطح الجلد ، فيما يعرف بمرض الشرى ، بالإضافة إلى مشاكل في التنفس ، والتقيؤ والغثيان والأزيز والتشنجات والإسهال .
وينصح الخبراء بالابتعاد عن الأسماك الكبيرة لهذا النوع ؛ لأنها تحتوي على كميات أكبر من المواد الكيميائية الملوثة ؛ وذلك لأنّ هذه السمكة تعيش لمدّة طويلة قد تصل إلى 50 سنة ومعلوم أنّ هذا عمر طويل ، وطول عمر السمكة يجعلها تأكل الكثير من المواد السامة أو الضارة مثل لحم الضفادع والقوارض فضلاً عن فضلات الصرف الصحي . وينصحون أيضاً بالابتعاد عن القراميط ذات اللون الأسود ؛ لأنّها تربّت وعاشت في مياه المصارف والمياه القذرة مما يجعلها تحتوي على كميات عالية من الميكروبات والبكتيريا ومعادن ثقيلة كالرصاص أو الزئبق إذا كانت تعيش في مياه لها صرف صناعي خاص بالمصانع .
أسباب تحريم سمك الجرّي بجميع أصنافه :-
أنّ الله عزوجل حرّم لحم الخنزير لما لهذا الحيوان من عادات تغذية سيئة ، حيث أنّه يتغذى على أنواع عديدة من الحيوانات و النباتات الحيّة و الميتة وكذلك الجيف والعذرة , الأمر الذي يجعله مستودعاً للعديد من العوامل المرضية التي يمكن أن تصيب الإنسان عند تغذيته على لحم الخنزير ، فضلاً عن الآثار الروحية التي يؤثرها لحم الخنزير على الإنسان لأنّه من المسوخ . كذلك سمك الجري يشبه في عادات تغذيته للخنزير , حيث أنّه يتغذى على كل العوالق مثل اللافقاريات والأسماك الميتة وبيض الأسماك والفضلات والقاذورات وحتى قطع زجاج من مخلفات قناني المشروبات ، خصوصاً لو كان الجرّي يعيش في مياه الصرف الصحي ، فإنّه سيأكل مخلفات أطعمة البشر (عذرة الإنسان الطرية) ! بل وحتى أنّها تتغذى على أجنة البشر غير المكتملة النمو إذا كانت اسماك الجرّي تعيش بالقرب من المستشفيات مثل مدينة الطب المستشفى المعروف في العراق المطل على نهر دجلة ، الأمر الذي يتوقع منه أن يكون مستودعاً لعددٍ كبير من العوامل المرضية كما هو الحال في الخنزير . فالخنزير حرامٌ أكله لأنّ له آثار سيئة على الجسم والروح ، وكذلك الجرّي فإنّه بحسب الأخبار المتواترة في الأحاديث الشريفة قد بيّنت أنّ الجرّي من الممسوخات ويحرم أكله . كذلك عدم امتلاك أسماك الجرّي للقشور (الصدف أو الأفلاس) التي تعتبر الجهاز الدفاعي ضد العوامل المرضيّة ، فيجعل هذه الأسماك أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والتي يمكن انتقالها للإنسان عند تناوله لها . وأثبتت دراسات علمية حديثة إن دم (مصل) أسماك الجرّي يحتوي على مواد سُميّة تؤثر بشكل خطير على صحة الإنسان المجروح الذي يتداول أو يكون بتماس مع هذا النوع من الأسماك . وأظهرت الدراسات العلميّة أنّ تلوث قرنية عين الإنسان بدم أسماك الجري الحيّة أو النافقة حديثاً يسبب تلفها محدثاً العمى .
قد يقول قائل : سمك الجرّي حلال عند مذاهب السنة والجماعة لورود هذه الآية في القرآن الكريم : ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ وهذه الآية : ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ .
نجيبه :-
الآية الأولى في صدد بيان حلّية الصيد وطعامه ، حالها كحال الكسب وطلب الرزق الذي يخرج الإنسان من أجله ، فقد يكون الرزق حلالاً وقد يكون حراماً فكذلك صيد البحر وطعامه ، فإنّه مقيّد بضوابط النظافة وأحكام شرعيّة تجب فيها المراعاة أن يكون الرزق طيّباً لا سقم فيه ولا شبهة فيه . عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّد الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ وَعَلِمَ مَا تَقُومُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ وَمَا يُصْلِحُهُمْ فَأَحَلَّهُ لَهُمْ وَأَبَاحَهُ ، وَعَلِمَ مَا يَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَحَلَّهُ لِلْمُضْطَرِّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ بَدَنُهُ إِلَّا بِهِ ، فَأَحَلَّهُ لَهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ لَا غَيْرِ ذَلِكَ» . (البحار : ج62، ص163، عن علل الشرائع.)
والآية الثانية في صدد بيان آيات الله وقدرته في البحار والمحيطات وكيف أنّ اللحم الطري يخرج منها للإنسان على شكل سمك ، فبالتأكيد نحن نؤمن بمعاجز الله تعالى ولا ننكرها ولكن هذا لا يعني أن نأكل كُلّ ما هبّ ودبّ من الأسماك ؛ وذلك لأنّ هناك مخلوقات بحرية خلقها الله تعالى لأغراض كثيرة وليس فقط لغرض الأكل والطعام للإنسان ، كما أنّ الكريمة ذكرت (لَحْمًا طَرِيًّا) وهذا اللحم لا نجده في جميع المخلوقات البحرية ، فمثلاً قناديل البحر والتماسيح والأخطبوطات وثعابين البحر وغيرها من المخلوقات البحرية كلها لا يصدق عليها اللحم الطري بل تسبب أضرار كبيرة على جسم الإنسان وتؤثر أيضاً على روحه وطريقة تفكيره في حال تناولها الإنسان ، في المقابل نجد أسماك لحمها طري ولذيذ ومفيدة جداً للإنسان مثل سمك السردين والكارب أو الشبّوط والبني والقنومة والطحان والبرعان الأحمر والسمكة البيضاء والإبلامي وغيرها من ذوات الفلس والأصداف .
وبعض المذاهب السُنيّة قد أخذت بظاهر هذه الآيات وحكموا على طبقها بحلّية أكل جميع الأسماك ، في حين أنّهم قد جهلوا علم القرآن العام والخاص والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ! عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ ؟ أَجَابَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : الذِّكْرُ أَنَا وَالْأَئِمَّةُ أَهْلُ الذِّكْرِ» . وَعَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «يَعْنِي تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، فَرَسُولُ اللَّهِ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ، قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَالتَّأْوِيلِ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُنْزِلًا عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ ، وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ . فَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَا نَقُولُ إِذَا لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ : ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنا﴾ . وَالْقُرْآنُ لَهُ خَاصٌّ وَعَامٌّ وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ» .
قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ - [سُّورَةُ الْوَاقِعَةِ : 77 - 79.] والمس أعمُّ من لمس المتوضئ لكلمات القرآن بيده ؛ بل المسّ يشمل الإطلاع الكامل على حقيقة معانيه وأسراره وهو أمرٌ لا يتيسر إلّا للنبي محمد وعترته لأنّهم طاهرون مُطهرون من الرّجس تطهيراً . ومن الأدلة على ذلك هي آية التطهير التي هي الجزء الأخير من الآية (33) من سورة الأحزاب : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ، التي نزلت بحقِّ مُحّمدٍ وآل مُحَمَّد (صلّى الله عليهم وسلّم) حصراً . وقد بيّن الأئمة (عليهم السلام) حكم سمك الجري وقالوا :
1- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) : «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَشْرَبُ الْمُسْكِرَ ، وَلَا نَأْكُلُ الْجِرِّيَّ ، وَلَا نَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا فَلْيَقْتَدِ بِنَا وَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِنَا» . (الوسائل : ج24، ص132، ح30162.)
2- وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حَبَابَةَ الْوَالِبِيَّةِ قَالَتْ : «رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي شُرْطَةِ الْخَمِيسِ ، وَمَعَهُ دِرَّةٌ لَهَا سَبَابَتَانِ يَضْرِبُ بِهَا بَيَّاعِي الْجِرِّيِّ وَالْمَارْمَاهِي وَالزِّمَّارِ ، وَيَقُولُ لَهُمْ : يَا بَيَّاعِي مُسُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَجُنْدِ بَنِي مَرْوَانَ ! فَقَامَ إِلَيْهِ فُرَاتُ بْنُ أَحْنَفَ فَقَالَ : وَمَا جُنْدُ بَنِي مَرْوَانَ ؟ قَالَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : أَقْوَامٌ حَلَقُوا اللِّحَى وَفَتَلُوا الشَّوَارِبَ فَمُسِخُوا» . (الوسائل : ج24، ص131، ح30157.)
3- عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «إِنَّ اللَّهَ مَسَخَ طَائِفَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَحْراً فَهُوَ الْجِرِّيُّ وَالزِّمِّيرُ وَالْمَارْمَاهِي وَمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَرّاً فَالْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ وَالْوَبْرُ وَالْوَرَكُ (الضب) وَمَا سِوَى ذَلِكَ» . (الوسائل : ج24، ص131، ح30159.)
4- عَنْ الْإِمَامِ مُوسَى الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجِرِّيِّ يَحِلُّ أَكْلُهُ ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «إِنَّا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حَرَاماً» . (الوسائل : ج24، ص136، ح30175.)
5- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : أَقْرَأَنِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) شَيْئاً مِنْ كِتَابِ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ، فَإِذَا فِيهِ : «أَنْهَاكُمْ عَنِ الْجِرِّيِّ وَالزِّمِّيرِ وَالْمَارْمَاهِي وَالطَّافِي وَالطِّحَالِ» . (الوسائل : ج24، ص130، ح30155.)
هل سمكة الجري تحيض ؟
الإجابة :- سمكة الجرّي أنواعها كثيرة ، فمن تلك الأنواع سمكة الجريث (سمكة الثعبان) التي ورد خبرها عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّد الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «جَاءَ قَوْمٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بِالْكُوفَةِ وَقَالُوا لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ هَذِهِ الْجَرَارِيَ تُبَاعُ فِي أَسْوَاقِنَا ! فَتَبَسَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ضَاحِكاً ثُمَّ قَالَ : قُومُوا لِأُرِيَكُمْ عَجَباً وَلَا تَقُولُوا فِي وَصِيِّكُمْ إِلَّا خَيْراً . فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَوْا شَاطِئَ الْفُرَاتِ ، فَتَفَلَ فِيهِ تَفْلَةً وَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ ، فَإِذَا (((بِجِرِّيثَةٍ))) رَافِعَةٍ رَأْسَهَا فَاتِحَةٍ فَاهَا ، فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : مَنْ أَنْتِ الْوَيْلُ لَكِ وَلِقَوْمِكِ ؟ فَقَالَتْ : نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ ، فَعَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَلَايَتَكَ فَقَعَدْنَا عَنْهَا فَمَسَخَنَا اللَّهُ ، فَبَعْضُنَا فِي الْبَرِّ وَبَعْضُنَا فِي الْبَحْرِ ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي الْبَحْرِ فَنَحْنُ الْجَرَارِيُّ ، وَأَمَّا الَّذِينَ فِي الْبَرِّ فَالضَّبُّ وَالْيَرْبُوعُ . ثُمَّ الْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْنَا فَقَالَ : أَسَمِعْتُمْ مَقَالَتَهَا ؟ قُلْنَا اللَّهُمَّ نَعَمْ ! قَالَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِالنُّبُوَّةِ لَتَحِيضُ كَمَا تَحِيضُ نِسَاؤُكُمْ». (البحار : ج14، ص57، عن تفسير العياشي.) وَعَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :«لَا تَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَلَا الْمَارْمَاهِيَ ، وَلَا طَافِياً وَلَا طِحَالًا ؛ لِأَنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ وَمُضْغَةُ الشَّيْطَانِ» . (الوسائل : ج24، ص130، ح30156.)
فالجريث أو المارماهي التي هي كلمة فارسية معناها ثعبان السمك ثبت أنّها تحيض وفقاً لهذه الأحاديث الشريفة ، وهذه الأحاديث لم تذكر جميع أنواع الجرّي ، بل ذكرت الجريث فقط ، فلاحظ كيف أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قد قرن بين الجريث والدم والمضغة ! كل ذلك يدلُّ على أنّها تحيض . واكتشف العلماء أيضاً أنّ سمك السلور النحيف الكوري المستوطن أنّها تحيض ، وقد تمّ فحصها تشريحياً في كوريا وستجد التفاصيل في هذا الرابط :
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5915761
بيان قاعدة الأكل لطعام البحر :-
القاعدة الربانيّة في إباحة طعام البحر تكمن في أمرين اثنين ، أولهما أن نعلم بأنّ اصطياده قد تمّ بالطريقة الشرعية ، أي أنه اصطيد من الماء باليد أو بالشبك وهو حي ولم يمت في الماء ؛ وذلك لأن تذكية السمك أخذه (أي اصطياده) من الماء حياً . فَعَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّد الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «لَا تَأْكُلْ مَا نَبَذَهُ الْمَاءُ مِنَ الْحِيتَانِ ، وَلَا مَا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهُ» . (الوسائل : ج24، ص143، ح30193.) وَعَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ» . وَسُئِلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَمَّا يُوجَدُ مِنَ السَّمَكِ طَافِياً عَلَى الْمَاءِ أَوْ يُلْقِيهِ الْبَحْرُ مَيْتاً ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «لَا تَأْكُلْهُ» . (الوسائل : ج24، ص143، ح30194،30191.)
وفي حال عدم معرفة حال السمك الميت هل هو مذكى أم لا فتؤخذ السمكة ثم تطرح في الماء فإن طفا على الماء مستلقياً على ظهره فهو غير مذكى ، وإن كان طافياً على وجهه فهو مذكى . عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «إِنْ وَجَدْتَ سَمَكاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَذَكِيٌّ هُوَ أَوْ غَيْرُ ذَكِيٍّ - وَذَكَاتُهُ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ حَيّاً - فَخُذْ مِنْهُ فَاطْرَحْهُ فِي الْمَاءِ ، فَإِنْ طَفَا عَلَى الْمَاءِ مُسْتَلْقِياً عَلَى ظَهْرِهِ فَهُوَ غَيْرُ ذَكِيٍّ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ ذَكِيٌّ . وَكَذَلِكَ إِذَا وَجَدْتَ لَحْماً ، وَلَمْ تَعْلَمْ أَ ذَكِيٌّ هُوَ أَمْ مَيْتَةٌ ، فَأَلْقِ مِنْهُ قِطْعَةً عَلَى النَّارِ ، فَإِنِ انْقَبَضَ فَهُوَ ذَكِيٌّ ، وَإِنِ اسْتَرْخَى عَلَى النَّارِ فَهُوَ مَيْتَةٌ» . (الوسائل : ج24، ص144، ح30199،30191.)
والقاعدة الثانية أن يكون السمك من ذوات الصدف أو الفلس (القشور) ، فالأسماك التي لاقشر لها (فلس) تكون معرضة لحمل السموم الضارة والبكتريا بسبب العادات الغذائية التي تتصف بها تلك الأسماك أو الكائنات البحرية ، بينما الأسماك التي لها قشر تكون محمية من البكتيريا والسموم أكثر بسبب قشورها (فلسها) . وبيّنت دراسات عديدة أنّ هناك أنواع كثيرة من بكتيريا سلبية الغرام (Gram-negative bacteria) التي تعيش في المياه الحارة وفي تربة البرك والأنهار ، حيث تنتقل هذه البكتيريا بالتلامس مع السمكة بمجرد ازاحة الطبقة اللزجة التي تغطي السمكة اللاقشرية ، وهناك عدة أمراض رئيسية تسببها هذه البكترية منها (Columnaris) تظهر أولاً في الأسماك عن طريق التسبب في زعانف مهترئة وخشنة ، يتبع ذلك ظهور تقرحات على الجلد وفقدان لاحق للبشرة ، يمكن التعرف عليه على أنّه بقع بيضاء أو ضبابية تشبه الفطريات . وهناك أيضاً طفيليات الـ(Ciliates) التي يوجد منها أكثر من 13 نوع تعيش على جلود السمك الذي ليس عليه قشر ، وتعتبر مشكلة بالنسبة للأسماك اللاقشرية لأنّها تسبب مرض البقعة البيضاء .
1- عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّد الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أنَّهُ قِيلَ لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، إِنَّا نُؤْتَى بِالسَّمَكِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ ؟ فَقَالَ : «كُلْ مَا لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ ، وَمَا لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ فَلَا تَأْكُلْهُ» . (الوسائل : ج24، ص127، ح30146.)
2- عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «كَانَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بِالْكُوفَةِ يَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، ثُمَّ يَمُرُّ بِسُوقِ الْحِيتَانِ فَيَقُولُ : لَا تَأْكُلُوا وَلَا تَبِيعُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ» . (الوسائل : ج24، ص128، ح30149.)
3- عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ فَلَا تَقْرَبْهُ» . (الوسائل : ج24، ص128، ح30150.)
4- عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) كَانَ يَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ يَمُرُّ بِسُوقِ الْحِيتَانِ فَيَقُولُ : أَلَا لَا تَأْكُلُوا وَلَا تَبِيعُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِشْرٌ» . (الوسائل : ج24، ص129، ح30151.)
5- عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَر الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «كُلْ مِنَ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ فُلُوسٌ ، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ فَلْسٌ» . (الوسائل : ج24، ص129، ح30152.)