أقوى عاصفة شمسية في التاريخ.. تفاصيل رائعة عن حدث كارينغتون
اليوم يشغل العلماء أقمارا صناعية لديها أدوات قادرة على مراقبة طقس الفضاء والشمس من أجل اكتشاف العواصف الشمسية قبل أن تضرب الأرض، والاستعداد لها.
الرياح الشمسية تلهب الأرض بعاصفة مغناطيسية جديدة (غيتي)
تستمر الرياح الشمسية من البلازما الساخنة في إلهاب الأرض بعد أن أصدر العلماء تحذيرا تنبؤيا بهبوب عاصفة مغناطيسية على الأرض خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وكما أشار إد براون في مقاله بمجلة "نيوزويك" (Newsweek) الأميركية، واعتبارا من وقت متأخر من صباح يوم الثلاثاء 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بالتوقيت العالمي، تم تصنيف العاصفة الشمسية من قبل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "إن أو إيه إيه" (NOAA) بأنها معتدلة القوة.
وهذا الأمر يعني أنها يمكن أن تطلق إنذارات فولتية في أنظمة الطاقة القائمة على خطوط العرض العالية، مما يتسبب في تشويش الأقمار الصناعية، وربما ينتج الشفق القطبي في نصف الكرة الشمالي منخفضا في نيويورك وواشنطن.
لقد اكتسبت العاصفة الكثير من الاهتمام خلال يوم الثلاثاء الماضي أو نحو ذلك، وعلى الرغم من أن لديها القدرة على إحداث بعض الاضطراب، فإن هذا الحدث الشمسي ليس في الواقع قويا بشكل ملحوظ مقارنة ببعض الحالات الموثقة.يقيس مقياس قوة العاصفة الشمسية، المعروف باسم "مؤشر كيه" (K-index)، الاضطرابات في المجال المغناطيسي للأرض ويتراوح بين 0 و9. وقد بلغ مؤشر الطقس الفضائي اليوم ذروته عند 6.
وللتعرف على ما يمكن أن تفعله عاصفة شمسية مهمة حقا، لا تنظر إلى أبعد من "حدث كارينغتون" (Carrington Event) عام 1859.
حدث كارينغتون علامة على أقوى عاصفة شمسية مسجلة عام 1859 (الصحافة الأميركية)
حدث كارينغتون
تمت تسمية حدث كارينغتون على اسم عالم الفلك البريطاني ريتشارد كارينغتون، الذي كان مهتما بشكل خاص بمراقبة الشمس، والمناطق المظلمة على سطحها المعروفة بالبقع الشمسية.
ففي الأول من سبتمبر/أيلول 1859، كان كارينغتون يحدق في الشمس من خلال منظار (تلسكوب) مزود بمرشحات واقية داكنة. وفجأة، رأى وميضا من الضوء الأبيض من بقعة شمسية.وفي غضون يوم واحد، بدأت تحدث أشياء غريبة في جميع أنحاء العالم. أضاءت سماء الليل فجأة بألوان زاهية وظهرت أضواء راقصة في نصف الكرة الشمالي حتى الجنوب مثل بنما في أميركا الوسطى.
كانت الأضواء مشرقة جدا لدرجة أن الناس كانوا قادرين على قراءة الصحف على ضوء الشفق وحده، وفقا لما ذكرته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، وقد تم جمع ونشر عدد من تقارير شهود العيان في دراسة قادها جيمس غرين كبير علماء "ناسا" (NASA) في عام 2006، بعنوان تقارير شاهد عيان عن العاصفة الشفقية العظيمة لعام 1859.
ووفقا لتقرير أميركي لصحيفة "روكي ماونتين غولد ريبورتر" (RockyMountain Gold Reporter) في الثالث من سبتمبر/أيلول من ذلك العام، بدأ الضوء في حوالي الساعة 11 مساء.
وتابع شاهد العيان "حوالي الساعة الـ11 والنصف بدأ الليل يأخذ مظهر بداية الفجر، وفي غضون ساعة كان نور النهار تقريبا، وأصبحت النجوم، التي كانت قبل ذلك ساطعة، غير مرئية"."وفي الساعة الواحدة بدأ الضوء يتلاشى، وفي غضون ساعة اتخذت السماوات مظهرها المعتاد وتألقت النجوم أكثر من أي وقت مضى".
ويقول نص من صحيفة "واشنطن ديلي ناشيونال إنتليجنسر" (Washington Daily National Intelligencer) في اليوم نفسه "لا شك في أنه كان من الممكن قراءة الطباعة الكبيرة بسهولة، لأننا نستطيع أن نشهد أن ساعات اليد كانت مقروءة بسهولة".
يمكن لعاصفة شمسية بمقياس حدث كارينغتون اليوم أن تلحق أضرارا بالغة بالأقمار الصناعية (دويتشه فيله)
انهيار الاتصالات
وفي مكان آخر، تسبب الحدث في مشاكل في الاتصال. حيث تم ترك مشغلي التلغراف بخطوط عاطلة عن العمل فجأة لمدة 12 ساعة. وزعم أحد الحسابات الصحفية التي جمعتها دراسة غرين أن المشغلين في فرنسا رأوا شرارات قوية تتطاير عندما قطعوا دائرة من الأسلاك الموصلة.
وعلى العكس من ذلك، أفاد بعض الأشخاص بأنهم قادرون على التحدث مع بعضهم بعضا عبر التلغراف، على الرغم من عدم توصيل البطاريات بالأسلاك. وبدأ الناس في ربط حالات فشل الاتصال بالشفق القطبي.نحن نعلم الآن أن هذا الرابط موجود. حدث كارينغتون كان سببه عاصفة شمسية هائلة من شأنها أن تسبب اضطرابا واسع النطاق اليوم، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن اعتمادنا على الأجهزة الإلكترونية قد نما كثيرا.
ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، يمكن لعاصفة شمسية بمقياس حدث كارينغتون اليوم أن تلحق أضرارا بالغة بالأقمار الصناعية وتعطّل الاتصالات عبر الهاتف والراديو والتلفزيون، وتتسبب في انقطاع التيار الكهربائي. يُعتقد أن مثل هذا الحدث يمكن أن يحدث مرة كل 500 عام أو نحو ذلك.
اليوم، يشغل العلماء أقمارا صناعية مثل "GOES-16" التي لديها أدوات قادرة على مراقبة طقس الفضاء والشمس على أمل أن نتمكن من اكتشاف عاصفة شمسية قادمة قبل أن تضرب الأرض، والاستعداد لها وفقا لذلك.