معلقة دلال
1 قَدِمَت دَلالُ وَآنَ لي إجذالي
وَتَرومُ شِعراً يَبتَدي بِدَلالِ
2 مَرآها نورٌ بارقٌ فَتَنَ الحِجا
أسرَفتُ فيهِ بِخالِصِ استِقبالي
3 يا روحَ مَن مَلَكَت زمامَ أمورِهِ
أبغي مَديحَكِ شاهِقاً كَجِبالِ
4 وَإلى المصاحِفِ بِالمِدادِ لِتَرتوى
مِن خافِقي أو ما يجولُ بِبالي
5 ما وارِدُ الشّهدِ النَقيِّ بِظامئٍ
فَالشَهدُ مِنكِ بِخَتمَةِ الآمالِ
6 أحببتُ فيكِ أطايباً وشَمائلاً
تَروي مَكامِنَ شَهوتي وَخَيالي
7 لا أبتغي عِدلاً لِحُبِّكِ مُطلَقاً
فيكِ الجمالُ مُوافقٌ لِمَآلي
8 أرنو لِمَن بالقَلبِ طابَ مُقامُها
وتَرَبَّعَت مَقرونَةً بِمَنالي
9 لا تَخجَلي فالحُبُّ دامَ وفاقُهُ
كَي تُفصِحي عَن خاطِرٍ بِسؤالي
10 قولي دلالُ فَما يُوافِقُ بِالهوى
كَتمُ المَشاعِرِ لِلحبيبِ الغالي
11 الحبُّ مَجدٌ قد ينوءُ بسؤدَدٍ
للعاشقينَ وعِزّةٌ بِكَمالِ
12 إنّي بِحُبِّكِ جائرٌ ومغامرٌ
إذ ليسَ لي بالحادِثاتِ أُبالي
13 حَتفُ الفتى بِمَنيَّةٍ لا غَيرِها
والحُبُّ واحدةٌ كما الآجالِ
14 إنَّ المُحِبَّ بِصِدقِهِ يسمو على
كُلِّ الفَضائِلِ ..أطيَبِ الأحوالِ
15 إنّي بِحُبِّكِ يادلالُ مفاخرٌ
والعاشقونَ حِيالَنا كَخيالِ
16 ياناظراً في ربوةٍ شمّاءَ هل
يُدني الجمالُ بحدَّةِ الآصال
17 ترنو لنا كالخيزرانِ إذا دَنَت
فَرَمَت جَدائلَ شَعرِها بتعالِ
18 والثغرُ بَدرٌ إذ يُحاطُ بِمُسدَلٍ
كالليلِ يَسجو أو كَما الأكحالِ
19 والقَلبُ في سَمَرٍ بِذلكَ والِهٌ
بِحَبيبةٍ هيَ مَضرِبُ الأمثالِ
20 لَمّا دَنَوتُ فَقَد قُتِلتُ بِحُسنِها
عِشقاً ولَيتَ القَتلَ مِن آزالِ
21 تَجفو الأنامُ بِعَيشِها من مَقتلٍ
وأنا أرومُ مَنِيَتي بِدَلالِ
22 أهوى طِباعاً مِن جنونِ مُهَلوِسٍ
في حُبِّها.. والعَقلَ كَالأوصالِ
23 في كَفِّها متَقَلِّبٌ بِمَرامِها
مِنهُ الأوامِرُ لَيسَ لي بِجِدالِ
24 ما مِن ذَليلٍ بِالمَذَلَّةٍ مُكرَمٌ
وكَرامَتي بِالعِشقِ بِالإذلالِ
25 مَلَكَت زِمامَ الجودِ جودِ مَحَبَّةٍ
قَد فاضَ منها الحبُّ كالشَّلالِ
26 يَعروهُ طيبٌ في بَراءَةِ طِفلَةٍ
في لَهفَةٍ كَمَحاسِنِ الإهلالِ
27 وَلَنَفحَةٌ مِن عِطرِها طابت لها
نَسَماتُ ما بالكونِ في إذهالِ
28 ألفيتُ مِنها كالوفاءِ بِحُسنِهِ
عَهداً بِإخلاصٍ لهُ إجلالي
29 وطَفِقتُ أنشأُ للصِّبا بِمكامِني
ذَهَبَ المَشيبُ ولا بِذاكَ أُغالي
30 هيَ بَلسَمٌ لِلروحِ في جَنَباتِها
ما عِلَّةٌ وَشِفاؤُها بِمُحالِ
31 وترى المشاعرَ تَستَقي مِن عَطفِها
خَلفَ الضلوعِ منازِلٌ لِدَلالِ
32 تَرمي الهَوى مِن طَرفِ لَحظٍ عارِمٍ
فَتَكَ الجَوى بِخوافِقِ الأبطالِ
33 يادُرَّةً قَلِقَ الحَشى بِمُعذَّبٍ
قَد حارَ بِالأفعالِ والأقوالِ
34 وجَواهراً لَيسَت كَما لأميرةٍ
في زينَةٍ بَل غايةُ الإذهالِ
35 تاهَت بفكرٍ لِلحَبيبِ رَزانَتي
عَجَباً فَفيهِ نَوادِرُ الأشكالِ
36 في فِكرِها لِلعيِّ مَحضُ طَلاسِمٍ
في داءِ ما في العَقلِ بِاستفحالِ
37 أو مُزمِنٌ في دائِهِ مُتَحَيِّرٌ
قد ضاقَ بِالأسقامِ بالإكمالِ
38 نَظَرٌ بِحِدَّةِ لَيزَرٍ كَأشعَّةٍ
قَد خاطَ جُرحَ القلبِ في إدمالِ
39 هيَ صُحبَةٌ طابَت وَطابَ نَديمُها
فيها أُفاخِرُ وِحدَةَ استِقلالي
40 هيَ ناعِسٌ للطَرفِ شِبهُ غَزالةٍ
وَحَنينُ يَطوي صفحةَ اضمِحلالي
41 إنَّ المَدامِعَ لَن تَكُفَّ بِدَمعِها
لكنَّ دمعَ السّعدِ بِالإقبالِ
42 وَأنينُ قَلبِيَ قَد تَبَدَّلَ مُنشِداً
لِلحُبِّ يَشدو أروعَ الموّالِ
43 لِحبيبةٍ يَسري هَواها في دَمي
مُستَفسِراً عَن نَشوَتي بِسؤالي
44 وَخِطابُها تَنسَلُّ مِنهُ جَواهِرٌ
وَعِتابُها للقلبِ مَحضُ زُلالِ
45 وَوَدَدتُ إن زَلَّت وَعِلميَ لَم تَزِل
لَغَفَرتُها فَوراً ويهنأُ بالي
46 كانت لِغُصنِ الروحِ مُذ هو يابسٌ
غَيثاً فَعادَ طراوةً بِبَلالِ
47 والليلُ صُبحٌ لو دَجا بِنَعيمِها
والصُّبحُ لا نفعٌ وكَالمِعزالِ
48 ولِحُسنِها بَصُرَ الضريرُ مُرادَهُ
وَتَرى الأصَمَّ يَجودُ بِالأقوالِ
49 وَإذا الفتى في حبِّهِ مُستَمسِكٌ
لا يَرعَوي بِنَميمَةِ الأنذالِ
50 وَعَجِبتُ مِن خِلَّينِ عِندَ مُلِمَّةٍ
لا حِلمَ يَبدو بَينَهُم كَخِصالِ
51 ما كانَ حُبُّ المرءِ مَحضَ دُعابَةٍ
بَل بِالضَميرِ بِكامِلِ الأحمالِ
52 ما كانَ مِمن قَد مَلَكتُ وِدادَها
رَغمَ المَصاعِبِ غِلظةً وَتَعالِ
53 أو كانَ مِنّي بِالصِعابِ تَهَوّراً
أو أغتَدي بالسوءِ كالأبطالِ
54 وَأُشَمِّرُ الذِرعانَ نَحوَ رَقيقَةٍ
بِنتِ الأُصولِ وَمَعدِنِ الإجلالِ
55 واللهِ إنّي كَالأميرةِ رُمتُها
بِمَعَزَّةِ الأعمامِ والأخوالِ
56 هيَ شُعلَةٌ مِن حُسنِ فيضِ مَشاعرٍ
وَجَزيرَةٌ لِلزَهرِ بِالأشكالِ
57 هيَ ثَروتي في كلِّ خَيرٍ مَغنمٌ
بَل ثورةٌ سَحَقت بِحالٍ بالي
58 حالَ الحَلالُ بِحالِنا بِتوافِقٍ
ما حَلَّ بِالأحوالِ غَيرَ حَلالِ
59 أهنا وتَهنأُ في مَعيشَةِ قانِعٍ
ماهانَ راضٍ في رُبى الإذلالِ
60 طابَ المُقامُ وَفي زوالِ تَعاستي
قَد حُزتُ عَرشَ الحُبِّ بِاستِحلالِ
61 وَطَفِقتُ أنشُدُ لِلهوى بِمَعازِفٍ
نَغَمَ الحِجازِ كَرَغبَةِ الأطفالِ
62 بينَ الضلوعِ وَفي حَنايا لَهفتي
ماخابَ مَن نالَ الهوى كمنالي
63 يا سائِلي بالحُبِّ فَهوَ مَداركي
وَثَقافَتي وتَعَلُّمي وَكَمالي
64 وَطَبيعَتي وَمَهارتي وَسَجِيَّتي
وَتَحَدُّثي بِعَجائبِ الأقوالِ
65 وَعَدَوتُ ما جَهِلَ المَعارفَ من جَهِل
وَعَلِمتُ ما كان الذي كَمُحالِ
66 كُنتُ الصَبورَ بِها بِكُلِّ بَلِيَّةٍ
والصَّدرُ في رحبٍ كَما المِرفالِ
67 لا ضَيرَ إن أسررتُ أو كَمُجاهِرٍ
في حبِّها.. فَمَناهِجٌ لِعِيالي
68 أحسَستُ مِنها كالظِّلالِ بِدَهشَةٍ
قَد خِلتُ ظِلَّ الباسِقاتِ ظِلالي
69 ألبستُها بالجيدِ عِقدَ جَواهرِ
كانت بِروحي أعظَمَ الأنفالِ
70 لِلنَفسِ غاياتٌ قُبَيلَ غَرامِها
كُلٌّ تَحَقَّقَ بَل وَعَفَّ سؤالي
71 هيَ فارِقٌ بَينَ النعيمِ وضِدِّهِ
وَنَعيمُها مِن بارئِ الأبدالِ
72 وَلها سَماءٌ بِالعطورِ تَلَبَّدت
مِسكٌ وعودٌ ..عنبرٌ بِتَوالي
73 أنّى وجدتَ العِطرَ حولَ فَسيحَةٍ
علماً فَمنها العطرُ وهوَ مثالي
74 مَجدُ الفتى ما كانَ جَمعَ جَواهِرٍ
بَل جَمعَ نُدمانٍ بِراحَةِ بالِ
75 مانفعُ مَن مَلَكَ الكنوزَ مُجاهدا
بالليلِ يَغدو في هُمومَ ثِقالِ
76 وَحَبيبتي كَنزٌ وَآيَةُ خالقٍ
حمدا وشكرا للإلهِ العالي
77 ومعاجزٌ يحوي الكيانُ لِخِلقةٍ
سبحان من بَعَثَ النَعيمَ حِيالي
78 إن فارَقَت فالسُّهدُ نادَمَ وِحدتي
وعَبيرُها قَد فاحَ بِالأطلالِ
79 أو أقبَلَت كالشَّمسِ حينَ شُروقِها
وَكأنما بالعيدِ هَلَّ هِلالي
80 الحظُ نالَ من الحياةِ عذوبةً
والعشقُ إرثٌ كانَ لِلأجيالِ
81 أُطري الحَبيبةَ مِن خِصالٍ عِفةً
ولَرُبَّما الإطراءُ في إكلالِ
82 وَأرومُ مَدحاً في جَميلِ شَمائلٍ
إذ لَم تَكُن سُننُ المديحِ منالي
83 فَلها إلى سُبُلِ المَديحِ شَرائِعٌ
وَلَها قَواميسٌ كَتَلِّ رِمالِ
84 أأقولُ فيكِ مُتَيَّمٌ أم هائمٌ
أم عاشِقٌ أم شاردٌ بِخيالي
85 لَم أرضَ من قَيدِ الغرامِ تحَرراً
بل انتشي بالقَيدِ وَالأغلالِ
86 فالحُبُّ بَحرٌ إن عَلَت أمواجُه
فَهيَ الأمانُ وَزَحمةُ الأفضالِ
87 وَيدومُ أمناً دافئاً في لُجِّهِ
ضِدَّ البُحورِ مُبَدِّدُ الأهوالِ
88 وحبيبتي بِالحُبِّ جَمعُ فَضائلٍ
وَجَمالُها لَمُعَزِّزٌ لِجَمالي
89 مِنها الفَصَاحَةُ تَستَمِدُّ بَديعَها
وبلاغةٌ والنحوُ بِاسترسالِ
90 وَقعُ الخُطى بالقلب كانَ كَنغمَةٍ
ومُعَزِّزٌ لِلنَبضِ بِالمكيالِ
91 وَذُهِلتُ مِن غَنَجِ الحَبيبةُ بِالحِجا
وَمَداركي غُلِبت وبِاستبسالِ
92 هيَ فَرحةُ الماضي وَنَشوَةُ حاضِرٍ
وَجَميلُ ما نَبغي مِنَ المُتَعالِ
93 اللهُ يَعلَمُ بِالقُلوبِ وَلُبِّها
وَهَبَ القلوبَ بِما نَوَت بِالحالِ
94 وَلَهُ المَحامِدُ ما عَلِمتُ ولم اكن
بِالعِلمِ ..إنّي لِلعَظيمِ أُوالي
95 رَبّاهُ إنَّ دَليلَتي بِسَريرَتي
غَذَّت حَنايا الروحِ بِالإجمالِ
96 فاحفَظ لَها ما بِالفؤادِ مَوَدَّةً
لا لِلجَفاءِ.. مُعَزِّزِ الأهوالِ
97 يامالِكَ المُلكِ العظيمِ لَكَ الرِّضا
حَمدا لِرَبٍّ واهِبٍ مِنهالِ
98فلقد خلقتَ لنا الجمالَ بروعةٍ..
وبدقةٍ ومهارةٍ وجلالِ
99فعظيمُ قدرِكَ بالكمالِ مُجَمِّلٌ
فينا الحفاوةَ في رضىً وحلالِ..
100قلبي وما مَلكتْ حياضُ جوارحي..
عبدٌ فهَبْ لي مُبتغايَ دلالي
اسماعيل القريشي
الأثنين ٢٠٢١/٨/٣٠
يوتيوب اضغط هنا